ثورة سورية.. وقناة الجزيرة 2
تساؤلات حول المستوى الحالي لتغطية الثورة الشعبية إعلاميا
نبيل شبيب
بتاريخ 3/4/2011م، في مطالع ثورة شعب سورية ضد الاستبداد
والفساد، نشر كاتب هذه السطور مقالة بعنوان:
ثورة سورية..
وقناة الجزيرة - هل ستفقد القناة بعض مصداقيتها
ورصيدها لدى الشعوب؟..
http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?name=News&file=article&sid=1759 جاء في ختامها: (5- ليس فيما سبق ما يستهدف قناة
الجزيرة.. فكاتب هذه السطور يقدر دورها الإعلامي الكبير في الثورات العربية في أي
بلد، ولا يميّز في ذلك بين تونس وسورية، أو مصر وسورية.. أو أي بلد عربي أو إسلامي
آخر وسورية، وتخصيص قناة الجزيرة بالحديث، يؤكد أهمية هذا الدور، مع التأكيد المطلق
أن المرجو لجميع وسائل الإعلام الناطقة بالعربية دون استثناء، أن يرتفع مستوى
أدائها الإعلامي، مهنيا، جنبا إلى جنب مع ارتفاع مستوى تمسكها برسالة إعلامية صادقة
فاعلة تنحاز إلى الشعوب والمصلحة العليا للشعوب وللبلدان العربية والإسلامية.. فهذا
ما يضمن لها المصداقية اليوم وغدا، في حقبة غلبة وجود الاستبداد، وفي حقبة انتصار
الثورات. 6- لا يثبت غداً في قمة إعلامية سامقة
في ظل تحكيم إرادة الشعوب، من لا يثبت اليوم في قمة إعلامية سامقة رغم استبداد
الأنظمة، رغم المخاطر.. وهذه مناسبة للتعبير عن أقصى درجات التقدير والإكبار إزاء
أولئك الذين دفعوا حياتهم ثمنا لأداء رسالتهم الإعلامية، من طواقم عدد من القنوات
الفضائية والوسائل الإعلامية الأخرى، وإزاء من يتعرّض للأذى والاعتقال كطاقم
الجزيرة المحتجز حاليا (آنذاك!) في ليبيا، علاوة على التعبير عن مشاركة ذويهم
وأهليهم المعاناة ألما وقلقا، وسؤال الله تعالى أن يحسن جزاءهم جميعا)). . . . الآن وبعد مضي أكثر من 14 شهرا على
هذه الكلمات، كان للجزيرة خلالها دور إعلامي متميز في متابعة الثورة الشعبية
البطولية في سورية، لا بدّ من العودة إلى التساؤل عن أسباب تراجع الفضائية الكبيرة
إعلاميا بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية. 1- ما الذي حوّل أسلوب المتابعة في
الفضائية التي لُقّبت بصانعة الثورات، إلى أسلوب وكالة أنباء إخبارية (مع اختصار
كمية الأخبار أيضا) وهو دور لا يستهان في الأصل بأهميته مقابل سياسات التعتيم
والتضليل والتشبيح الإعلامي في سورية، ولكنّه يختلف اختلافا جذريا عن الدور
الإعلامي الذي حملته الجزيرة على عاتقها -وتحمله فضائيات أخرى في الوقت الحاضر- في
متابعة ثورات الربيع العربي، متابعة حيّة متفاعلة مع الحدث، حتى وصفت بالمنحازة،
ولم تكن منحازة إلاّ إلى الشعوب كما ينبغي للإعلام أن يكون عندما يؤدي رسالته على
الوجه الأمثل؟.. 2- ما الذي جعل فضائية الجزيرة، التي
كانت دوما سبّاقة إلى نشر الخبر بخلفياته ونتائجه وتعدّد صيغ تحليله، إلى اختصار
نسبة ما تنشر عن ثورة سورية من أخبار، مما يصل إليها مصوّرا من قلب الحدث، حتى
ليبدو للمتابع أنّها تنشر ما يسبق سواها إلى نشره، لتحافظ على المصداقية المهنية
على الأقل؟.. 3- ما الذي جعل فضائية الجزيرة تلغي
حتى "المقدمة الثورية-Promo"
المصورة والمعبرة، في متابعة ثورة سورية وأحداثها، ولم يسبق أن صنعت ذلك قبل سقوط
الأنظمة الاستبدادية في أقطار أخرى؟.. 4- ما الذي جعل فضائية الجزيرة تتجنّب
حتى تعبير "ثورة" وتستخدم بنسبة أعلى تعابير من قبيل احتجاجات شعبية؟.. 5- ما الذي جعل فضائية الجزيرة في
ثورة شعب سورية تحديدا، تمتنع عمّا صنعته في مواكبة الثورات الأخرى إعلاميا، أي
استضافتها "يوميا"، لشخصيات متميزين من الخبراء، الإعلاميين، والسياسيين،
والعسكريين، على أعلى المستويات، ومن المعروفين باطلاعهم وتحليلاتهم العميقة،
واستشرافهم للمراحل التالية، وقدرتهم على توجيه النصائح السياسية وحتى العسكرية
للثوار والسياسيين على السواء، من صانعي الحدث أو مواكبيه، داخل البلد الثائر وفي
المنطقة إقليميا؟.. . . . يوجد كثير من التساؤلات من هذا
القبيل، ولا يراد هنا تعدادها جميعا، وهي على كلّ حال لا تنفي الجانب الإيجابي -وإن
كان أقلّ مما سبق- في متابعة الجزيرة للثورة الشعبية البطولية في سورية. كما أنّ هذا الكلام الصادر عن الحرص
على الثورة الشعبية في سورية، يصدر أيضا من باب الحرص على الجزيرة ودورها أيضا،
وليس من باب الوقوف من الجزيرة موقفا سلبيا، فكاتب هذه السطور يقدّر لهذه الفضائية
دورا تاريخيا قامت وتقوم به بكفاءة عالية، على صعيد حمل رسالة الإعلام، وتطلعات
الشعوب المستقبلية، وبتأثير (ثوري) بعيد المدى على صعيد الإعلام والفكر وعلى صعيد
الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية.. والمرجو هو أن تعود فضائية الجزيرة إلى
القمة الإعلامية التي كانت تحتلها، بمعايير الإعلام المهني والرسالة الإعلامية في
وقت واحد.