ولدناهم أحرارا وسيعيشون أحرار
الرابطة الأهلية لنساء سورية..
( أمهات بلا حدود )
لقد انطلقت منظمتنا منذ أول يوم تأسست فيه من حافز أساسي هو الحفاظ على السلم الأهلي في وطننا سورية، فأعلنا عن رابطتنا ( نساء في خدمة السلم الاجتماعي )..
وكنا نتصور عندما تمسكنا بهذا الدور البعد الاجتماعي المتقدم الذي تفرضه علينا طبيعة الصراع، تديره قوى خفية في هذا العالم ضد الأمومة والطفولة ومهدهما الصالح المتمثل في الأسرة كوحدة اجتماعية مدنية أولية.
لقد مرت بوطننا سورية خلال السنوات الماضية العديد من الأحداث السياسية، وسنت الكثير من التشريعات المثيرة للقلق؛ ولكننا آثرنا ألا نُستجر إلى مواقف سياسية تفوت على رابطتنا المقصد الأسمى الذي انطلقت من أجله ( الدفاع عن السلم الاجتماعي ) في إطار الأسرة المدنية الحديثة..
ومع انطلاقة الربيع العربي، وتحرك أبنائنا من شباب الأمة مطالبين بحقهم في حياة حرة كريمة عزيزة بدأت الأرض تمور تحت أقدام المتسلطين الذين صنعوا لهذه الأمة ليلا طويلا من المهانة والذلة والانكسار..
ويوم تابعنا رئيس الجمهورية العربية السورية يصرح للصحيفة الأمريكية ( وول ستريت جورنال ) بأنه يعالج في بلده عقولا مقفلة لأبناء شعبه، ويحتاج إلى جيل كامل ليمهد الأرضية القابلة لمشروع ( إصلاح )!! تجسد لدينا حجم الفجوة التي تفصل هذا الرئيس ( المتفوق أو الفوقي بدون تفسير!! ) عن المجتمع الذي نشأ فيه، والذي أوكل إليه أمره بطريقة لا تعجب الكثير من أولي الألباب..
ووصلتنا مجلة ( لافوغ ) الفرنسية لتحدثنا في مقال دعائي مدفوع الأجر من عرق وجهد الشعب السوري عن ( الوردة في الصحراء ) في رمزية مأساوية إلى السيدة أسماء الأسد لتؤكد لنا أي ظل نرجسي يطل من مرآة رئيس الجمهورية والسيدة قرينته؟!!! التي بدت تسير وراء خيلائها الشخصي أكثر من الانقياد لحقيقة أمومتها الخالدة المضمرة في أعماق كل أم عاقلة سويّة. الأم الحقيقية هي التي تشعر بالانتماء إلى جميع أمهات العالم وترى في كل طفل فيه ابنا جميل الوجنات حلو الابتسامة عميق العينين..
لقد قطع كل ذلك الكثير من خيوط الأمل قبل أن تصل إلينا الصور الفاضحة لما وقع ويقع من قتل وتنكيل على أجساد عشرات الأطفال والأمهات وآلاف الشباب الذين هم في قاموس الأمومة أبناؤنا أنجبناهم للحياة وليس للموت، وولدناهم أحرارا وليسوا عبيدا ولا أقنانا..
لا نريد هنا أن نتوقف عند اسم الطفل البريء حمزة الخطيب ولا عند اسم ثامر الشرعي ولا عند حادث قرية البيضة لأن هذه النماذج لم تكن نماذج عابرة، ولا حالات شاذة وإنما أصبحت مع الزمن منهج لسياسة يرعاها رئيس وهو في الحكم الاجتماعي "أب" وتصمت عليها زوجة تخال نفسها وردة في صحراء وهي في ترتيبها الاجتماعي أم!!
إننا في (الرابطة الأهلية لنساء سورية) متمسكات بدورنا الذي اخترناه أصلا لأنفسنا أولا ( نساء في خدمة السلم الاجتماعي ) ومن خلال موقعنا الناطق باسم رابطتنا ( أمهات بلا حدود ) نعلن جراء الأحداث التي تجري على الأرض السورية ما يلي..
أولا - إن جميع الصامتات على الجرائم التي تحدث في سورية، والصامتين هم شركاء فعليون فيها. شراكة تقترن بهم مدة حياتهم. وستدخل معهم في قبورهم. وستنشر في صحائفهم ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ).
ثانيا- نعلن انتصارنا وتأييدنا للمطالب العادلة التي نهض أبناؤنا للدفاع عنها، ونؤكد على حق هؤلاء الشباب والصبايا في مستقبل حر وزاهر ومتكافئ وكريم..
ثالثا – ندعو نساء وصبايا سورية إلى المشاركة الجادة والعملية الفاعلة في هذا الحراك الوطني بكل ما أوتين من قوة كما فعلت أخواتهن في مصر وتونس واليمن وكما تفعل الصبايا في كل العالم العزيز الكريم..
رابعا - تدين الأمهات السوريات - الموقعات على هذا البيان- القمع والقتل الذي ينتهجه من يُفترض فيه أن يكون حاميا للحياة والأمن والحرية... وتفزعنا هذه الجرأة على القتل التي تمادت حتى أشعرت من يراقب المشهد أن أدوات القتل المستأجرة هي هياكل بشرية مجردة من العقول والضمائر والقلوب..
ونؤكد نحن – الأمهات السوريات – أننا ولدنا أبناءنا أحرارا ليعيشوا أحرارا، ولدناهم وربيناهم ليبنوا أوطانهم، وليدافعوا عنها، وليحموا حماها، وليس ليكونوا موضوعا لقتل حاقد أو تنفيسا عن مشاعر سادية تستبد بنفس نيرون مريض..
إن أعداد الأطفال الذين حصدهم رصاص الغدر، والذي تجاوز عددهم المائة شهيد، والعدوان حتى على الأجنة في أرحام الأمهات؛ لهو عنوان آخر من فصول هذه المأساة التي لا يمكن أن يلفها النسيان أو أن يشملها الغفران..
نستنكر ونستفظع الأخبار المتواترة عن عمليات الاغتصاب تقوم بها ( روبوتات ) هذا النظام، المتخرجة من مختبرات التهجين المتوحشة التي رأينا وجوهها الكئيبة في الكثير من المقاطع التي تثير الإشفاق والآشمئزاز معا..
نعتبر رئيس الجمهورية بوصفه وشخصه المسئول الأول والمباشر عن كل جريمة تطال أبناءنا وبناتنا. ونعتبر أسماء الأسد بصمتها الشريكة في كل جريمة قتل أو تعذيب أو انتهاك.
نؤكد أنه لم يعد يغفر لأحد أن يصمت بعد اليوم، وننادي على كل أمهات العالم، وعلى كل المنظمات الأسرية المدافعة عن حقوق الإنسان أن يقفن مع الأمهات ضحايا استبداد في محنتهن القديمة المتجددة منذ أربعة عقود من الزمان..
ففي سورية آلاف المفقودين من سوريين ولبنانيين وفلسطينيين مسلمين ومسيحيين، وعرب وكرد مغيبين منذ عقود وراء قرار حاكم لا يرحم اسمه بشار الأسد..
سنتكاتف معا نحن أمهات العالم حتى تسطع شمس الحرية على سورية حديقة الورد الجوري لتعم الحرية وننتزع من حياتنا كل الأشواك..
الربطة الأهلية لنساء سورية..
دمشق في العشرين من رمضان المبارك 1433
في 20 آب 2011