حول العنف, ولنا في العراق قدوة لا تُقتدى
حول العنف, ولنا في العراق قدوة لا تُقتدى؟!
د
. حمزة رستناويكنت سابقا أميل إلى شيطنة العنف بكل أشكاله و اعتباره رجس من عمل الشيطان ينبغي اجتنابه و تحريمه قطعيا , و هذا لا يعني أنّي تخلّيت عن رفضي للعنف و أصبحت كائنا عنيفا - لا سمح الله - و لكن لا ينبغي فصل العنف عن سياقات و ظروف انتاج العنف و المصالح المرتبطة به , لكي لا نكون مجرّد دعاة و وعّاظ "أخلاقويّين" فقط.
ففي حال اعتدى انسان على إنسان آخر في عقر داره و هو آمن دون وجه حق , كل الشرائع تبرر للمعتدى عليه استخدام عنف مضاد بمقدار رد الضرر , أي شرعة " الدفاع عن النفس".
و كمثال أيضاً الجندي السوري أو عنصر الأمن الذي تأتيه أوامر أو يجبر على إطلاق النار على متظاهرين سلميين من أبناء جلدته أقصد سوريين مثله , و في حال عدم تنفيذه للأوامر العسكرية سيكون مصيرة الاعدام الميداني أو الموت تحت التعذيب في الأقبية , هذا الجندي قد يقوم بالفرار – الانشقاق - و يصبح مطارداً و و في حال هروبه خارج الحدود يكون محظوظا أو يبقى داخل الحدود و يصبح هدفا للقتل ,و غالباً ما يتم الانتقام من عائلته و أخذهم رهائن ..الخ
هذا الجندي بين خيارين الموت كما تموت الشاة الذبيحة أو الموت دفاعا عن النفس في وجه سلطة استبدادية ظالمة.
يستطيع حمزة رستناوي أو غيره التنظير و شتم العنف و هو جالس أمام شاشة الكومبيوتر أو في المقهى , و كتابة قصيدة تلعن خطيئة البشر ..و ادانة استخدام العنف من كل الاطراف ,,,,الخ و لكن في النهاية رغم وجود صلاحيّة معينة لذلك و لكن تبقى هناك مشكلة يجب حلّها أو تفهمّها بعيدا عن الوصفات و المواقف المسبقة.
فالعنف قد لا يكون خياراً بل يكون اضطرارا سواء في المسار السوري الراهن أو غيره, و لكن الاضطرار لا يبرّر التوسع به أو حرفه عن مصالح التوحيد الحيوي,و أن نفسح المجال للرجوع عنه حيث أنّه الاستثناء و ليس القاعدة.
في النهاية من المستحيل وقف القتل و أشكال العنف الاخرى ..و لكن المطلوب تقنين استخدام العنف فقط في حالات الضرورة القصوى , و أن يكون ذلك من قبل مؤسسات سياسية و قانونية ذات شرعية تستند أساسا للشعب و إرادة الحياة : الحرية عند هذا الشعب , و لكن المهمّة الصعبة في المثال السوري – و ربما غيره - هو كيفية بناء هكذا مؤسسات!.
لكي تنقنّن استخدام العنف يجب وضع بدائل حيويّة مقنعة للأفراد و الجماعات التي تمارس العنف أوّلاً , و من ثم إن كان و لا بد , يجب تنمية مسار صراع من أجل التوحيد أو التعاون , و ليس صراع من أجل الصراع أو العزلة
و كمثال الصراع السني الشيعي هو صراع من أجل الصراع و العزلة ,يفتقر لمصالح توحيدية حيوية , و كذلك الصراع العربي الكردي أو العربي الفارسي..الخ.
بينما الصراع في الحرب الاهلية الامريكية كان صراعا باتجاه التوحيد.
فهل سنكون أمام حرب أهلية سورية على غرار الحرب الاهلية الامريكية التي انتهت بالتوحيد الحيوي ؟ ! للأسف لا يوجد مؤشرات قوية باتجاه ذلك ؟!
هذا إذا قمنا بالتغاضي عن معاناة و خسائر الحرب على الصعيد البشري و المادي.
و لنا في لبنان و العراق الفاشل قدوة لا تقتدى؟؟!