نحو صفحة جديدة لعلاقات الغرب مع العرب
محمد هيثم عياش
برلين /28/10/11/ تعتبر انتفاضات بعض شعوب الدول العربية التي بدأت بتونس وشملت مصر وليبيا بتحقيق شعوب تلك الدول طموحاتهم بتغيير انظمة بلادهم وتشمل حاليا سوريا واليمن قلق السياسة الغربية كما تلقى انجازات شعوب مصر وتونس وليبيا ترحيبا حارا من السياسيين في الغرب .
أما عامل القلق على حسب رأي مدير فرع الشرق الاوسط بمعهد هاينريش بول للدراسات الدولية بيرند اسباخ يكمن ان العالم شهد بداية دخول القرن الواحد والعشرين صعود قوة العناصر الاسلامية التي تدعو لحرب لا هوادة فيها مع الغرب متمثلة بالهجوم على الولايات المتحدة الامريكية مثل تفجير مركز التجارة الدولي بنيويورك والهجوم على وزارة الدفاع الامريكية / البنتاجون / كل ذلك وقع يوم 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001 تلك الحوادث كادت ان تشعل نار حرب بين الاسلام والمسيحية جراء ما نجم عنها تهجم على الاسلام في الصحافة الغربية وبالتالي ازدياد دعوة الحرب بين الثقافات بدل الحوار بين الثقافات مضيفا انه منذ تاريخ 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001 فان الغرب يعيش في حالة خوف وقلق وازداد خوفه وقلقه منذ انتفاضة الشعب التونسي وشعوب الدول الاخرى المذكورة التي بدأت أواخر كانون أول/ ديسمبر من عام 2010 الماضي اي بعد مرور 10 أعوام على حوادث 2001 اذ لا أحد يستطيع الجزم عن مستقبل مصر وتونس وليبيا ما بعد التغييرات فيها الا انه يجب عدم اثارة التشاؤم حول مستقبل العلاقات الغربية مع شعوب الدول المذكورة مطالبا الغرب بانتهاج سياسة تعامل جديدة مع الدول التي تغيرت الانظمة فيها تكمن بسياسة احترام ونصائح متبادلة بدل سياسة الأمر والنهي التي كان الغرب ينتهجها مع شعوب تلك الدول .
جاء ذلك في ندوة دعا اليها المعهد مساء يوم أمس الخميس 27 تشرين أول/اكتوبر الحالي حول ما اذا كان الفكر الاسلامي وراء انتفاضة بعض الشعوب العربية واحتمال عودة الاسلام للتربع من جديد مكان انظمة ساهمت بإذلال شعوبها من خلال قبضتها الحديدية .
فقد رأى رئيس لجان شئون سياسة حقوق الانسان بالبرلمان الالماني توم كونيغز ان فطرة الشعوب العربية على الحرية والعيش بكرامة فوق ارضهم عامل كبير لتلك الانتفاضات مشيرا بان الاسلام عندما كان سائدا كانت الحرية سائدة فيه وباستلام انظمة ليس لها الا تحقيق مصالحها الشخصية جعلت من شعوبها عبيدا واذا كان الاسلام وراء الانتفاضات فقد لعبت الكنيسة في اوروبا دورا بارزا بانتفاضات شعوب الدول الاوروبية التي كانت تحكمها انظمة شيوعية ويجب على الغرب قبول الانظمة الجديدة في تلك الدول لأن شعوبها اختارتها فهو من الحقوق الدولية التي تكمن باحترام اراد الشعوب .
وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية الالمانية لشئون الشرق الاوسط وشمال افريقيا واوروبا لودجر فولمر / الذي استلم هذا المنصب اثناء حكومة المستشار السابق جيرهارد شرودر الاولى 1998 – 2002 / طالب الحكومة الالمانية والاوروبيين بالتعامل بحكمة مع شعوب مصر وتونس وليبيا وعدم اثارتهم من خلال انتهاج سياسة عنصرية دينية معهم اذ ان تلك الشعوب في غاية الحساسية فهي تعتقد ان مشاكلهم الرئيسية في بلادهم مثل سحق كرامة الانسان وتدهور وضعهم الاقتصادي والسياسي كانت جراء دعم الغرب لانظمتهم السابقة بحجة اتخاذهم حلفاء بحرب الغرب ضد الارهاب مؤكدا ان المسلمين كانوا اكثر الامم التي حافظت على العهود والمواثيق بتعاملهم مع غيرهم والتاريخ الانساني مليء من هذا القبيل .
خبيرا شئون منطقة الشرق الاوسط في المعهد البرليني للسياسة والعلوم فولكر بيرتيلس وجويدو شتاينبيرج أعربا عن قلقهما باحتمال استلام الاسلاميين الحكم بتلك الدول التي شهدت تغييرات فيها ففوز النهضة في تونس واعلان رئيس المجلس الوطني الانتقالي بليبيا مصطفى عبد الجليل تحكيم الشريعة الاسلامية في بلاده واحتمال فوز ساحق للاسلاميين في مصر يمكن أن يؤدي الى قيام تحالف اسلامي في شمال افريقيا ليمتد الى سوريا معلنان ان السلفيين وراء انتفاضة الشعب السوري والسلفيين بتلك الدولة يملكون افكارا أكثر تشددا مع الغرب من الاخوان المسلمين الامر الذي يعني احتمال قيام محورا مع السعودية التي تعتبر قائدة العالم الاسلامي بلا منازع مشيرا الى ضرورة قيام نظام عالمي جديد للتعامل مع الدول العربية الجديدة على حسب أقوالهم .