الأسرى والمطلوب من الجميع
ثامر سباعنة
سجن مجدو - فلسطين
فلسطين
تعتبر قضية الأسرى جزءاً من السياق الجغرافي - السياسي المعقد الذي يتداخل به الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، إذ يُقدَر أنه منذ سنة 1967 تعرض أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى الاعتقال والاحتجاز في سجون الاحتلال الصهيوني ومن ضمنهم 10 آلاف امرأة.
لكن هل تبقى قضية الأسرى مجرد أرقام تذكر هنا وهناك ، أم مناسبة دورية يحييها الشارع الفلسطيني!!
على من يقع عاتق تحرير الأسرى ؟؟ وما المطلوب من الجميع تجاه هذا الملف الحساس والجرح النازف.
أولاً : المطلوب من الأسرى أنفسهم
يقع على عاتق الأسرى دور كبير ومهم وحساس ضمن خطة العمل الجادة لتحريرهم ولوضع ملفهم على سلم الأولويات ، فبداية المطلوب منهم التوحد على مطالب واحدة وضمن جسم واحد قوي يقف أمام إدارة السجون بشكل موحد وواضح بالإضافة إلى قوة طرحه على الساحة الفلسطينية والعالمية ، كما أن المطلوب منهم أيضاً الوقوف خلف القيادة الأسيرة والالتزام بقراراتها .
ثانياً : المطلوب من الشارع الفلسطيني والعربي
على مستوى التحركات الشعبية تخصيص أيام للاحتجاج ضد الأسر ومعاناة الأسرى بتنظيم مختلف أشكال التنديد الممكنة من تظاهرات واعتصامات واحتجاجات أمام البعثات الدبلوماسية والهيئات ذات الصلة ، بالاضافة إلى ذكر قضيتهم في المجامع العامة وتوضيح معاناتهم والكتابة عنهم وعن أحوالهم ، والدعاء لهم في ظهر الغيب وفي الصلوات وفي قنوت النوازل ، كما يجب محاولة الاتصال بأهاليهم عبر أي وسيلة اتصال تمكننا من ذلك ، وتفقدهم وكفالة أسرهم وتأمين احتياجاتهم.
و في بعض الأحيان يسمح بخروج الأسير لقاء غرامة أو كفالة مالية تدفع لجيش الاحتلال الصهيوني فإن علم عن أحد من هؤلاء الأسرى شيء من ذلك فليحاول أهل الخير والعطاء أن يمدوا إخوانهم في ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول : «فكوا العاني» [رواه البخاري]. أي الأسير.. قال الإمام مالك رحمه الله: " واجب على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم وهذا لا خلاف فيه لقوله عليه السلام : «فكوا العاني» [رواه البخاري] " ، وقد قال علماء الإسلام : "لو أنفقت الدولة خزينتها على فداء أسرى المسلمين من الكفار ما كان هذا كثيراً ".. لذا يجب الإسراع في إنشاء صندوق دعم مالي يسهم في تحمل الأعباء المالية المترتبة على ملاحقة قضاياهم من جهة ، وفي انتشال عوائلهم من الواقع المزري الذي يواجهونه من جهة ثانية.
ثالثاً : من القيادة الفلسطينية والفصائل
وضع ملف الأسرى في أولويات القيادات في كل اجتماع دولي أو نشاط سياسي ، بالإضافة إلى إدخال موضوع الأسرى في سجون الاحتلال وثقافة الأسر والاعتقال إلى المنهاج الدراسي الفلسطيني المدرس لأبناء فلسطين ، خاصة وبأنه يكاد لا يخلو بيت فلسطيني من أسير حالي أو سابق ، وليتم حمل قضية الاسرى مع أي مسئول فلسطيني يغادر أو يستقبل أي وفود أو مسئولين أو شخصيات عربية أو أجنبية ، في محاولة لجعلها قضية رأي عام عالمي ، بالإضافة إلى ضرورة الاستفادة القصوى من سلاح الإعلام بما يخدم القضية انطلاقاً من توحيد المصطلحات الإعلامية ويعزز حضور رموز المقاومة الأسرى وتخصيص مساحة خاصة بهم وبمعاناتهم بما يحفظ أسرهم ليقدمها إلى الرأي العام عبر مختلف القنوات العربية والأجنبية المساندةوالداعمة مستفيدة في ذلك من مختلف التقنيات والبرمجيات الإعلامية الحديثة.
رابعاً : من الجمعيات والمؤسسات القانونية
الأسرى بحاجة إلى وقفة وانتفاضة حقيقية من المؤسسات والجمعيات القانونية والإنسانية لإنصافهم ومتابعة حقوقهم وقضاياهم وطرحها عالمياً وبكل الطرق القانونية ، ليتم معاملة الأسرى كأسرى حرب حسب القانون الدولي المعمول به ، وأن يتم تشكيل هيئات ولجان ومنظمات تسعى إلى تفعيل قضية الأسرى وجعلها القضية الحاضرة أمام جميع المنظمات والمؤسسات العالمية ، وعلى القانونيين والحقوقيين الفلسطينيين والعرب والأصدقاء للقضايا العربية والفلسطينية ، والمختصين بحقوق الإنسان كذلك .. مطالبين بدراسة تجاوزات الكيان الصهيوني غير القانونية وغير الحقوقية ، وفضحها في المحافل والمؤتمرات والمحاكم الدولية ، حيث تصل هذه التجاوزات إلى مستوى جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم التمييز العنصري والعقاب الجماعي ، وعلى المنظمات والاتحادات والهيئات الحقوقية والقانونية إطلاق آلية للتحقيق والتقصي في الجرائم التي ترتكب بحق الأسرى والمعتقلين وفي التجاوزات للمواثيق الدولية وشرعية حقوق الإنسان والعمل على ملاحقة كل مرتكبي هذه الجرائم كافة والمشاركينوالمساهمين معهم واتخاذ كل المبادرات القانونية المتاحة بهدف الإفراج عنهم.
وأخيراً قد يكون المطلب الرئيسي والمهم حالياً في قضية الأسرى هو تعريف وضع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال وتوضيح الصيغة القانونية لهم ، وذلك لبدء العمل الجاد لتفعيل ملفهم على المستوى العالمي.