إذلال قطر!
أ.د. حلمي محمد القاعود
يجب تهنئة آل سعود وآل زايد في انتصارهم المؤزّر على دولة قطر ، وإرغامها على إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر التي كانت تؤرق مضاجعهم بالحقائق التي تبثها عن الوضع المتردي في أم الدنيا ، بعد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي رعوه ودعموه امتثالا لأوامر السيد الصليبي .
كما يجب تهنئة آل سعود وآل زايد بانتصارهم الكبير في تونس الخضراء على رمز ثورة الياسمين محمد المنصف المرزوقي ، ونجاح رجلهم الذي بلغ من الكبر عتيا ، والذي سيعمل على تلبية رغباتهم باستئصال الإسلام وسحق المسلمين كما كان يفعل زعيمه الهارب في مرتفعات أبها – أعني زين العابدين (!) بن على !
لاشك أن آل سعود وآل زايد بذلوا جهودا جبارة في محاربة الإسلام والمسلمين ، في أم الدنيا ، لدرجة مباركتهم لسفك دماء الأبرياء من المصريين ، واعتقال عشرات الألوف من شرفاء العلماء والشباب والنساء والأطفال ، وتكميم الأفواه ، وإغلاق الصحف والقنوات ومصادرة الأموال ، والتشهير بالفكرة الإسلامية ووضعها في خانة الإرهاب .
يقابل ذلك على جبهة العدو النازي اليهودي الغاصب ، ودّ مفتوح ، وتسامح بلا حدود ، وتفاهم شبه معلن على التعاون المشترك ضد كل حركة إسلامية تسعى لإعلاء راية الإسلام ، و تطبيقه في الواقع الاجتماعي العملي ، وتنشيطه لتحرير المقدسات، وبالطبع فإن المقاومة الفلسطينية أبرز ضحايا هذا التفاهم الشيطاني بين الأعراب والسيد اليهودي المحتل ، ولم يعد عيبا أن نسمع غَزَلا بين رئيس المخابرات السعودي السابق وبين الإرهابية القاتلة تسيبي ليفني ، يتمثل في أمنيته أن يجد مكانا إلى جوارها في إحدى المناسبات .
كان من الطبيعي أن يسعى الأعراب إلى القضاء على كل ما يكدر صفو النجاحات التي حققوها في أم الدنيا وتونس وليبيا واليمن و مالي وإفريقية الوسطى ضد المسلمين المساكين الذين يسمونهم بالإرهابيين ، وكانت القناة القطرية " الجزيرة مصر مباشر " من أكبر المنغصات التي تذهب نشوة انتصاراتهم المؤزرة .
القوم لديهم قنوات "عبرية" عديدة ، تتصدرها رداحات ندابات خلعن برقع الحياء ، وهن يقدمن الأكاذيب التي تجعل الجنرال الخائن حفتر مثلا ، وليا من أولياء الله الصالحين ، وقائدا متقاعدا (!) لجيش وطني يسعى من أجل كرامة ليبيا ، في الوقت الذي تصف فيه ثوار ليبيا الشرفاء بالإرهابيين ، وتهلل لقصف البيوت الآمنة وقتل المسالمين ، وتعارض حكم المحكمة الدستورية الذي جعل برلمان حفتر وحكومة حفتر وجيش حفتر غير دستوري . ثم تكون المفارقة حين يدافعون عن الشرعية ، وكأن الشرعية في مصر ليست واردة في حسبان مذيعات العبرية الرداحات!
الأمر نفسه بالنسبة لليمن السعيد ، الذي احتله الحوثيون الطائفيون وهم يمثلون أقل من عشرة بالمائة من سكانه ، فيسكتون عن احتلالهم للبلاد وإذلالهم للعباد ، وقتلهم للأبرياء ، واستيلائهم على الجيش والوزارات والإدارات والجامعات ، وإقامة المتاريس والحواجز في الشوارع والميادين وتهديد خلق الله بالمدافع والدبابات ، ويخرج زعيمهم الكذاب ليتحدث عن الحرية وإرادة الشعب ومحاربة الفساد .
آل سعود وآل زايد لم يجدوا غضاضة في تهديد قطر وفقا لتعليمات السيد الصليبي ، ومحاصرتها برا وبحرا وجوا ، وهي بكل تأكيد غير قادرة على المواجهة مع أن الأميركان لهم قاعدة كبرى على أرضها اسمها العيديد ، فهؤلاء لا تهمهم غير مصلحتهم ، ثم إنهم هم المخططون للأعراب كي يسحقوا الربيع العربي الذي يعني الاستقلال وعدم التبعية ، والتقت مصالحهم مع مصالح الأعراب الذين يريدون أن يظلوا فوق شعوبهم ويفرضوا عليهم الإسلام الشكلي الذي لا يدخل القلوب أبدا.
قطر لا تستطيع تحمل الحصار البري والبحري والجوي ، ولا يمكن لأموالها الكثيرة أن تغنيها عن الحركة خارج الحدود ، ولا تتحمل التشهير البذيء الذي تشنه الأذرع الإعلامية في أم الدنيا ، وكان أن قبلت بشرب السم على مراحل : إخراج قادة الثورة المصرية وترحيلهم إلى بلاد أخرى ، وإسكات غيرهم من الذين لم يخرجوا ، وخففت لهجة الجزيرة الرئيسية ، ثم انتهى الأمر أو لم ينته بإغلاق الجزيرة مصر مباشر .
لست حانقا على دولة قطر ، بل إني أتعاطف معها ، فقد صمدت أمام الأعراب الأشرار حتى فقدت القدرة على المقاومة ، وأجبروها مثل الفتاة القاصرعلى فعل ما يحبون ! وسعد الأشاوس والنشامى من آل سعود وآل زايد بالنشوة والنصر ، لأنهم أذلوها ، وأظن أنها سوف تستجيب – وهو الأخطر - لوقف مساعدتها للمقاومة وأهل غزة ، لأن السيد النازي اليهودي صديقهم الحميم غير الوفي ، طلب من الأعراب أن يرغموا قطر على الكف عن مساعدة الشعب المظلوم ، وتلك ضربة موجعة لأشرف المقاتلين من أجل الحرية ، والصامدين في وجه الاحتلال .
في كل الأحوال فإنني أعتقد أن الأعراب لن يهنأوا بانتصارهم على الإسلام والمسلمين ، ولن يوقفوا حركة الإسلام الحقيقي لصالح إسلامهم الشكلي ، فالشعب المسلم المعتمد على الله في أم الدنيا ، مجاله الأصلي هو الشارع والميدان ، وفيهما سيتم تصحيح الأوضاع المقلوبة . هناك دماء الشهداء تنزف باستمرار ، وهناك تضحيات بلا حدود يبذلها الشرفاء ، وهناك مقاومة شعبية مستمرة . وإذا كان إعلام مسيلمة الكذاب يروج أن الانقلاب يواجه الإخوان المسلمين وحدهم ، فإن واقع الأحداث يشير إلى صمود الشعب المسلم الذي لا ينتمي إلى البيادة صمودا أسطوريا بقيادة رئيسه الشرعي المختطف محمد مرسي – فك الله أسره – ويملأ الشارع منذ يولية 2013 ، هاتفا بسقوط الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي لم يوفر شيخا ولا امرأة ولا طفلا ، بل حقق قصب السبق في إجرامه حين اعتقل كبار السن والمرضى والنساء والأطفال انتقاما لا يعرف الإنسانية!
وأقول للأعراب لا تبتهجوا كثيرا بمحاربة الإسلام والمسلمين ، فسوف تسعدون عما قريب إن شاء الله بزيارة داعش والحوثيين وأنصار الشريعة وآخرين من دونهم . ولا يظلم ربك أحدا !
بقيت كلمة ، وهي تحية لفريق الجزيرة مباشر مصر الذي كان أداؤه مهنيا رائعا وهو ينقل الوقائع على الأرض، وحين كان يناقش القضايا المختلفة ، يستضيف المؤيدين والمعارضين ، بل كان يخصص مساحة زمنية لبعض خدام الانقلاب ليتكلموا على مسئوليتهم الشخصية ويدلسوا على الشعب والأمة ، وبعد ذلك يختار الناس ما يشاءون من مواقف . تحية لفريق الجزيرة مباشر الذين لم يقبلوا أن يخدعوا الجمهور أو يضللوه ، وفضلوا إغلاق القناة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ، وهو غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
حاشية : كاتب هذه السطور لم يشارك في الجزيرة مباشر مصر ، ولم يظهر على شاشتها ، ولا يفكر في ذلك . للعلم فقط .