من يعبث بمصر
حسام مقلد *
تعالوا نتكلم بمنتهى الصراحة والوضوح من أجل مصر، وبكل موضوعية وشفافية وبعيدا عن الانفعال والتشنج والتهييج والإثارة، وليت أحدا من المجلس العسكري يتحاور معنا بهدوء، ويتطوع لإفهامنا حقيقة ما يحدث بالضبط دون تهويل أو تضخيم، وكذلك دون تهوين أو استهتار، وبعيدا عن التخوين واتهام النوايا، وليجيبنا عن التساؤلات التالية:
لماذا يجري تعويق المسار الديمقراطي الذي أقره الشعب المصري في 19مارس الماضي بنسبة77٪؟ لماذا لم يتم إلغاء الطوارئ حتى الآن مع أنها انتهت بموجب الإعلان الدستوري في 20سبتمبر الماضي؟ لماذا لم تلغَ المحاكم العسكرية للمدنيين بل تم إحالة أكثر من عشرة آلاف مدني للمحاكمة العسكرية بعد سقوط نظام مبارك؟! أين ذهبت وزارة الداخلية؟! ولماذا لا تقوم الشرطة بدورها الطبيعي في حفظ الأمن في البلد؟! ومن يقف وراء ظاهرة الانفلات الأمني وإطلاق البلطجية للعبث بأمن المواطنين؟! من الذي يستفز المصريين ويصر على عودة الشرطة بوجهها القمعي القبيح الذي كانت عليه قبل25يناير، وكأن المطلوب تخيير الشعب المصري بين القمع والفوضى؟ من يقف وراء حالة السيولة السياسية التي تعاني منها مصر الآن؟! ومن السبب في تحول الدولة المصرية إلى دولة رخوة؟! من يغل أيدي الحكومة المصرية عن العمل الجاد ويعيقها عن الإنجاز السريع؟! من مزق المصريين بعد الثورة وأوجد هذه الحالة من انعدام الثقة بين الجميع؟! من الذي يقوم بتأليب الفصائل والقوى السياسية المصرية ضد بعضها البعض؟ من يغذي حالة غياب المصداقية وفقدان الثقة في كل شيء؟ من الذي يشيطن الإسلاميين ويخيف المصريين منهم؟! من يثير الفتن الطائفية من آن لآخر ويتحين الفرص لزعزعة الاستقرار في مصر؟! من دفع السلمي ليقدم وثيقة المبادئ فوق الدستورية لفرض الوصاية على المصريين والالتفاف على إرادتهم وتفريغ الانتخابات من مضمونها؟!
من الذي يضع العصا في عجلة الديمقراطية المصرية لتعويق مسيرتها وإجهاض أحلام المصريين في نيل حقوقهم والعيش في حرية وكرامة؟! من يحرك كل هذه الأحداث في مصر من وراء الستار بكل هذا الخبث ودون تفجير الأوضاع تماما لأنه يعلم أن انفجارها خطر داهم على المنطقة والعالم؟! من يريد شل مصر مع الحفاظ على هيكلها الخارجي؟ من يسعى بكل جهده كي تبقى ضعيفة هزيلة رهينة لمشاكلها الداخلية؟ من يحرص على إفشال ثورتها كي لا تقدم نموذجا عصريا ناجحا للدولة المدنية الحديثة؟ من يخشى على أنظمة حكمه من نجاح المصريين في التغيير الإيجابي؟ من يخشى من مصر القوية القادرة على لجم إسرائيل ووضعها في حجمها الطبيعي؟ من يقف ضد بناء مصر القوية القادرة على صناعة نهضة علمية حقيقية وتحقيق الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية بين أبنائها؟ باختصار من يريد إبقاء الأوضاع في مصر على ما كانت عليه زمن مبارك حفاظا على المصالح التي كان يتمتع بها بغض النظر عن معاناة الشعب المصري؟!
الإجابة على كل هذه التساؤلات أوضح من الشمس، فالمستفيدون من إعادة إنتاج نظام مبارك في مصر كثر في الخارج والداخل، وليس سرا أن إسرائيل وأمريكا هما أول الراغبين في ذلك، وهناك أنظمة عربية كثيرة لا ترغب مطلقا في انعتاق المصريين من العبودية التي كانوا عليها زمن مبارك؛ لأن نجاحهم في تحطيم قيودهم وحصولهم على حقوقهم وحرياتهم سيكون إيذانا بانقلاب شعوبهم عليهم، وأغلب المصريين يجزمون بأن من يرون أنفسهم امتدادا لثورة يوليو هم من يقف حجر عثرة أمام ثورة 25يناير ويريدون بقاء مصر في جلبابهم!!
* كاتب إسلامي مصري