مخاطر تحيق بالثورة السورية
فريد حداد - توفيق دنيا
وصلت ثورة شعبنا السوري السلمية إلى مرحلة متقدمة من العمق والاتساع يثير الرعب في صفوف المستبدين وتحديدا في عائلة الأسد صاحبة القرار في النظام الحاكم . فخلال خمسة شهور من عمر الثورة انتقل شعبنا الثائر من مرحلة ( الجدران لها آذان ) إلى مرحلة صب اللعنة على روح مؤسس هذا النظام وروح وريثه بصوت جماعي هادر في شوارع المدن السورية , وروعة الحالة ليست الشتيمة بحد ذاتها , بل تدمير هيبة النظام المجرم وتمريغ صورته بالوحل .
لقد كان لتهشيم هيبة النظام وتدمير أصنامه وتحويل رؤوسها إلى كرة قدم يلعب بها فتية المدن .أثراً كبيراً في خلق حالة من الهلع في رؤوس قادة النظام ، مما دفعهم لاستخدام كل أدوات البطش آملاً في إعادة المارد السوري إلى قمقم الخوف الذي كان يعيش فيه ، ولكن كما يُقال سبق السيف العذل . لقد صنعت أجهزة النظام وعصاباته وشبيحته , من شباب الثورة أهدافاً متحركة لقناصته، ووضعت الدبابات التي يفترض بها أن تكون بمواجهة العدو على جبهة الجولان , في مواجهة شباب وأطفال الثورة .
ومن خلال التصعيد المتبادل بين الشعب الذي اتخذ قراره بالعمل على استرداد حريته وكرامته , عبر التغيير الديمقراطي في حياة البلاد وبناء دولة المواطنة والقانون . وبين السلطة المصرة على الإيغال في القتل والاعتقال والتشريد آملة في إعادة الشعب إلى حاضنة الخوف والخنوع واستمرار الاستبداد . تبرز عدة مخاطر محدقة بالثورة , لابد للقوى السياسية الديمقراطية , ومنهم شباب الانتفاضة, وما ينبثق عنهم من تعبيرات سياسية وتنظيمية , أن توليها أهمية قصوى وتعالجها , لأن أي خطأ فيها يمكن أن يكون قاتلا وذا نتائج كارثية على الثورة . هذا ويمكن تلخيص هذه المخاطر ب:
1. الدعوة إلى عسكرة الثورة
2. الدعوة للتدخل العسكري الأجنبي
3. الدعوة لتشكيل هيئات تمثيلية في الخارج تفرض برامجها على الثورة في الداخل
لقد كان للاستبداد خلال نصف القرن الماضي بسورية , تأثير مدمر على بنية المجتمع السوري وعلى شبكة العلاقات التي تربط مكوناته ببعضها البعض . فكان منع الناس من , التواصل , وتشكيل الأحزاب والمؤسسات الاجتماعية التي تعبر عن مصالح الشعب . سياسة ثابتة من سياسات النظام , مما نجم عنه ازدياد الغربة بين أبناء الوطن, بالإضافة إلى نمو مشاعر التوجس والريبة والشك وأحيانا الكراهية بين الناس . ومن نتائج السياسات الآنفة الذكر , تظهر جلية ضرورة قيام الثورة السلمية كونها الأسلوب الأنجع لإعادة بناء ما دمره الاستبداد , عبر انضمام أبناء الشعب إلى الثورة وتلاحمهم من خلال العمل الميداني وإعادة صهر مكونات المجتمع في آتون الثورة السلمية , مما يعيد بناء علاقات التضامن , وزيادة الثقة , ونكران الذات بين الناس . هذه الفرصة التي تمنحها الثورة السلمية لكل أبناء المجتمع , تعجز عسكرة الثورة عن فعله , بل على عكس ذلك تؤدي إلى الفعل المضاد وتساهم في عزل الناس وإعادتهم إلى منازلهم . هذا وان عسكرة الثورة تنقلها إلى الحقل الذي يجيد النظام اللعب فيه , حقل استخدام العنف . كذلك فان عسكرة الثورة ترفع الروح العدائية عند أجهزة النظام , وتنمي غريزة الدفاع عن الذات عند عناصرها وتزيد من استشراسهم في الدفاع عن أنفسهم , وهذا يسهل العمل على قادة الاستبداد في استعمال تلك الأجهزة باريحية وبطاقاتها القصوى.
أما من ناحية الخسائر البشرية , فتبقى خسائر الثورة السلمية اقل بكثير من الثورة المسلحة والمثال الليبي اكبر دليل .
إن البطش والقتل والاعتقال الذي تمارسه أجهزة السلطة , وما ينجم عنه من خوف على حياة وعرض وأملاك المواطنين , يزين للبعض فكرة التدخل العسكري الأجنبي في الإجهاز على النظام . .
ما يجب أن يكون واضحا لنا نحن السوريون , أن لا احد في هذا العالم يعمل شيئا بالمجان , وان ما يحرك الدول هو مصالحها . فلا فرنسا قدمت شيئا لمسيحيي سوريا ولبنان إلا توتير علاقاتهم مع إخوانهم في الوطن , ولا الاتحاد السوفيتي حقق الثورة البلشفية للشيوعيين العرب وقدم لهم السلطة بالمجان , كذلك إيران وتركيا لن ينفعا الشيعة والسنة العرب , على الرغم من تقديم أنفسهم بأنهم مسلمون , ولكنهم في الحقيقة هم إيرانيون وأتراك أولاً وثانيا ثم مسلمون ثالثاً .
التدخل الخارجي يعني حكومة مستقبلية تابعة , ويعني رهن إرادة السوريين لإرادة المحتل.
بالتأكيد , سورية دولة في الأسرة الدولية, وللشعب السوري حق على المجتمع الدولي لحمايته من قاتليه . والكل يعرف بان النظام خلال الأربعين عاما الماضية , بنى علاقاته واستراتيجياته على أساس إرضاء الخارج مقابل السكوت عن سياساته ونهبه في الداخل ,وقد آن الأوان لهذا الخارج أن يجفف منابع الدعم لهذا النظام ويرفع الغطاء عنه وشعبنا كفيل بإتمام المهمة .
من اللافت للانتباه أن القوى والأفراد التي تدعو للتدخل الخارجي , تتداعى لتشكيل هيئات تمثيلية للثورة أو للشعب السوري , وقد تٌستعمل هذه الهيئات لاحقاً لتوجيه دعوات ( رسمية ) لدول بعينها للتدخل في الشأن السوري , على ساس أن هذه الهيئات تملك صفة تمثيلية للشعب السوري , وان دعواتها تهدف إلى ( إنقاذ ) الشعب من جرائم النظام . كذلك فان هذه القوى تعمل على إعادة سورية إلى الوراء قصدا أو بدون قصد, وذلك من خلال تشكيل هيئات تمثيلية يتقاسم مقاعدها أفراد على أسس محاصصه طائفية وقومية , وبالتالي رمي سورية مجددا في دوامة صراعات تفتت وحدة الشعب وتهدد العيش المشترك بين المواطنين ..
إننا ندعو كل القوى الوطنية والديمقراطية إلى الإعلان ..
1. إن ممثل ثورة الشباب هم الشباب أنفسهم وما يصدر عنهم من تعبيرات تنظيمية وسياسية ورموز وطنية مكافحة .
2. إن ممثل سورية في الداخل و في الخارج هم من تفوضهم صناديق الانتخاب
3. من حق السوريين في الداخل والخارج عقد المؤتمرات واللقاءات وتشكيل اللجان التي يرتأون ضرورتها , ولكن فقط في سبيل خدمة الثورة , وليس تمثيلها . .
4. إن تنشيط العلاقات بين القوى الوطنية المعارضة والمجتمع الدولي ضرورة من ضرورات حشد الدعم لثورتنا , ولكن ليس لأحد الحق في النطق باسمها إلا شبابها .