كفانا جلداً للذات
غرناطة عبد الله الطنطاوي
[email protected]
يسود الآن في الأوساط الشعبية السورية لغط وجدل واسع، فمنهم من يقول لم تخرج حلب في المظاهرات، وآخر يقول لم تخرج طرطوس في المظاهرات، ولم تخرج دمشق .. ولم تخرج.. ولم تخرج.. وهكذا..
أراد النظام فتنة طائفية وعرقية ودينية ومن ثم فتنة أهلية شاملة، ويبدو أنه لم يكن يتوقع أن يقوم بعض أبناء الشعب ببذر هذه الفتنة بسهولة، عن جهل وغباء.
فهناك الكثير من أهل حلب يجلدون أنفسهم أكثر من جلد غيرهم لهم، بحجة أن أهلنا في حلب قد سوّدوا وجوهنا أمام أهلنا في سورية الحبيبة.
قد يكون لهم بعض العذر في هذا الكلام، ولكن حلب مدينة كبيرة العدد والمساحة، فهل يُعقل أن يجتمع كل أهل حلب على كلمة واحدة؟
هل يُعقل أن الملايين في حلب قد اتفقوا على خذلان أهلهم في بقية المدن السورية؟
وهل يُعقل أن رجالات حلب الذين عُرفوا بالشجاعة ونصرة المظلوم والكرم، وفجأة تحول كل هذا، فالشجاع صار جباناً، والكريم صار بخيلاً؟
وهل يُعقل ويُعقل؟؟
واأسفاه.. واأسفاه..
فهناك الكثير ممن ضحّى بحياته وأمواله وأولاده في سبيل حرية وكرامة سورية، ويأتي المتشدّقون ويقولون لم تخرج حلب.
هذا ظلم وإجحاف وزرع لفتنة قد تُؤجج في أي لحظة..
تصفيق حـــار حــار لمن يؤجج لهذه الفتنة، فقد استطاع أن يقوم بعمل عجز النظام أن يقوم به طوال سنوات حكمه الطويلة.
مرحى لكل حلبي يجلد ذاته، لأنه يعتقد بهذا أنه سيحرر رجال حلب من غفوتهم.
وهذه ليست بالطريقة المُثلى كي يتحرك أهل حلب كما ينبغي، فالكلمة السيئة تجرّ كلمات أسوأ، ومن كان يخرج عن طيب خاطر في المظاهرات، مجازف بحياته وأهله ونسائه، سيتردد أن يخرج مرة أخرى، لأنه صار في خانة من لم يخرجوا، أي في خانة الخونة في عُرف بعضهم.
ومن لم يخرج بعد، ويحدّث نفسه للخروج في المظاهرات، أيضاً سيتردد وسيحسب ألف حساب قبل أن يخرج، فالعار قد جللّ أهل حلب كلهم، من خرج ومن لم يخرج..
ليس بهذا الشكل تُقاس الأمور يا رجالات سورية.. ويا حرائر سورية..
الحذر الحذر من السقوط في هاوية الفتنة، حتى لا نكون كما قال الله تعالى في محكم تنزيله:
"ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ".
ولننس هذه العنعنات المغرضة يا أهل سورية، فلا نقول:
حلبي.. شامي.. حموي.. حمصي.. و.. و..
"دعوها فإنها نتنة".
ستهبّ حلب إن شاء الله هبّة رجل واحد، والعاقبة للمتقين.