يجب مواجهة الفوضى قبل أن ينفجر الشعب
يجب مواجهة الفوضى قبل أن ينفجر الشعب
بدر محمد بدر
كل من يحمل أمانة القلم في مصر الآن، ويتحرك وسط الناس في ربوع هذا الوطن الغالي، يدرك مدى انتشار حالة الاحتقان والغضب والقلق والخوف من المستقبل، التي يعيش فيها الجميع بسبب ما يجري حاليا من أحداث تنذر بانهيار الوطن، والسؤال المطروح دائما: إلى متى تستمر هذه الفوضى، وإلى متى نقف عاجزين عن التصرف المسئول؟!
المطلوب يا سادة مواجهة هذه الحالة من الفوضى بأقصى درجات الحزم وتنفيذ القانون واستعادة هيبة الدولة وحماية المؤسسات، وأن يشعر كل من يرتكب جرما في هذه المرحلة أنه سوف يتعرض لأشد عقوبة، فلسنا في ترف مواجهة ما يجري بالبطء الشديد في الإجراءات، ينبغي إنشاء محاكم خاصة تصدر أحكامها فورا، في مواجهة البلطجية والمجرمين واللصوص وقطاع الطرق والخاطفين، وأيضا كل من يعتدي على المواطنين أو المال العام أو المؤسسات أو يطلق الشائعات الكاذبة.
لماذا لم تصدر الأحكام القضائية حتى الآن ضد كل من ارتكب جرما في حق الوطن؟! لماذا لم تصدر أحكام ضد من قتلوا الثوار وأصابوا الآلاف منذ 25 يناير من العام الماضي حتى الآن؟! ولماذا لم تصدر أحكام ضد من أحرقوا المجمع العلمي بميدان التحرير وأتلفوا العديد من المؤسسات الرسمية؟! لماذا لم يحاكم من اقتحموا أقسام الشرطة وسرقوها؟! هناك متهمون متلبسون، وآخرون ضالعون في ما يجري وفق دلائل قوية، فلماذا لم يحاكموا حتى تهدأ هذه النار المشتعلة؟!.
هل تكمن المشكلة في بطء الإجراءات القضائية العادية، أم في نقص عدد وكلاء النيابة والمحققين في هذه القضايا، أم في قلة عدد الدوائر القضائية التي تنظر في هذه المحاكمات، أم أنها تكمن في ضعف الإرادة ـ كما يروج البعض ـ في سرعة إنجاز هذه التحقيقات وإصدار الأحكام الرادعة، وهو ما لا أصدقه إطلاقا، لماذا إذن لا يجتمع مجلس القضاء الأعلى ليقدم حلا قانونيا ودستوريا عاجلا وعادلا، لإحراز تقدم ملموس في هذه المحاكمات، يريح الناس ويوقف الفوضى؟!
لابد من اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة، تستعيد هيبة الدولة وتوقف مسلسل العبث بالأمن والمستقبل، وتطمئن الناس على تحسن الوضع الأمني، والظروف الاقتصادية والمعيشية التي أصبحت فوق الاحتمال، وتفتح طاقة الأمل من جديد أمام الشعب المصري، بأن "ثورة التحرير" الرائعة لا تزال على الطريق الصحيح، ولا يزال هناك من يحرسها ويحميها ويدافع عن أهدافها، وبأن المستقبل يحمل الكثير من الخير والنماء والحرية والاستقرار والأمان لكل أبناء مصر الأوفياء.
إن الأوضاع المعيشية لدى ملايين الأسر المصرية حاليا مأساوية، وهناك فئات تضررت كثيرا طوال العام الماضي، بسبب توقف المصانع وانهيار الأمن، ويكفي أن أشير إلى أن أحدث تقرير أعده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ونشر في صحف الأسبوع الماضي، كشف أن أكثر من ربع أبناء الشعب المصري تحت خط الفقر، وأن هذه النسبة في ازدياد، وأن أكثر من نصف الأسر المصرية في ريف الوجه القبلي لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية في الغذاء وغيره.
ويعلق على هذا التقرير المؤلم وزير التموين والتجارة الداخلية بقوله "إن مستقبل مصر في خطر، وإن هناك محاولات في الداخل والخارج لخنق مصر اقتصاديا، ويجب على كل المصريين أن يعوا ذلك جيدا، وأن يقفوا بالمرصاد أمام كل من يحاول العبث بمصر واقتصادها".
وأقول لكل العابثين والفوضويين، الذين يبحثون عن مصالحهم على حساب الوطن: إن لسان الحال أبلغ من أي مقال، وأخشى أن تستمر حالة الفوضى في إرهاق المجتمع اقتصاديا وأمنيا، وعندها انتظروا الأسوأ.