مذكرة "سيدي الرئيس"
مذكرة "سيدي الرئيس"
طه أبو حسين
سيادة الرئيس ، تحية الوطن وبعد :
الأب الحنون يستمع لحديث أبنائه وإن احتوى العتاب أكثر الكلام ، فحاول أن تسمعني سيدي .
سيدي ...لا تسل عن اسمي ، وسل عن رقمي ، فالأرقام تحت الأرض أصدق من الأسماء فوقها ، وإن كنت غير مقتنع بحديثي فسل السجون السورية تحت سابع أرض وبإمكانك التدليل عليها في السجون العراقية والاردنية ، فتلك شاهدة على أشباهي .
سيادة الرئيس : أنا من كان يمشي تحت " الحائط " ويترك الحجارة الكبيرة خوفا من أن تهدم فوقه ، وأنا من كان يتشبث بالصغيرة حتى يبني من خلالها بيتا لا عماد له سوى التغاضي عن الحقيقة . وها أنا اليوم إذ أعلن أمام سيادتك عن انتزاع العدسات اللاصقة لأرى الحقيقة كما هي ، وأنبذ ما هو منبوذ وأرفع من يستحق ليس إلا .
سيادة الرئيس ،،، دعني أعلن لك بيان قتلي على يديك مع سبق الإصرار والترصد في المستقبل البعيد القريب إن كنت ظالما ، وإني لأراك الحليم واسع الصدر لما أرويه من مآسي ترتسم على اللوحة الفلسطينية في كلّ يوم .
سيادة الرئيس ... أنت يا سيدي كنت السبّاق في تعازيك لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو حينما توفي والده قبل ايام قليلة ، وتناسيت بلال ذياب وثائر حلاحلة ومئات الأسرى المضربين عن الطعام إن لم يكونوا ألوفا في زنازين الاحتلال .
سيدي الرئيس ... هؤلاء الأسرى الذين ضحوا بحريتهم من أجل حريتك وحريتي وحرية الشعب بأكمله ، هؤلاء الأسرى الذين يصارعون السجن والسجان بأمعاء خاوية من أجل كرامة مسلوبة ، هؤلاء الأسرى الذي يصارعون الموت في زنازين الموت اليوم يجازون منك ومنّا "فقط" (باللاشيء) .
سيدي الرئيس ... أيّ حنكة هذه التي تمتاز بها ، وأيّ خلق تتحلى فيه حينما تواسي عدوّك .
سيدي الرئيس .... كم أنت رائع حينما تعاليت على الجراح الفلسطيني وقدمت التعازي لقاتل أبي وأخي وعمي ، كم أنت عظيم حينما قدمت التعازي لمغتصب أختي وأمي وابنتي ، كم أنت حكيم حينما وضعت ملف الأسرى على سلم الأولويات التالفة " المنتهية الصلاحية " .
حقا لكم أنت رائع يا سيدي .
سيدي الرئيس ... قبل النهاية دعني أشكرك لسعة صدرك ، ودعني أشكر الوطن الذي علّمني كيف أتقدم لك بكلماتي هذه ، ودعني أشكر القلم الذي يخطّ تاريخ حياتي ومماتي ، ودعني أشكر أوراقي التي قد تكون انتهت بأمر منك سيدي .
شكرا لك سيدي ، شكرا لك وطني ، شكرا لك قلمي ، شكرا لك قاتلي ، أهلا بك قدري .
رفعت الأقلام وفتحت أبواب جهنم الدنيوية .