المرجوّ من المجلس الوطني السوري
د.عثمان قدري مكانسي
[email protected]
لم أسمع في حياتي ولم أقرأ في تاريخ الأمم أن حاكماً ادّعى حب شعبه له يترجم هذا الحب دماء وقتلى تتوالى يومياً على مدار الساعة . ولماذا القتل ومحاصرة المدن إذا كان هذا الشعب يهتف له مؤيداً ومناصراً ؟! ربما لوجود قلة من الكارهين لرئيس النظام أدّى وجودها في المظاهرات التي كانت مؤيدة له أن تنقلب إلى كارهة تطالب بسقوطه ورحيله! هكذا دون مقدمات ولا أسباب . فلم يجد الرئيس المحبوب جداً ! غير أن يجابه هذه الحشود التي خرجت من كل حدب وصوب تعلن عن رغبتها بالحرية .
ولأن هذا الرئيس المحبوب جداً – كما يدّعي هو وأبواقه ومأجوروه – وجد نفسه بين أمواج متلاطمة تعلن دون خوف ولا وجل عن وجوب رحيله فقد ارتأى – بحكمته المعهودة وفلسفته الممجوجة – أن يجابه الشعب بإجراءات ديموقراطية ليس غير تظهر أن هذا الشعب الذي دجّنه – كما يظن – لا يحق له - والقائد فلتة من فلتات الزمان – أن يعق الرئيس الذي وهبه أبوه الهالك هدية للشعب خالصة لوجه الله !. والهدية – عُرفاً – لا تُردّ ولا توهب . فينبغي أن يظل هذا القائد الفذ جائماً على صدور شعبه
عرفاناً بنفاسته وحب أبيه الخالد – في جهنم طبعاً- وما ذا سيُفعل بالهدية النفيسة إذا سقط الصنم وغاب عن الحياة السياسية الذهبية في حياة السوريين ؟!
وقد كانت الإجراءات الديموقراطية الأسدية دالة على ذكاء حادٍّ صدرت عن ذبذبات العقل الديماغوجي الخلاّق في ذهن السيد الرئيس وأعوانه المفكرين !! وكان مما صدر عنه وعن أعوانه جملة قوانين وأعمال تناسب الحراك الوطني الآخذ في الاتساع ، يمكن أن تعيد الأمور إلى نصابها ، منها :
آلة القتل المنظم ، ففي كل يوم يقتل عشرون أو ثلاثون أو أربعون من ناشطي الشعب ، وعلى مدى أشهر يتفاقم الوضع وتندر الكفاءات الناشطة .
اعتقال المتمردين تباعاً كل يوم وعلى مدار الساعة فيخف زخم المتظاهرين وتضعف المناشط.
تشريد الكثيرين خارج الوطن لإضعاف المقاومة السلمية وتكبيل الحراك الإيجابي .
الضغط الاقتصادي الخانق على الشعب ليرى الثورة بمنظار قاتم وليعيش في حاجة ماسة لضروريات الحياة فينقلب على الثورة ، ثم ليكون أداة طيعة من جديد بيد الأمن أو خامدة خمود الموات .وليكون الشعب نفسه من يقاطع الثورة ويهاجمها.
استعمال الجيش في ضرب الثورة ليخلق بينه وبين الشعب الذي وجد لحمايته ابتداءً توجساً وحذراً ، ومن ثم يخلق بين الطرفين عداوة وشرخاً كبيرين يتجذر بسبب التدمير الذي يمارسه الجيش العقائدي ضد أبناء الوطن .
وإذا ما ما سوّلت لبعض نفوس أفراد الجيش من ضباط وجنود أن يرفضوا الأوامر فهناك اصطياد لهؤلاء الذين يرفضون الأوامر وينحازون للشعب . أما الانشقاقات التي تحصل في الجيش فتطوّق ويجهز عليها سريعاً كي لا تتفاقم الأمور
وينبغي أن يستعين النظام بمرتزقة مبرمجين عقائدياً لينفذوا كثيراً من المهمات التي لا يستطيع الجيش القيام بها أو يرفضها ابتداءً .
والاعتماد على اللعبة الطائفية التي أتقن النظام فنونها على عقود طويلة في غفلة من الأمة .
منع الإعلام العربي والدولي من وصول إلى بؤر التجمعات والتظاهرات للتعمية والتجهيل وليتفنن الإعلام السوري بأكاذيبه ودجله الإعلامي دون رقيب.
صنع مؤتمرات هشة مفضوحة ، ودعم مؤتمرات كتب لها الفشل منذ البداية .
إنّ هذه الإبداعات الأسدية ! انتبه لها الشعب الرائع في سورية فقام بعمل مناسب يبطل هذه التكتيكات الإجرامية بإجراءات تدل على عزم ومصابرة ، ولا يفل الحديد إلا الحديد ولا يبطل الفساد إلا عمل محكم . من ذلك :
التلاحم الوطني بين الشعب والتأكيد على وحدة المصير للشعب السوري ,
ارتفاع المطالب بشكل موجات متلاحقة بدأ بالدعوة إلى الحرية ثم بالإصلاحات ثم بالتغيير الجزئي ثم بإسقاط النظام.
امتداد التظاهرات بشكل عمودي ثم بشكل أفقي ( البؤر الصغيرة الفاعلة ثم الامتداد الأفقي في المدن والريف )
تفاعل التظاهرات المربك للنظام حيث بدأت الثورة في درعا ثم في الساحل ثم في الوسط ثم في الشرق ، وأعيدت الكرة مرات فكان هذا التشكيل ذا تأثير سلبي على النظام وإيجابي على الثورة .
انتشار التظاهرات بمجموعات سريعة التحرك في أماكن محاطة ومغلقة تجنباً لمزيد من الدماء مما شتت المتابعة الأمنية وأخّر تحركات الدهم للجيش ووزّعه ، وهذا سبب للنظام إرهاقاً واضحاً .
تعويض التعتيم الإعلامي باستعمال الهواتف بأنواعها والنت والفيسبوك والوسائل الإعلامية المتاحة لتوثيق الثورة ونشرها في الوسائل الإعلامية والفضائية العربية والدولية. وكان النجاح في ذلك ملفتاً للنظر بقوة.
انتشار التنسيقيات الشبابية وصناعة القيادة المتحركة المتواصلة بين الداخل وبين الخارج دعّم التظاهرات ووحّد الهدف . وكان للمؤتمرات نجاح ملموس نشأ عنها قيادات اتصلت بالعالم العربي والغربي .
والمطلوب من المعارضة الواعية الشريفة التي ستجتمع بعد يومين أن تثبت قدرتها على دعم الثورة وأن تبني الثقة بين مكونات الشعب السوري وأن تحافظ على مكتسبات الثورة في الداخل وأن تسرع بلم شمل المؤتمرين لتؤسس المجلس الوطني السوري الذي يقود البلاد إلى بر الأمان والنصر بإذن الله والذي سيضطلع بمهمة إنجاح الثورة والوصول إلى تحرير الأمة من براثن النظام الدموي المتهالك معتمدة على الله سبحانه ثم على تلاحم الشعب في سورية وأن يكون هدفها الأول العطاء والبذل وتقوى الله في
الشعب الذي يقدم التضحيات وما يزال في سبيل الحرية والكرامة . والبعد عن الأهداف الشخصية والمكاسب الفردية..