الفنان علي فرزات... إرهابي سلاحه الريشة
د.أميمة أحمد
سمعت صوته متحديا رغم الكدمات الزرق والكسور التي سببها بلطجية النظام السوري ، نقلها فيديو بعد تضميد جراحه ، تحدث لقناة العربية متسائلا " كانوا يقولون إنهم يطاردون الجماعات الإرهابية التي تروع المواطنين، فماذا يقولون عني هل أنا إرهابي حتى اختطفتني بلطجية النظام وتضربني ضربا مبرحا ؟ "
السؤال كشف زيف النظام السوري في الترويج لمكافحة مايصفه " بالإرهاب " ، فعلي فرزات قامة فنية عالمية ، حائز على عشرات الجوائز العالمية انحاز للشعب، وكان وجدان الشعب برسوماته الناقدة لأكبر شخصيات الهرم السياسي السوري ، لكن النظام السوري الذي زعم أنه أصدر قانون الإعلام لتحرير الإعلام وحرية التعبير لم يحتمل تعبير الفنان علي فرزات، فأرسل له أربعة من شبيحة النظام ليضربوه ويقولوا له " تتطاول على أسيادك ...؟ " من هؤلاء الأسياد يادكتور بشار وأنت تزعم الإصلاح وحرية التعبير ؟
لانستغرب ما حصل للفنان علي فرزات ، وحمدا لله لم تتم تصفيته كما حصل مع الكاتب الصحفي سليم اللوزي أحد عمالقة الصحافة العربية، الذي كتب مقالات انتقد فيها نظام الأسد الأب بمجلة الحوادث اللبنانية التي يديرها في لندن ، فاختطفته المخابرات السورية في 4 مارس 1980 وهو في طريقه لمطار بيروت بعدما حضر عزاء والدته، واقتادوه إلى أحد فروع الأمن السوري في لبنان ، حيث عذبوه ونكلوا به وأذابوا يده اليمين بالأسيد عقابا لها لما كانت تكتبه عن بطش نظام الأسد الأب في لبنان ، وألقوا بجثته في غابة ، حيث عثر عليها أحد الرعاة بعد ثمانية أيام على اغتياله .
وفي عام 1980 بتاريخ الثامن من إبريل اختطفت قوات الأمن السوري المهندس الزراعي ورئيس نقابة المهندسين الزراعيين سابقا خضر الشيشكلي ابن الثانية والثمانين سنة من بيته بملابس النوم ، وأخذوه إلى جهة مجهولة ، وهو شقيق توفيق الشيشكلي أحد زعماء الكتلة الوطنية ، وقد استلم خضر الشيشكلي زعامة الكتلة الوطنية من أخيه المرحوم توفيق ، فقد اغتالته قوات الأمن ومثلت بجثته ، لأنه تحدث عن تاريخ عائلة الأسد مع الاحتلال الفرنسي، نقل الوشاة حديثه فكانت نهايته. ومن نفس العائلة الدكتور عمر الشيشكلي رئيس أطباء العيون في سورية وعضو مجلس نقابة الأطباء ، طالب بالحرية ، فاختطفته قوات الأمن ، وعثر على جثته على طريق مدينة محردة ، وآثار التعذيب على جسده، وقد سملوا عينيه .
فليست المرة الأولى التي تعتدي فيها قوات الأمن على قامات وطنية لأنها عبرت عن رأيها ، وتريخها " المجيد بالقتل " يمتد إلى الثورة السورية الراهنة ، حيث اختطفت قوات الأمن المنشد إبراهيم قاشوش أيقونة الثورة السورية ، وردد آلاف السوريين أغنيته " ارحل يابشار " عثر على جثته على ضفاف العاصى، مذبوحا من الوريد إلى الوريد، واقتلعت حنجرته .
النظام السوري يزعم أنه يطارد الإرهابيين ، فهل أصبح الشعب السوري كله إرهابيا من درعا جنوبا إلى القامشلي شمالا ومن دير الزور شرقا إلى اللاذقية غربا؟ وهل بمقدور النظام السوري الاستمرار بالحل الأمني والقتل المروع للسكان ؟ وهل بمقدوره أن يضبط الجيش وقواته الأمنية طويلا في أن تطيع الأوامر باحتلال المدن والبلدات السورية مرة وراء مرة ؟ وهل يتصور أن المجتمع الدولي مهما كانت المصالح ببقاء هذا النظام لحفظ أمن إسرائيل ولجم رياح الثورات للمنطقة أن يبقى صامتا أمام هذه المجازر التي أثارت استنكار الرأي العام الدولي بشدة على هذا القتل غير المبرر ؟
هذه أخطاء قاتلة للنظام ، يتصور أن الحل الأمني في زمن مجزرة حماه مطلع ثمانينات القرن الماضي التي راح فيه زهاء 40 ألف شخص بين قتيل ومفقود يصلح لعلاج الأزمة السورية الراهنة في عام 2011 ، لقد مضى ثلاثة عقود وأصبح الآن وسائل الاتصال الاجتماعي ، والمواطن الصحفي ، التي تنقل كل انتهاكات النظام لحقوق الإنسان ، فلم يعد ممكنا إخفاء الجريمة في عصر الأنترنيت .
هل تذهب الجريمة ضد الفنان علي فرزات تحت أقدام التحقيق الذي أعلنته وزارة الداخلية السورية ؟ أستغرب كيف لاتعلم وزارة الداخلية باختطاف فرزات والسيد اختطف من ساحة الأمويين المنطقة الأمنية بامتياز، ومجهزة بالكمرات ، ألا يمكن فتح أفلام الكمرات في تلك الساعة لمعرفة هؤلاء الشبيحة الأربعة الذين اختطفوا فرزات الفنان العالمي ؟
ياحيف على نظام يرهب فنانيه ومثقفيه لأنهم جهروا بكلمة حق .