أندال.. هانقول إيه!؟
عبد السلام البسيوني
خلُقٌ يعرفه أهل المروءات، ويعيشونه سلوكًا ويقينًا: إذا ضعفوا، كانوا نبلاء كرامًا مترفعين، لا يعطون الدنية، ولا يقبلون بالنقيصة، ولا يتخلون عن سلوك الحياء، وعزة النفس، وصون الذات..
أما إذا قدروا – وكان لهم حق – فإنهم يتجاوزون، ويسامحون، ويقولون سلامًا، ولا يتوقفون أمام إساءة مسيء، ولا سفاهة سفيه..
هكذا فعل محمد صلى الله عليه وسلم لما قال لسفهاء قومه حين أمكنه الله منهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.. وهو المعنى الرفيع الذي قاله سيدنا الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه في أبياته النبيلة:
ملكنا فكان العفو منا سجيةً.........فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ
وحللتمُ قتل الأسارى وطالما.........غدونا عن الأسرى نمنُّ ونصفحُ
فحسبكم هذا التفاوت بيننا.........فكل إناء بالذي فيه يرشحُ
وهذا ما قاله أمير المؤمنين عبد الملك، لما أحرق رسائل تشي ببعض الخونة في جيشه، وقال قولته المشهورة: لا خائن في جيش عبد الملك..
وفي مقابل هؤلاء يأتي الأنذال اللئام، أو بلغة الشارع (الواطيين) الذين إذا قدر أحدهم بطش، وأفحش، وعض و(هبهب) وأفسد ودمر، وأهلك الحرث والنسل..
وإذا عجز تآمر، وخطط، وعمل في الظلام وتجسس، وتربص ودبر، وفكر وقدر..
أما إذا لم يأمن العقوبة فإنه تحول إلى كائن ذليل، يلعق الأحذية، ويحمل شنطة الخضار للست، ويقبل الأرجل قبل الرؤوس، ويتلون في اليوم ستين لونًا، ما دام التلون يحميه وينجيه..
حزب الأنذال يا سادتي هم الندابوان اللطامون، هم النوائح المستأجرات لحساب من أذلوا الأمة، الذين يريدونها أمة عاطلة مخدرة ذليلة، يحبس عنها رئيس إثيوبيا المياه، ويأمرها شيخ بترولي بضرب تعظيم سلام له، ويمن عليها خواجة سكسوني بالقمح، و(تؤدي التمام)كل صباح للصهيوني البغيض ساكن الكنيست!
والناظر إلى خارطة الحراك المصري سيلحظ بسهولة شديدة فئة المترفعين النبلاء، والأنقياء الشرفاء، الذين لا يجيدون الردح واللطم والنواح، في مواجهة فئة لاعقي الأحذية، والأجراء الذين يسيل حبر أقلامهم لمن يدفع، ويؤجرون حناجرهم لأعلى سعر.. ويريدون أن يعيدوا مصر لعهد ضرب التمام للبيادة العسكرية، وتقبيل يد حاخامات صهيون، والخضوع لميليس زيناوي!
ولك الله أيها المصري إن لم تنجح في التمييز بين الفئتين، أو آثرت لاعقي الأحذية على من يجتهدون في استعادة شرف الأمة، وعزها، ودينها، ومجدها..
اصح الله يرضى عنك.. اصح!
نخب (مخوخة):
حين تسمع لكلمة النخبة تظن أنك ستقابل أصنافًا من البشر (نقاوة) ذات قامات فكرية وقيمية وحضارية (وبلاش دينية) وإبداعية مدهشة..
ثم حين ترى أكثرهم على الشاشات أو على صفحات جرائد الضرار، أو على (الغرز الثقافية) ترى نفسك أمام جملة بلطجية (بؤ)، وإرهابيي فكر، وشبيحة ثقافة، منهجهم: أنا وفقط: الديمقراطية ما أراه أنا، والعدل ما أراه أنا، والحرية بمقاييسي أنا، والفكر ما في ذهني أيضًا، والقانون ما يرفعني أنا..
فإذا سلطت الضوء عليهم وفتحت الملفات وجدت نفسك أمام كائنات هزلية هزيلة، عارية مفضوحة، متناقضة مستهبلة، أنانية لصة، وصولية طفيلية، مرتشية هباشة، قانونها: أنا ومن بعدي الطوفان/ عض قلبي ولا تأخذ صلاحياتي/ معي أو عليّ..
إنهم لا يستحون من (النباح) على الرئيس وإهانته، وعلى اختياره لرئيس الوزراء: ووصلات الردح متشابهة كأنما (تواصوا به):
رئيسنا غير مناسب لأن اسمه مرسي/ لأ.. وآخر اسمه العياط/ دا حتى من الزقازيق/ رئيس وزرائه غير ملائم لأن اسمه هشام (وهل يصلح رئيس وزارة اسمه هشام؟)
صمت رئيسنا ضعف، واختياراته تكويش، وتفكيره مفيش، إنه فاشل، إنه مرتم في حضن زمبابوي، متحالف مع بوروندي!
إن الضباع لا تتركه يتنفس، فحملات العواء على أشدها:
من ألف ألف حنجرة/ وألف ألف بوق/ من ألف ألف جريدة/ وألف ألف جحر..
اصطبر أيها الرئيس؛ فقد ووجه سيدك وسيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله – وهو أكرم على الله تعالى من ألف محمد مرسي – بالمنافقين، وووجه باليهود المتربصين، وووجه بالضعاف الخائرين، وووجه بالأحلاف والمساندين، فما زاده ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا: (الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم، فاخشوهم، فزادهم إيمانًا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل، لم يمسسهم سوء)..
وصدقني سيدي الرئيس لن يمسك الواغش البشري النذل إلا بما كتبه الله عليك، وصدقني أيضًا أن ملايين الحناجر تدعو لك في رمضان: اللهم ثبت عبدك محمد مرسي، وارفع به مصر، وادفع به البلاء… فقل آمين.
وفيها إيه تمثيل سيدنا عمر؟
جزء من حياتي طويل مر في العمل الإعلامي والفني: في التلفزيون والإذاعة والصحافة والإنترنت والمسرح، إعدادًا وتأليفًا ومشاركة ورقابة ورصدًا واهتمامًا، فلست غريبًا عن الأعمال الفنية، ولست ضيق الأفق لأغلق الأبواب، وأسدل الستائر، وأضيِّق الواسع، وأحرم ما لا يحل تحريمه..
لذلك فلم يفاجئني اجتماع جشع رجال المال، مع استهبال بعض مفتي الفضائيات، لتمرير تجسيد الصحابة رضوان الله عليهم من خلال ممثلين (نخبة برضة) رغم الفتاوى التاريخية للمجامع وكبار العلماء، فالأمر متوقع، يلعبون على أوتاره منذ مدة!
على كل حال فعندي جملة بشريات
واستشرافات لمستقبل الإبداع السينمائي.. فخلال سنوات وجيزة سيجسدون شخصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مشاهد غرامية مع نساء جميلات (نقاوة) للتدليل على إنسانيته
ورقته وتحضره، وبعدها بسنوات وجيزة سيجسدون رب العزة تبارك وتعالى على الشاشة!
أوه..... آسف! هل صدمت حضرتك؟
لا يجوز أن تصدم، فنحن على آثار القوم: نقلدهم، ونتخذهم نماذج لنا، حتى لو أن منهم من أتى أمه علانية لكان فينا من يفعل ذلك؟
أوه..... آسف مرة أخرى! فهذا ليس كلامي؛ بل هو كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم!
ألم يصور الغربيون سيدنا عيسى عليه السلام، الرسول العفيف العظيم التقي النقي – على الشاشة - شاذًّا جنسيًّا؟
ألم يصوروا سيدنا نوحًا عليه السلام أول أولي العزم (سكران طينة)؟
ألم يصوروا سيدنا لوطًا عليه السلام يزني بابنتيه؟
ألم يصوروا سيدنا يعقوب عليه السلام يصارع الرب، ويهزمه؟
لا تندهش؛ فوالله لقد رأيت أكثر ذلك على الشاشة حين كنت رقيبًا، ورأيت النخب المخوخة الغبية تدافع عن ذلك؛ على أساس أنه إبداع، وفن، وتألق، وحضارة..
وأبشروا؛ فإنا وراءهم سائرون!