لماذا دفع الإخوان المسلمون بمرشح لانتخابات الرئاسة؟
لماذا دفع الإخوان المسلمون
بمرشح لانتخابات الرئاسة؟
بدر محمد بدر
لماذا قرر الإخوان المسلمون الدفع بمرشح منهم لخوض انتخابات الرئاسة، رغم قرارهم السابق (قبل تنحي الرئيس المخلوع بيوم واحد) بعدم تقديم مرشح إخواني، وما هي المعطيات التي تغيرت وأدت إلى هذا القرار الذي فاجأ الكثيرين، وهل لدى الإخوان القدرة على مواجهة طوفان الضغط السياسي والإعلامي، منذ فوزهم في الانتخابات البرلمانية وحتى الآن، حتى يفتحوا على أنفسهم جبهة جديدة؟
هذه التساؤلات وغيرها ليست فقط مطروحة في الشارع السياسي المصري، ولكنها أيضا مطروحة بقوة في داخل الصف الإخواني نفسه، وقد شاركت خلال الأيام القليلة الماضية، في حوارات ونقاشات ولقاءات عامة (رجال ونساء) عبر فيها كثيرون عن عدم ارتياحهم وقلقهم من إعلان الجماعة أنها تدرس تقديم مرشح ينتمي إليها، وتصور البعض أن الأمر لا يعدو كونه مناورة سياسية عادية للضغط على الحكومة والمجلس العسكري، حتى يحصلوا على مزيد من الحركة للإصلاح.
وبسهولة يمكن ملاحظة أن تصويت مجلس الشورى العام، الذي يمثل الإخوان في كل محافظات مصر (108 أعضاء)، على القرار كان 56 صوتا لمرشح من الإخوان، في مقابل 52 يرفضون ذلك، وربما كانت هذه النسبة البسيطة لحسم القرار نادرة في مجالس شورى الإخوان المسلمين، ولو كان الأمر محسوما منذ البداية، لكان الترجيح في الأصوات أعلى مما حدث، ولكن المشهد يكتنفه الكثير من الصعوبة وعدم الوضوح، وبالتالي تعدد الآراء والاجتهادات والمخاوف والقلق.
في تفسيرهم للقرار أشار الإخوان في بيانهم إلى محاولات تعويق التحول الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة، بدءاً من الجدل حول استفتاء مارس 2011، ثم معركة (الدستور أولاً) و(المبادئ فوق الدستورية)، وما أن انتهت الانتخابات، التي شارك فيها نحو ثلاثين مليونا، وقال الشعب كلمته التى تعبر عن اختياره الحر، حتى بدأت محاولات تعويق أداء مجلسي الشعب والشورى من خلال عدم تجاوب السلطة التنفيذية مع مطالب نواب الشعب، والتباطؤ في أداء الحكومة.
وتحدث البيان أيضا عن استمرار مسلسل الإخفاقات، وافتعال الأزمات، وسوء الإدارة، وعدم الاستجابة لمطالب الشعب التي قامت من أجلها الثورة، حتى وصلنا إلى ما يمكن أن يعد إهدارا لمقدرات البلاد، ويضاعف من خطورة عدم الاستقرار، الذي تمثل في الانفلات الأمني، والأزمات الاقتصادية والمعيشية المفتعلة، وما أن بدأ تشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، وضمت نخبة ممثلة لفئات وأطياف الشعب ومؤسساته المختلفة؛ حتى انطلقت حملة إعلامية غير عادلة حول تشكيلها.
وحاول الإخوان الوصول مع كل الجهات إلى كلمة سواء، ليتحمل كل الأطراف مسئوليتهم التاريخية، وسعوا إلى التوافق مع كل القوى السياسية والحزبية، كما طالبوا الجهات المعنية بالقيام بدورها في اتخاذ ما يحقق الاستقرار الاقتصادي والأمني، وتلبية الاحتياجات الضرورية للشعب، وتشكيل حكومة توافق وطني من الأغلبية البرلمانية بمشاركة الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى، فلم يجدوا أي استجابة حقيقية، وأصبح الاستمرار في هذا الأمر تقصيرا وخطيئة في حق الوطن.
وجدت الجماعة أن هناك تهديدا حقيقيا للثورة، ولعملية التحول الديمقراطي وانتقال السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة وفق الإرادة الشعبية، ومن أهم مظاهر تلك التحديات: رفض وتعويق تشكيل حكومة ذات صلاحيات حقيقية، معبرة عن إرادة الشعب، برغم الفشل الذريع للحكومة الحالية، والتلويح والتهديد بحل مجلسي الشعب والشورى، المنتخبين لأول مرة بإرادة شعبية حرة، الأمر الذي ينذر بإجهاض الإنجاز الأهم للثورة.
هذه إذن هي أهم الأسباب التي دعت الجماعة إلى إعلان ترشيح أحد رموزها، وأيا كان الرأي في ذلك فهو اجتهاد ينبغي احترامه، في ضوء منافسة شريفة، لأول مرة ليست محسومة مسبقا.