سيدى الرئيس مرسي

قال احد العارفين

إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيم أقامك

المختصر/ أعانك الله سيدى الرئيس، فقد مر بك (تلاتين يوم فى السجن) أقصد فى القصر الرئاسى، وأنفاسك محسوبة، وخطواتك معدودة، وتصريحاتك مرصودة، والملأ يأتمرون بك ليقتلوك، والفلول يتربصون بك ليسقطوك، والحاقدون يُشيعون، والرافضون لخير الأمة يخططون، والأسلحة كثيرة ضدك يا سيدى.. إنها ليست رصاصًا ولا (نابالم) ولا يورانيوم منضبًا، لكنها أشد فتكًا، وأبعد أثرًا، وأعمق جراحًا، وأكثر إيلامًا.. إنها أسلحة الأنذال يا سيدى الذين تحدثت عنهم فى مقالة فائتة.

أتعرف أسلحة الأنذال يا سيدى؟ لا أظن فخامتك تعرف، لأنك لست من الفلول، ولا من الذيول، ولا من أصحاب الأقنعة، ولا من الباكين على مجرم يرفعونه قديسًا، ولا بلطجى جعلوه رئيسًا.. فخذ عندك يا سيدى:

= سلاح التقليل: يمكنك يا سيدى أن تنظف البلد شارعًا وشارعًا، وحارة حارة، ويرى الناس جميعًا ذلك، ويحسون بفارق لم يشهدوه من أربعين سنة، لكن عصابة خُط الحكومة سيكتبون: وإيه يعنى؟ إيه نضافة الشوارع دى؟ نظف لحيتك أولاً، ونظف قلبك الأسود، ونظف.. ونظف.. كأنهم مطلعون على القلوب، يحاسبون على الذنوب وهم حتى الأذقان فى الذنوب!

يمكن أن تقدم إنجازات فى شهر كامل، لم يقدمها أحد قبلك فى عشر سنين، لكنهم سيتجاهلونها، ويقللونها، ويشوهونها، ويحقرونها.. تدرى لماذا يا سيدى؟

لأنك لست أحمر الذيل، صاحب عزبة تريد أن تستمر فى احتلاب أهلها، كما كانوا يفعلون! ولست ذا أجندة، أو مدمن (غرز ثفافية فِشنك)، أو مناضل ميكرفونات، أو حشاشًا، أو (هَلَكُوك النسوان) كما قال أحدهم عن نفسه!

= = وسلاح التشهير: وهم يا سيدى أساتذة فى التلفيق والتشهير، وسيتكلمون عن السيدة الفاضلة التى اشترت على الساحل الشمالى 30 "شاليه"، والابن الأوسط الذى ضبط يلعب القمار فى بار، والأكبر الذى وضع يده على عشرة آلاف فدان من أجود الأرض حول الزقازيق، وصاحبك حبيبك الذى سهلت له صفقة بترول فى السوق السودا، وكأنك يا سيدى طوال عمرك السابق لم تكن أستاذًا فى الهندسة بل أستاذ فى الفساد واكتناز المال ونهب الدولة، وأن مبارك بجانبك تلميذ، وجمال بجانب اسم النبى حارسه غلبان لا يملك شيئًا!

ولن يصيبك (العيار) وحدك، أو (يدوِش) سيادتك وحدك، بل كل وزرائك، ومستشاريك، ومن حولك، سيصيبهم (من الطيب نصيب) وستظهر بركات سيدى (الفوتوشوب) والكوريل دور، والإليستريتر، والتقنيات الصوتية، والبدع الفنية، وشغل المونتاج الملفق!

وهم يا سيدى أساتذة فى هذا الباب، كانوا موظفين من أجله فقط فى عهد مبارك، يصنعون الشائعات، ويفضحون المساتير، ويشهرون بالأنقياء، ويورطون الأبرياء، وأجورهم السحت كلها من الافتراء، والكذب على خلق الله المطلع على سرائر الأغبياء!

= = وسلاح التحقير من أكبر أسلحتهم يا سيدى الرئيس، فأحدهم بصمجى ثقافى، وتاجر كلام، وكاتب تقارير، لكن لسانه (مبرد) على أستاذ جامعة، أو مفكر ضخم، أو أديب فحل، أو مبدع أصيل، أو داعية طاهر، يستطيع أن يهدمه بقساوة جلاد، وأن يثنيه بمطرقة حداد، وغرف جهنم تسكن عقولهم، والملفات الملفقة على مكاتبهم، وتقارير سحل الدولة فى متناولهم.

وهذه من أهم مهاراتهم وخبراتهم يا سيدى: تحقير أهل العطاء، والبحث عما يقلل أثرهم: تنظيف البلد؟ تظاهر/ البحث عن الفقراء؟ اللى بدقون بس/ فتح القصر للناس؟ نفاق/ اختيار فريق رئاسى؟ عملاء منافقون وإخوان مسلمون وقتلة متمرسون!

= = وسلاح التأليب: إنهم يا سيدى – بعد أن كانوا لا يتنفسون إلا بعد لحس حذاء مخبر أمن دولة - سيحركون (طوب الأرض) ضد الدولة، سيحركون المظاهرات، سيقطعون الطرقات، سيثيرون الفئات، سيقيمون التكتلات، سيرفعون القضايا، سيستفزون الناس، (سيرمون جتتهم) ويجرحون وجوههم أو أيديهم بمطواة، ويقولون إن سيادتك فعلت ذلك، أو أمرت رجالك وجلاديك بذلك!

فقط لأنهم لا يريدون إلا أنفسهم، ومصالحهم، وفكرهم (بل فشلهم المزمن):

الناصريون يريدون أن يحيوا عبد الناصر رحمه الله: المعصوم الملهم العبقرى الأوحد الضخم الفخم المعلم الديمقراطى الــ...

واليساريون لا يزالون يحلمون بجنة لم ينجحوا فى العثور عليها فى الدنيا، ولن يدخلوها فى الآخرة ما داموا يظنون أن الله سبحانه غير موجود، وأنهم آلهة الدنيا، وأن البشر مجرد (نمل شغيل) يأكل ما يكفيه، ويعمل مثل حمار الساقية..

والفلول يريدون مبارك حامى الحمى وأبو جمال وعلاء ورمز الرخاء ومنقذ الديار وصاحب الضربة وناصر السنة وقامة البدعة..

والمتعلمنون يريدونها مفتوحة (على البحرى) على منهج إيناس وغادة ودينا وعادل بتاع، وهذه العينة من الناس المفاليت الذين لا يردعهم دين، ولا يمنعهم خلق..

فإن وافقتهم سكتوا ورفعوك ودخلت جهنم يا سيدى الرئيس!

وإن خالفتهم فتحوا عليك جهنم الدنيا، ولم يتركوا إلا أن يواريهم التراب، فهم لدُّ الخصومة، فجرة فى القتال!

= = والفن الهابط من أكبر أسلحتهم يا سيدى: ورمضاننا خير شاهد: كمّ من الفساد هائل، وكم من العرى مقزز، يعرض فى الشهر الفضيل، وباتت سيرة حياة المناضلة تحية كاريوكا أهم من صلاة التراويح، وبطولات عادل شوازنيجر البلهاء أهم من ختم القرآن، ومتابعة قصة راقصة شعبية مسجونة على يد رجل أعمال فاسد، ثم تصير نجمة مجتمع مخملى، أهم من الاهتمام بمصائب البلد، والاجتهاد فى إثبات أن النهوض بها على أيدى فيفى عبده ودينا ويسرا وسوسن بدر وسعد الصغير وريكا الأنتيكة، وهذه العناصر التى ترصف الطريق للأمة نحو الهاوية، وتعطيها جرعات من المخدر تفقدها هويتها وشرفها وكرمتها ودنياها وآخرتها!

= = وسلاح الإفساد فى الأرض من أقوى أسلحتهم:

مر يا سيدى بتنظيف البلد، وسيقومون هم بتحريك ضباعهم (لتزبيل) الشوارع ثانية، ونقل القمامة للميادين، وإفساد ما يفعله الطيبون الذين قاموا بالتنظيف، وفيهم أساتذة جامعات، وعلماء ومفكرون.. وتخيل أن يقاوم (الواد حكشة المقص) جهود الدولة مقابل خمسين جنيهًا.. يا بلاش!

مر يا سيدى بالاهتمام بالشرائح المهمشة وسيستأجرون منهم من يشوش عليك بينهم، ويثير بينهم الشائعات والأكاذيب..

مر بالاهتمام يا سيدى بالتعليم وسيبذلون جهدهم لنشر مناهج التيئيس والتثبيط والاستخفاف، لأنهم عاشوا على دماء الجهلة، وراجت بينهم أفكارهم، ورفعوا وسطهم شعاراتهم..

أسلحتهم كثيرة يا سيدى.. أكثر من ذلك بكثير، (وياما فى الجراب يا حاوى)، فما أسلحة سيادتك يا سيدى لمواجهتهم؟

اسمح لى أن يكون هذا موضوعى القادم!

واسمح لى بكلمة مكثفة ستفهمها حضرتك بالتأكيد قالها أحد العارفين:

إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيم أقامك!

المصدر: المصريون