سيدنا يوسف خرج من البئر ولكن آية برادعية لم تخرج
سيدنا يوسف خرج من البئر
ولكن آية برادعية لم تخرج
امتياز المغربي- رام الله
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
سفيرة بيت الأدب المغربي في فلسطين
صرخت كثيرا وبكت أكثر، ولكن صدى الصوت في البئر لم يسمعه احد إلا هي، استنجدت كثيرا، ذبلت، صمت، ماتت، وماتت معها المحاولة، وانتشرت أشلاء جسدها العفيف في المكان.
فتح قبل أيام باب البئر لكي يطل الموجودون على أشلاء جثة متناثرة بداخله، نظرات فزعة ومتألمة لهول المشهد، دخل احد الأفراد من الجهات المختصة لانتشال الأشلاء وبقي لمدة يومين وهو يجمعها فيها، كانت الصدمة اشد وقعا عندما اخرج من البئر حقيبة المغدوره التي كانت تحتوي على بطاقتها الشخصية وصور عدد من عائلتها، حينها تعرف الموجودون على هوية المغدوره آية براذعية.
وتبدأ قصة المغدوره آية برادعية عندما تقدم لخطبتها شاب أكثر من مرة، وقد رفض الأهل ذلك الشاب، ولكن اصراره على خطبة آية جعل العم يشك في أخلاقيات ابنة اخيه آية، ودبر وخطط بكل دقة عملية خطفها وقتلها، دون أن يرمش له جفن أو يهتز له قلب.
طلب من المغدوره أن تخرج معه ليلا بدعوى انه يريد الحديث معها عن خطيبها الذي يرفضه أهلها باستمرار، ذهبت معه في المرة الأولى، ولكنها رفضت أن تخرج معه في المرة الثانية ليلا، وذلك حسب رغبة الشاب الذي كان قد تقدم لخطبتها، ولكن عمها دعاها في صباح اليوم التالي كي تصعد إلى سيارته بقصد إيصالها إلى الجامعة، وحينها قام العم برش مادة منومة على وجه ابنة أخيه، واتصل بأصدقائه المجرمين الذي كانوا أشبه بعصابة مجهولة الهوية، لكي ينضموا معه في رحلة إعدام آية، فوافقوا دون تردد، حمل العم ابنة أخيه التي كانت فاقدة للوعي في السيارة، وطلب من أصدقائه البقاء في المحيط لكي يحرسونه، وبعد ربع ساعة عاد عم المغدوره وأشار برأسه أن الهمة قد اكتملت، وعاد الجميع إلى مدخل البلدة ولكنهم تفرقوا هناك لكي لا يشك احد بهم.
استمر البحث عن آية أكثر من عام، ولكن دون فائدة، واعتقد البعض أن آية خطفت ولكنهم لم يستطيعوا تحديد الجاني في حينها، لذلك بقية القضية مفتوحة، فأية ما زالت مفقودة.
كان العم يشاركهم في البحث والتنقيب عن ابنة أخيه ويؤدي دور الخائف على مصيرها، ويشرب القهوة والارجيلة أمام منزلها مع أفراد عائلتها، وهو يفكر معهم في كيفية العثور على ابنتهم المغدوره، فأجاد الدور حتى نسي انه القاتل فعلا.
عم آية اقر بقتله لها، وعزا ذلك إلى شكه بعلاقة ابنة أخيه آية مع الشاب الذي تقدم لخطبتها عدد من المرات، وقال انه خطفها من أمام منزل أخيه، وقام برش مادة منومة على وجهها، واتصل بأصدقائه المجرمين لكي يرافقوه في عملية القتل، وكيف أنهم بقوا لحراسة المكان، وكيف أن آية استفاقت من غيبوبتها ولكنه كان قد ربط يديها وقدميها، وكيف أنها كانت تبكي وتتوسل وتقول له "ارحمني أنا شو عملت، مشان الله ارحمني، والله ما عملت شي، ولكنه قذفها في البئر، وأغلقه ووضع عليه حجر كبير، وعاد إلى حيث أصدقائه وهو منتشي بالجريمة النكراء.
قتلت آية براذعية من بلدة صوريف على الشماعة التي أصبحت مستخدمة كثيرا وهي خلفية الشرف، ترى أي شرف كان يقصد عمها الذي بنى كل أفعاله على الشكوك، وأي حق يعطى لهذا العم الجائر لكي يقدم على قتل ابنة أخيه آية برادعية، وسؤالي هنا هو هل نحن منزهين عن الأخطاء والوقوع فيها؟ طبعا لا. إذا فليحاكم الجلاد، وكل جلاد فكر في الإقدام على قتل النفس البشرية.
وفي نهاية المطاف أقول كتب لسيدنا يوسف أن يخرج من البئر بالرغم من المكيدة التي دبرت له، ولكن آية لم تنجوا من المكيدة التي دبرت لها، ولم يكتب لها أن تخرج من البئر وهي على قيد الحياة، ولكنها حققت بموتها ما عجز عنه الأحياء، فتم إصدار مرسوم رأسي بتعديل قانون العقوبات الذي سعت لتغيره عدد من الجهات، ولكنها لم تنجح، إننا ننتظر ان يطال قرار التعديل الصادر عن السيد الرئيس جميع المواد التي أسهمت في ظلم المرأة والإفلات من العقاب على مدار سنوات. هذه الحادثة المريرة تجعلنا نتابع لما ستؤول إليه النتائج في معاقبة الجناة، وعدم إفلاتهم من العقاب، وردع كل من تسول له نفسه اقتراف مثل هذه الجرائم البشعة بحق المرأة الفلسطينية.
قتل آية البريئة بكل بشاعته أصبح نورا تسير فيه جميع النساء نحو تعديل قانون العقوبات الذي يساند النساء، رحمك الله أختي آية.