"دير شبيغل" تفضح علاقة داعش بالنظام، ماذا بعد؟
"دير شبيغل" تفضح علاقة داعش بالنظام،
ماذا بعد؟
م. عبد الله زيزان
"دير شبيغل" تثبت رواية الثوّار
تمكنت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية من الحصول على وثائق هامة جداً من إحدى كتائب الجيش الحر في سورية، تكشف العلاقة الوثيقة بين النظام وداعش، والدور الذي لعبه النظام في تأسيس ذلك التنظيم وتقويته ورفده بالمال والرجال...
لم تكن تلك المعلومات التي نشرتها الصحيفة في نيسان الحالي بالشيء المفاجئ للسوريين الذين خبروا ذلك التنظيم، وتعاملوا معه بشكل مباشر، إما كمدنيين في مناطق سيطرتهم أو من خلال مواجهتهم في المعارك التي دارت ما بين الثوّار والتنظيم، فقد ثبت لديهم وجود تنسيق ما بين التنظيم والنظام، دون معرفة مدى هذا التنسيق ومدى الارتباط بينهم..
وقد حاول النشطاء منذ أن بدأت داعش بممارسة نشاطاتها في البلاد التنبيه لخطر هذا التنظيم، وحاولوا مراراً إثبات العلاقة ما بين النظام والتنظيم، واستدلوا على ذلك بمساعدة النظام لداعش أثناء معاركهم مع الثوار من خلال الإسناد الجوي، والقصف لمناطق الثوار، مما كان يسهّل المهمة على داعش، إلا أنّ كل تلك التحذيرات، وكل تلك التنبيهات لم تجد الآذان الصاغية من دول العالم أجمع...
بل على العكس من ذلك تماماً، فقد تبنى العالم وجهة نظر النظام، التي حاول تمريرها منذ انطلاقة أول مظاهرة سلمية في البلاد ضده، فقد أعلن للعالم أنّه يواجه مجموعة من الإرهابيين، وأن لا وجود لثورة من الأساس، بل هناك إسلاميون متطرفون يحاولون تمرير أجنداتهم على الشعب، والنظام يقوم بمحاربتهم ومحاولة القضاء عليهم...
لقد كان إدخال النظام السوري لتنظيم داعش على المعادلة السورية، عملاً احترافياً بكل المقاييس، فقد تمكّن النظام والتنظيم من حرف مسار الثورة، والتشويش على الثوار، وإرهاقهم، واستنزافهم، والأهم من ذلك كله، أنّه تمكّن من تحويل أنظار العالم واهتماماتهم عن المأساة السورية الحقيقية، وعن إجرام النظام السوري، إلى إجرام داعش التي لا تترد بتوثيق جرائمها بالطرق الاحترافية المعروفة، وقد كان للتواطئ العالمي الدور الأبرز في تمرير تلك المؤامرة...
ماذا بعد كشف المستور؟
إذا لم يتفاجأ الشعب السوري من المعلومات الواردة في الصحيفة الألمانية نتيجة معرفته السابقة بتلك المعلومات، فإنّ على العالم الذي كرّس جهوده لمحاربة الإرهاب أن يبدي شيئاً من المفاجأة على أقل تقدير، وأن يكون له ردات فعل ملموسة تجاه تلك الوثائق الخطيرة التي كانت متوافرة منذ كانون الثاني من العام الماضي 2014، ولم تحاول أي من الدول التي تحارب الإرهاب الاطلاع عليها، والاستفادة منها..
إنّ استمرار العالم في التغاضي عن جرائم النظام السوري، واستمرار تركيزه نحو محاربة ما يسمى الإرهاب دون النظر إلى مؤسس الإرهاب وداعمه، يضع تلك الدول على المحك، ويجعل مصداقيتهم في الحضيض، لدى شعوب المنطقة، التي تجد انتقائية بشعة في محاربة الإرهاب، وحصر ذلك الإرهاب بفئة محددة من الشعوب دون غيرها...
ففي الوقت الذي يدّعي فيه العالم محاربة إرهاب تنظيم داعش، يتغاضى تماماً عن إرهاب المجموعات الأخرى القادمة من العراق أو إيران أو لبنان والمدعومة مباشرة من النظام السوري، رغم أنّ فظاعات تلك المجموعات تزيد عن فظاعات داعش، ورغم أنّ الداعم واحد لكل تلك المجموعات، وهو النظام السوري...
اليوم وبعد نشر هذه الوثائق لم يعد مقبولاً من دول العالم، الحديث عن إرهاب داعش والتركيز عليه، وإهمال النظام السوري، فرغم قناعة الشعب السوري بعرفة العالم بالارتباط الوثيق بين النظام وداعش إلا أنّ الصحيفة الغربية تلك أقامت الحجة على المتعامين، بما لا يدع مجالاً للتهرب، والتستر وراء أكاذيب مفضوحة..