النظام والتنظيم

معاذ عبد الرحمن الدرويش

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

النظام يدرك ان وجوده على كرسي السلطة في سوريا غير شرعي و أنه اختطف السلطة من الشعب السوري على حين غرة.

و أن وجوده مهدد في أي لحظة بالزوال .

من اجل ذلك لم يكن له هماً و لا شاغلاً و لا عملاً إلا تقوية  دعائم كرسي حكمه.

فارتبط بالعدو قبل الصديق ،و باع الوطن سياسياً و اقتصادياً في سبيل ذلك.

هذا من الناحية الخارجية.

أما داخلياً فالنظام أسس كل مؤسسات الدولة العسكرية و الأمنية و المدنية و الثقافية و الدينية أيضاً على قوالب لا تفيد إلا بدعم أسافين سلطته.

منذ أكثر من أربعين عاماً و هويخطط و ينظم و يعمل لصالح شبقه الاستبدادي.

من جهة ثانية كان النظام يحارب و يحرم أي تجمع أو تكتل - و لو كان بين الرجل و زوجته-  و تحت أي مسمى أو إطار كان ،و في أي مجال من مجالات الحياة، إذا لم يخدم وجوده.

كما أنه حاول أن يقولب كل فئات الشعب السوري في دهاليز فكرية و ثقافية و أمنية و إرهابية ليشل أي حركة خارج هذا الإطار.

في حين أن الثورة السورية المباركة انطلقت بشكل عفوي ، و بدون أي تنظيم أو تخطيط مسبق لها و لم تستظل بظل أي إيديولوجية معينة.

و لعل نقطة الضعف الوحيدة التي تعاني منها الثورة هو افتقارها لتنظيم سياسي و تنظيم عسكري  يوحد قرارها و ينسق جهودها و يقوي و يسرع  وتيرة عملها .

فعلى الصعيد السياسي ظهرت تكتلات كثيرة و اتجاهات شتى، و رغم أن المجلس الوطني هو الكتلة الأكثر وزناً ،  و تواجدأ إلا أنه لم يستطع أن يفرض نفسه ممثلاً سياسياً وحيداً ، و أن يكون حراكه السياسي بمستوى الحراك الثوري،و يضع تحت جناحيه كل الأطياف السياسية الموجودة.

و على الصعيد العسكري ، يتكرر نفس الشيء بالنسبة للجيش السوري الحر  أيضاً، فهو الموجود إعلامياً و على ارض الواقع ، إلا أنه لا تزال هناك الكثير من المجموعات المقاتلة تعمل تحت مسميات و مجالس عسكرية متعددة.

و على الصعيد الإعلام الثوري تجد في كل بلد العديد من التنسيقيات و العديد من النشاطات الإعلامية و التي تظهر تحت مسميات كثيرة  و متعددة أيضاً.

فبقدر ما أن النظام موغل في التنظيم لذاته ، فإن الثورة السورية تفتقر  للعمل المنظم أشد افتقار،رغم ان النيات الحسنة موجودة و الحمد لله ،و الهدف المنشود واحد بدون ادنى شك.

طبعاً الامر نعزوه لأمرين :

1-  عدم ظهور شخصيات بارزة في أي مجال ذكرناه تستقطب موافقة الأكثرية،و قد حاول النظام القصاص من أي شخصية تبرز بطريقة  رادعة جداً ، حيث كان ينتقم من كل ما يرتبط بالشخصية البارزة لتوها ، سواء أشخاص كانوا أو أشياء بسياسة  الأرض المحروقة.

2-  تعذر وجود وسائل اتصال شاملة بعيداً عن وسائل النظام،فبدون وسائل اتصال يستحيل نشوء أي تجمع في ظل بلاد مقطعة الاوصال .

و الاهم من ذلك إنها أول استنشاقات الحرية ،بعد سجن دام لأكثر من أربعين عاماً في زنازين النظام ،و قد كره الشعب كلمة رئيس ، كره الإملاءات ، كره كل ما يمت إلى كلمة  نظام  او تنظيم بصلة.

لكن أيها الأخوة لنحد قليلاً من هذه الفوضى الجميلة – و اسمحوا لي أن اسميها جميلة  ما دامت تصب في خانة الثورة – لنكرس جهودنا و نوحد صفوفنا و بعد الانتصار ليرقص كل منا على هواه.....