لصوص التبرعات ومتطفلو الثورة!

لصوص التبرعات ومتطفلو الثورة!

محمد الكاتب

من الناس من يدَّعي نصرة الثورة والتضحية لها وهو في حقيقة أمره يضحِّي بها ويطلب بها دنيا لا الآخرة ، ولا تغرُّكَ الدعوى ولا يخدعك المظهر ، وتجده إما لاهثاً وراء مال أو طالباً لشهرة أو يرجو المكان والمكانة !.

صنف من الناس عجيب لا ينقضي منه العجب ؛ المال أكبر همه ومبلغ علمه ، وهؤلاء يريدون أن يثروا على حساب الثورة وباسمها ، وهم لصوص التبرعات !.

من أولئكم القوم – قبحهم الله – وكيف ؟.

هؤلاء يجمعون المال باسم الثورة ، ويستغلون حماسة الناس وعاطفتهم وتحرقهم على إخوانهم المنكوبين ، فيأخذون تبرعاتهم ، ويتحرج المحسنون والمتبرعون من التحقق من هوية أولئكم النفر ، ومن وصول تبرعاتهم إلى مستحقيها ، بسبب الظروف الأمنية التي تحيط بالعمل الثوري !. ويدس هؤلاء اللصوص الأموال في جيوبهم ، وبدلاً من أن تأخذ طريقها إلى مستحقيها تذهب إلى خزائن القوم وحساباتهم البنكية !. ربما لا يكون بعضهم في الأصل لصوصاً لكنه اكتشف نفسه في الثورة ، وعندما اجتمع بين يديه مبالغ مليونية طائلة سولت له نفسه الأمارة بالسوء الخيانة وأمرته بالسرقة ، وأي سرقة ؟. يسرق الرصاصة التي تدافع عن أهله وإخوانه وتحفظ لهم أمنهم وأرواحهم !. يأكل اللقمة المغمسة بدماء أهلنا في باباعمرو !. يشرب الحليب الذي ينتظره بلهفة أطفالنا الذين يتضورون جوعاً !. يسرق دواءهم وغطاءهم بل يساهم في وأدهم ويشارك بشار الأسد في قتلهم !. ولو سألتني : أيهما أشر ؛ بشار المجرم الطاغوت أم هذا اللص لعددته شرهما !. أرجوك أيها القارئ : صف أولئكم القوم !.

وصنف آخر يدعي نصرة الثورة والتضحية لها وهو في حقيقة أمره يضحي بها ، كيف ؟. هؤلاء ربما يكونون من الثوار أنفسهم أو من المحسوبين عليهم والثوار منهم برءاء !. وهم فرقاء كثر وأصناف شتى ؛ بعضهم يصله المال من تبرعات المحسنين ، وهو أمانة ولسوف يسألون عنها ، فيضعها في غير موضعها ، ويعطيها لغير مستحقها ، أو يتبحبح بها وينفق منها على كماليات ومتع بغير حساب ، ولا أقصد هنا متع محرمة بل مباحة لكن لا ينبغي لمثله أن يتوسع فيها على حساب خلق الله ، بل ينفق منها على نفسه وإخوانه بقدر ضروراتهم ، من طعام وشراب وركوب واتصال ونحوه ولا أقصد التقتير في طعامه وشرابه وتدفئته بل يجب حفظ الصحة وتقوية البدن على القتال والمهام الثورية الأخرى . وأدهى من ذلك كله أن يأخذ تبرعات المحسنين الذين طلبوا الأجر والمثوبة ، فينفقها في حرام من لهو وشراب كأن ينفقها في شراء الدخان ونحوه أو أدهى منه وأكبر !!. نسأل الله العافية ، ونعوذ بالله من سخطه وانتقامه . أرجوك أيها القارئ : صف أولئكم القوم !.

وصنف آخر غريب مريب ، من الثوار أو محسوب على الثورة غالباً أو متطفل عليها ، ويريد منها أن تنفق عليه ؛ بحجة أنه ملاحق ومطلوب لا يستطيع العمل ، وتجده إذا ما تأخرت عليه معونته أو قلت ، لقلة ذات يد الثورة غالباً فإنه يغضب ويسخط كأنه من أولئكم القوم الذين نزل فيهم قوله تعالى : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 58]!.

نعم ، لا باس عليك ، فهذا من حقك إذا كان هذا هو الحال ، لكن الثائر الحق إن استطاع ألا يمد يده فإنه لا يمدها إلا مضطراً ، ويتحرج ويستحيي ويعد هذا المال بينه وبين نفسه دينا في ذمته ينوي سداده حين القدرة عليه ، بل إن بعضهم يأبى أن يمد يده ويؤثر على نفسه أن يشترى بعطائه الذخيرة والعدة الحربية ولو كان به خصاصة بل يبيع ما تحت يده من متاع قليل وينفقه على الثورة ، فشتان ما بينهما !. أي بينه وبين الآخر الذي يأكل بالثورة ويعيش عبئا عليها !!.

إخواني الثوار وكل الأحرار :

نحن الآن نعيش في أيام عصيبة ، وقد حمي الوطيس ، وكشر الوحش عن أنيابه ، والأولوية الآن ينبغي أن تكون للذخيرة والعدة الحربية !. والسلاح – كما تعلمون – صار عزيزاً وباهظ الثمن ، فالروسية تساوي مئة وعشرين ألفا أو أكثر والرصاصة الواحدة تشترى بمئة ليرة ! . والشرع والعقل والواقع يحتم علينا تغذية العمل المسلح فهو الأول والأولى والإغاثة في المحل الثاني ، وما أخال أحداً منا يموت جوعا خاصة في قريتنا التي عُرِفت بالتكافل والتلاحم وقت الأزمات والملمات لكن الموت الآن يأتي من قلة السلاح ونقص الذخيرة وضعف العدة الحربية ، فكونوا عونا لإخوانكم وأنصارا لثورتكم ، وضحوا لها ولا تضحوا بها ، وأطعموها ولا تنتظروا أن تطعمكم ، وساهموا في الدعم المالي لها بقدر ما تطيقون ، ففي حياة الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتبارون في البذل غنيهم وفقيرهم كلٌّ يجود بما عنده ، ولكم فيهم أسوة ، فأولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده !.