خطة (ب) في سورية!
محمد أبو رمان
الغد الاردنية
وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، استناداً إلى مصادر من داخل الثورة
السورية، فإنّ الأردن خرج عن حياده تجاه الأوضاع في سورية، وبدأ بتسهيل
عملية مرور السلاح إلى داخل الأراضي السورية، واندمج بصورة أكثر فاعلية
في الاقتراب لترتيبات اليوم التالي لسقوط النظام السوري.
على الفور، قام وزير الإعلام، الزميل سميح المعايطة، بنفي ما ورد في هذا
التقرير. وبغض النظر عن المعلومات التفصيلية فيه، إلاّ أنّ المؤشرات
الموضوعية والواقعية تؤكّد أنّ تحولاً جوهرياً حدث في قراءة "مطبخ
القرار" في عمان، باتجاه ضرورة المساعدة في تسريع الوصول إلى المرحلة
الانتقالية، ما يعني إضعاف أوراق قوة الرئيس الأسد، وتسهيل قبوله بالحل
السياسي.
تفضّل الأطراف الدولية الأساسية، الولايات المتحدة وروسيا، اليوم، الحلّ
السياسي والمرحلة الانتقالية، ورحيل الأسد. إلاّ أنّ إحدى نقاط الخلاف
التي تحول دون الوصول إلى هذا الاتفاق، تتمثّل اليوم فيما إذا كان رحيل
الأسد شرطاً للحل السياسي (موقف أميركا والمعارضة السورية)، أم أنّه
نهاية المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات (موقف روسيا والأسد نفسه).
لم يعد مطروحاً بقاء النظام السوري الحالي، حتى ضمن الحل السياسي. لكن،
يحاول كل طرف دولي وإقليمي ومحلي تجيير هذا الحل لصالح رؤيته. وهو ما
يدفع بـ"المعسكرين"، في سياق الحرب بالوكالة التي تدور حالياً في سورية،
إلى العمل على ترجيح كفّة كل منهما على الأرض، عبر تحقيق مكتسبات جوهرية
لتغيير موازين القوى وفرض أجندته ضمن هذه الصفقة.
نقطة التحول التي أدت وستدفع باتجاه تغييرات كبيرة في المقاربات الدولية
والإقليمية تتمثّل في أنّ الإدارة الأميركية بدأت تشعر بخطر "القاعدة"
وانتشار السلفية الجهادية مع استمرار الصراع. وهي تجد أمامها للوقوف في
وجه هذا الانتشار خيارين: الأول، دعم الرئيس الأسد، وهذا مستحيل في سياق
المعادلات الراهنة، بالرغم من محاولة الأسد اللعب على هذه الورقة مؤخراً؛
والثاني، دعم الطرف المعتدل أو الذي يمكن أن يواجه "القاعدة" ويقف ضد
أجندتها في سورية (كما حدث في تحول الصحوات في العراق في العام 2007؛
ومثّلت الضربة القاضية للقاعدة)، ويتمثّل بدرجة رئيسة في مجموعات مضمونة
في الجيش السوري الحرّ، وهذا ما تمّ إقراره فعلاً.
ضمن هذه القراءة، فإنّ "مطبخ القرار" في عمان ينظر بقلق شديد لصعود
"القاعدة"، ويدرك تماماً أنّ إطالة الصراع على الحدود الشمالية ستعزز من
حضورها، وضرب الأمن الوطني الأردني، ما يعني ضرورة إعادة النظر في
المقاربة الرسمية تجاه ما يحدث في الشمال، مع بروز قناعة جديدة في عمان
بعدم إمكانية نجاة الأسد وبقاء نظامه.
صحيح أنّ عمان تفضّل –بالضرورة- الحل السياسي، وتقاوم ضغوط التدخل
العسكري المباشرة في سورية، إلاّ أنّها بدأت تدرك تماماً أنّ البقاء على
الحياد يعني موقفاً سلبياً تجاه المصالح الأردنية، وانتظار انتشار
"القاعدة" وتمدّدها، وحربا أهلية على الحدود الشمالية.
ما هو أخطر من ذلك، أنّ المعطيات الواقعية تشير إلى أنّ النظام السوري
بدأ عملياً بتنفيذ خطة (ب)، وتتمثل في تقسيم سورية واقعياً، لإغراق
المنطقة في حالة من الفوضى. وهو ما بدأ فعلاً عبر تسليم النظام السوري
مدناً كاملة للأكراد، وقيامه بتسليح العلويين، وتنظيف المنطقة المحيطة
بهم، ومحاولة تسليح المسيحيين.
أمّا خطة (ب) الأردنية، فتتمثّل حالياً في المساهمة في تغيير موازين
القوى على الأرض، عبر دعم المعارضة وتوحيد صفوفها، والإعداد لليوم التالي
لنظام الأسد سياسياً وأمنياً، ما سيجبر الروس على تليين موقفهم في "الحل
السياسي"، ويحدّ من خطر الحرب الأهلية والتقسيم والفوضى، ويفشل خطة (ب)
للنظام السوري!
التطورات الأخيرة تؤذن بتسارع كبير في الأوضاع في سورية، بعد أن انتقل
الجميع إلى خطة (ب)!