لم انتظار الساسة
خالد سيفي
الفرد هو الأساس فلِمَ انتظار الساسة؟
يقولون أنني نظري، وأنني مثالي وحالم، هذا صحيح، لكن مفهومهم عن المثالية والحلم غير صحيح، لأنهم يعتقدون أنّ الحلم والمثالية لا يمكن تحقيقها.
كتب السير توماس مور (مات 1535) السياسي والفيلسوف والمحامي ورجل الدين في كتابه "اليوتوبيا"، يتمنى ويتوقع ويؤكد تحقق كل ما تمناه البشر ولم يتحقق بَعْد في زمنه، والان وبعد خمسمئة عام تحقق فعلا الكثير مما كان يبدو حلما او مثالية.
الآن نجحت الثورة في بلاد العرب....نعم نجحت الثورة، ولكن ليس بسبب ما يعتقده معظم الناس من اقتصاد وسياسة واجتماع.
ثورات كثيرة قبل ثورة الربيع العربي فشلت سواء في بلاد العرب نفسها او في بلاد الغرب او الشرق او الجنوب، ولو تأملنا الأسباب لوجدنا أن سببا واحدا كان دائما مشتركا وهو: أن السياسيين كانوا دائما يحاولون تغيير المجتمع، وهذا هو الوهم والمقتل والخطأ بعينه.
المجتمع لا يمكن تغييره لان المجتمع لا يوجد، المجتمع كلمة مجردة، اسم لا يدل على شيء، وعندما تحاول تغيير لا شيء، فأنت فاشل.
ما تسميه مجتمعا.....في الحقيقة هو مجموعة من أفراد. أي الفرد هو الموجود، وهو الحقيقة، وهو جوهر القضية والأصل، وأنت تتعامل مع الأفراد فقط. وتنجح الثورة فقط عندما ينجح الفرد الواحد في تغيير نفسه أو ذاته، فيأخذ قرارا أنْ ليس بالإمكان العيش كما كان.
وهنا مجموعة أفراد حتى ولو أنهم لا يعرفون بعضهم بعضا يستطيعون تغيير واقعهم المُعاش، كما حصل في مصر وتونس مع شباب الفيسبوك. إلا أن البداية كانت أنْ كلٌ على حدا كان قد اتخذ قراره وبدون أخذ الإذن من السياسيين.
وربما البطء في نجاح الثورات في بلاد العرب الأخرى كاليمن وليبيا هو أن الساسة لم يكتفوا بدس أنوفهم فقط، بل وامتدت أيديهم فأفسدوها وسمَموها.
إذا اعتنينا بتغيير الفرد، تغيّر المجتمع.
تغيير الأفراد ليس صعبا لان كل واحد منهم يريد أن يتغير، فلا احد مقتنع بما هو فيه او بما لديه ، ويريد أن يعيش أحسن وأسلم وأغنى وأعرف وأسعد.
هناك من قال" أن الاكتشاف الأعظم الذي شهده جيلي_والذي يقارن بثورة البنسلين_ هو معرفة البشر أن بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية".
هل كل فرد في فلسطين يريد الوحدة مع نصفه الآخر؟ وهل كل فرد يريد أن يتخلص من الاحتلال والحواجز والسجن والجدار والقهر...؟ وإذا كان الجواب نعم! فلِمَ انتظار الساسة؟!.