حاجتنا إلى إرادة حقيقية للخروج من الأزمة

حاجتنا إلى إرادة حقيقية للخروج من الأزمة

بدر محمد بدر

[email protected]

لا أكاد أشك في أن محنة مصر الآن تتجلى بوضوح في ثلاثة أمور: الأول هم هؤلاء الكتبة من العلمانيين المتطرفين، واليساريين الماركسيين، والفوضويين الغوغاء، ومدعي الليبرالية، الذين يرفضون إرادة الشعب الحر، التي عبر عنها في أول انتخابات برلمانية نزيهة، وينصبون من أنفسهم أوصياء على هذا الوطن، ويتحدثون بكل جرأة وفجور، وكأنهم يمتلكون تفويضا من الشعب للتحدث باسمه.

إن هؤلاء العابثين بمستقبل الوطن، يبحثون عن كل وسيلة لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار، ويحاولون هدم كل محاولة للبناء والانطلاق، ويجتهدون في زرع اليأس والإحباط في نفوس الناس، عبر حواراتهم ومقالاتهم المسمومة، ومشاركاتهم المحمومة في الفضائيات والمنتديات، ويتحدثون باسم الحرية والديمقراطية، وهم أول الكارهين لها، وتاريخهم الأسود ليس فيه صفحة بيضاء، للدفاع عن حرية أو ديمقراطية أو كرامة إنسانية، بل ينضح بالشللية وإقصاء الآخر والفساد والاستبداد.

والأمر الثاني هو هذا الإعلام الفاسد المضلل، الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من المهنية والمصداقية، وتحمل أمانة اللحظة التاريخية، فزاد من إرهاق الشعب بكثرة التخويف والتفزيع وإشعال الحرائق وإثارة الفتن، وأثار حالة من الشعور بالتيه والضياع، عبر إفساح المجال أمام هؤلاء الكتبة، وفرضهم على الشعب ليل نهار عبر البرامج والحوارات، وكأن مصر ذاقت على أيديهم خيرا في أي وقت، وكأنهم كانوا بعيدين عن الحضن الدافئ للنظام الفاسد، أو ثوريين دون أن يعرف أحد!

وربما يتصور هؤلاء المناضلين الثوريين عبر الميكروفونات، أو المجاهدين من أجل نشر اليأس والإحباط، أن الشعب المصري الواعي يمكن خداعه، عبر أسلوب الطبل والزمر والإلحاح المقيت، من خلال هذه الوجوه الكالحة، التي مللنا رؤيتها، والاستماع إليها في كل وقت وفي أي موضوع، وكأن مصر عقمت أن تلد جهابذة غيرهم، أو كان الشعب فوضهم في تقرير مصيره! كان أشرف وأكرم لهم أن ينسحبوا من حياتنا السياسية والثقافية، وأن يتركوا الإعلام الذي أفسدوه طويلا.

والأمر الثالث، الذي تتجلى فيه محنة مصر الآن، هو في سلوك تلك الجهات الرسمية المسئولة إدارة شئون البلاد، وأعني بها بكل وضوح: المجلس العسكري والحكومة، التي تسمح باستمرار هذه الحالة الفوضوية في الشارع، دون أي رادع سياسي وأمني ينفذ القانون، ويلتزم بالمصلحة العليا للوطن، ويضع الأمور في نصابها، ويحمى الوطن من حالة الانهيار والسقوط، التي يوشك أن يقع فيها الآن، ويوقف هذه المجموعات الشاردة عند حدها، ويعيد الأمل في النهوض والاستقرار.

لماذا يتساهل المجلس العسكري والحكومة المسئولة في حماية أهم برلمان في تاريخ مصر، من صياح عشرات المتظاهرين يوميا، وهم يحاولون إعاقة النواب عن أداء دورهم؟ لماذا يجد عضو البرلمان صعوبة في الوصول والدخول إلى المجلس، وممارسة دوره المطلوب حتى الآن؟ لماذا يجد القضاة معاناة في القيام بمسئوليتهم أمام الله وإصدار الأحكام بنزاهة، بينما الغوغاء تصرخ أمام الأبواب وعلى السلالم، وسط تسخين وتضليل إعلامي علماني، يساهم في زيادة الأزمة؟!

أطالب المجلس العسكري بصفته المسئول الأول عن استقرار الأوضاع في مصر الآن، وأطالب الحكومة القائمة بتحمل المسئولية الوطنية والتاريخية في حماية هذا الوطن، ووضع حد لهذه الحالة الأمنية المزرية التي تعيش فيها البلاد، وهذه الفوضى التي تشعلها وتغذيها جهات معروفة، لها مصلحة في إجهاض أي محاولة للاستقرار والنهوض من جديد، وبدأ الجميع يتململ من انتشارها واستمرارها.

إن الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية للخروج من هذه الأزمة، تفتح أبواب الأمل أمام من ضحوا وجاهدوا من أجل بناء مستقبل مصر الحرة، وأقول للجميع: اتقوا الله في مصر.