الزعيم المحبوب
خليل قطاطو
تقول كتب التاريخ انه كان زعيما محبوبا من الرعية،حكيما،بعيد النظر،عادلا.في عهده انتشرت الثورات الشعبية ،فلم تبق ولم تذر.في البداية، فر أحدهم بعد ان احرق أحد الرعية نفسه امام الملأ بعد ان ضاقت عليه الدنيا ومنع من ان يحصل رزقه.هرب الحاكم لظنه انه لا محاله سيحرق لو طالته ايدي الغاضبين.احتقره زملاؤه لانه استعجل ولم يصمد امام العاصفة.
اما الثاني فلم يواجه عاصفة بل اعصارا عاتيا لم يتصور انه ات ابدا.لم يغادر.حوكم وقضى بضع سنوات في السجن ثم ما لبث ان غادر الى العالم الاخر بعد ان تفشى المرض الخبيث في جسده.
اما الثالث فقد عاش في اوهامه اربعة عقود ونيف،كان يعتقد ان الزمان لم ولن يجد بمثله.اعتقد ان الملايين سيذودون عنه بالغالي والنفيس فاذا بالملايين تحاصره في وكره مع نفر قليل من ابنائه وحرسه ووزيردفاعه.
اما الرابع فحرق وجهه ولم يتعظ ،عاد يراوغ ويماطل ويتوعد،يرعد ويزبد ،يـأمر وينهى .يتفرعن.لكنهم وصلوا اليه وأحرقوه ،ولكن هذه المرة ،حيا وكاملا.
اما الخامس فقد طغى وتجبر، وظن انه ناج. اختلف الرواة في نهايته،فمن قائل انه قتل بالرصاص ،الى اخر مدع انه فر ولم يدر احد الى اين،الا ان معظم الرواة يؤ كدون ان الايدي طالته ومزقته اربا اربا.
لم يبق الا سبعة عشر ،سارعوا الى تغيير الدساتير ،وتبديل الحكومات،واجراء الانتخابات،وزيادة الرواتب والمنح والمساعدات لملايين المحرومين،واقروا مراسيم جديدة بمجانية التعليم والمأوى والمأكل والمشرب،ولكن الاعاصير والبراكين والزلازل لم تتوقف ابدا عندهم،بل اقتلعتهم اقتلاعا.توزع السبعة عشر بين فار وسجين وقتيل,الغريب في الامر ان القتلى التسعة توزعوا بالتساوي في شاكلة رحيلهم مثل الثالث والرابع والخامس !!!
اما صاحبنا القابع في السطر الاول اعلاه ،فكما قالوا كان حكيما،قال في نفسه:ما بال هؤلاء الزعماء يلقون مصائر قاتمة في سبيل عروشهم، انا لا افهم كيف لا يفارقوا كراسيهم بسلام امنين. انا سأفعل ،وبالفعل فعل.
ملاحظة:هذا الزعيم المحبوب والحكيم جدا، لم يكن ينتمي الى نفس الزمن أو الامة او المنطقة التي اجتاحتها الأعاصير.