بعد عام من "ثورة التحرير" ماذا تحقق حتى الآن
بعد عام من "ثورة التحرير" ماذا تحقق حتى الآن؟!
بدر محمد بدر
تعالوا نفكر بهدوء ونسأل أنفسنا، بمناسبة مرور عام كامل اليوم (الأربعاء) على انطلاقتها: ما الذي تحقق من أهداف "ثورة التحرير" المباركة؟ .. بالتأكيد لا يزال أمامنا طريق طويل وشاق لاستكمال أهداف الثورة، التي أرادت لمصر أن تعود إلى دورها الحضاري والريادي في العالم أجمع، ولكننا نجحنا في تحقيق عدة أهداف:
ـ أولا: نجحنا بفضل الله وقوته ثم بفضل عزيمة وإرادة هذا الشعب الصابر في كسر حاجز الخوف والضعف والاستكانة واللامبالاة إلى الأبد في مواجهة الاستبداد والطغيان والقهر، واسترد الشعب المصري كرامته وكبرياءه وحريته، وامتلك قراره وإرادته وسيادته في أرضه، ولم يعد بمقدور أحد من المسئولين في المستقبل، أيا كانت سلطته أو حاشيته، أن يعيد عجلة الزمن إلى الوراء، أو أن يهين الشعب المصري الأبي، ويعيده إلى عهد التسلط والفساد والظلم مرة أخرى.
ـ ثانيا: أسقطنا أعتى نظام أمني بوليسي فاسد في الوطن العربي كله، اغتال الحريات العامة، وزيف إرادة الشعب، وأهان كرامة المواطن، واستباح مقدرات الشعب، وغرس الفساد والظلم في كل مكان، وأشاع الفقر والحرمان والبطالة، وملأ السجون بالمعتقلين السياسيين، وانتهك الدستور والقانون، وقزم دور الوطن في الساحة العربية والدولية، وكان كنزا استراتيجيا للعدو الصهيوني كما ذكر قادة الاحتلال بأنفسهم، وتابعا ذليلا للأمريكان، وحول الوطن كله إلى سوق نخاسة.
ـ ثالثا: نجحنا في إقامة أول انتخابات برلمانية حرة ونزيهة في تاريخ مصر الحديث، شارك فيها أكثر من 60 % من الناخبين المسجلين الأحرار، نفخر ونتباهى بها أمام العالم أجمع، بعد أن كنا أضحوكة نتوارى فيها من الجميع، هذه الانتخابات الرائعة كشفت عن الوجه الحضاري العريق للإنسان المصري، وأظهرت مكونات المجتمع وقواه الحقيقية، وعبرت عن ضميره وإرادته الحرة، وأصبحت النزاهة والشفافية هي القاعدة التي تؤسس لكل انتخابات تأتي بعدها.
ـ رابعا: حافظنا على استمرار العملية التعليمية، ولم يخسر أبناؤنا الطلاب فصلا دراسيا واحدا، ومرت امتحانات الثانوية العامة والجامعات أفضل مما كانت عليه في الأعوام السابقة، ولدينا خطة زمنية واضحة لاستكمال المرحلة الانتقالية، حيث تبدأ انتخابات الشورى قبل نهاية يناير الجاري، ثم نستعد لبناء دستور مصر الحرية والمساواة والعدالة والكرامة، ثم ننتخب أول رئيس جمهورية مصري يأتي بإرادة شعبية قبل نهاية يونيو المقبل، لنتفرغ بعدها لبناء الإنسان في الوطن الحر.
ـ خامسا: بدأنا نستعيد السيطرة إلى حد كبير على الأمن الجنائي، بعد حالة الانفلات والفوضى التي نتجت عن انهيار نظام السجون، وخروج الآلاف من أرباب السوابق إلى المجتمع بفعل فاعل، وبدأنا نشعر بجهود الضباط والجنود الوطنيين الشرفاء على أرض الشارع، كما بدأت عجلة الإنتاج وبناء الاقتصاد المصري تدور من جديد، وعالجنا إلى حد كبير المطالب الفئوية، التي اندلعت في أعقاب انهيار النظام السابق، وسوف نجني ثمار تحسن الاقتصاد قريبا بإذن الله.
ـ سادسا: لم تنته بعد المحاكمات الخاصة لمن أفسدوا الحياة السياسية، واستباحوا كرامة الوطن والمواطن، ولمن قتلوا الثوار المسالمين، وروعوا المحتجين الآمنين، وهي المحاكمات التي طال انتظار نتائجها، وأخذت وقتا طويلا في إجراءاتها، لكنها في النهاية سوف تصدر أحكاما خلال الفترة القادمة، ويتبقى أحكام السماء وهي أكثر عدلا.
بهذه الروح الإيجابية، وبهذا الأمل في المستقبل، نستقبل عيدنا القومي الجديد، ونفرح بما أنجزناه في العام الأول حتى الآن، انتظارا لاستكمال بقية أهداف الثورة، فأهلا بعيد "ثورة التحرير"، الذي أراه ناسخا لعيد ثورة يوليو 52، وأدعو إلى وقف الاحتفال به بعد الآن.