الطريق إلى القدس يمر من طرابلس
أمير أوغلو / الدانمارك
هذه آخر ابتكارات زعيم الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة في العالم العربي السيد الدكتور بشار الأسد. لقد قرر الأسد أن يحرر القدس انطلاقاً من طرابلس بمساعدة المجرم القاتل نيرون العرب الثاني على الطرف الآخر من المتوسط.
طياروا الجيش السوري الذين يدفع رواتبهم الشعب السوري منذ أربعين سنة، من دمه وقوت أولاده، متواجدون حالياً في طرابلس لحماية نظام المجرم القذافي ولقصف المدنيين الليبين الأبرياء الذبن ارتكبوا الجرم المحرم عند الأنظمة الدكتاتورية وهو قول كلمة لا.
في البداية كنا نظن أن هذه إشاعات وأنه لا يمكن لسوريا المنهمكة بالإعداد والاستعداد لتحرير الجولان وتحرير فلسطين أن يكون لها قوات في بلد من المعروف عنه أنه لا يستعمل قواته إلا في نشر الفساد والاضطرابات في أنحاء العالم بدءاً من أفريقيا التي أعلن نفسه ملكاً عليها وانتهاء بمساعدة أتفه وأسخف حركات التحرر في العالم، بقصد الفساد والإفساد وتملك أوراق ضغط سياسي يواجه بها خصومه وأعدائه.
الرواية الرسمية تقول إن القوات الجوية في ليبيا موجودة فقط لتدريب الطيارين الليبيين، أما الحقيقة فهي أن هذه القوات وهؤلاء الضباط يشاركون فعلياً في قتل الناس المدنيين وقتل المعارضين لنظام المجرم القذافي.
أحد هؤلاء الضباط وصل إلى سوريا منذ أيام جثةً مشوهةً، دفنه أهله في قرية السلمية، ورفضت السلطات أن تقول لهم أين سقطت طائرته ولكنهم بعد تزايد الضغوط قالوا إنها سقطت في الجولان!
مخابرات النظام البائس وإعلامه يعلنون فشلهم وغباءهم في كل مرة تحدث فيها مثل هذه الحوادث، لم يجدوا مكاناً في العالم يعلنون عن سقوط الطائرة فيه إلا الجولان التي لم تطلع فوقها طائرة عسكرية منذ أربعين سنة. يبدو أنهم مسكونون بفكرة أن التشدق بحرب إسرائيل وإيهام الناس أننا في يوم من الأيام سنحرر الجولان هي الحماية الوحيدة للنظام في دمشق، وهي الورقة الأخيرة التي يلعب بها النظام لاستمرار قمعه وإرهابه للشعب السوري، لذلك يلعبون هذه الورقة في كل مرة حتى احترقت تماماً ولم يعد يصدقها أحد.
كان يمكن للمخابرات والإعلام أن يقولوا مثلاً إن الطائرة سقطت على حدود العراق وهي تمنع تسلل الإرهابيين إلى العراق، أو أنها سقطت في شمال سوريا حيث تراقب تحركات الإخوة الأكراد لمنع تسلل العملاء إليهم ليقنعونهم بالثورة على النظام، أو أي مكان آخر فنحن بحمد الله محاطون بالأعداء الذين خلقهم النظام من كل جانب، أما أن يقال إن الطائرة سقطت في الجولان فتلك نكتة سمجة فعلاً.
أهل الفقيد طبعاً يعرفون أنه كان في ليبيا ومن غير المعقول أن ينفذ طلعات جوية من هناك ضد إسرائيل مثلاً، ولكنهم كغيرهم من السوريين لا يمكنهم الكلام إما خوفاً وإما طمعاً، ولكن الحقيقة المرة ستظهر إن عاجلاً أو آجلاً وكل التقارير الواردة من الحكومة الجديدة في ليبيا تشير إلى تواطئ النظام السوري مع النظام الليبي ضد الشعب، وقد هدد المجلس الإنتقالي في ليبيا بتقديم شكوى دولية ضد النظام السوري لمشاركته رسمياً في قتل أبناء ليبيا. (وهناك أخبار عن سفينة فيها أسلحة وسيارات جيب مسلحة متوجهة من سوريا إلى ليبيا رغم الحظر الدولي على توريد الأسلحة للنظام الليبي).
الموقف الثاني الذي يشرح لنا عمالة النظام السوري، هو وقوفه البارحة ضد قرار الحظر الجوي الذي طالب به وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في جامعة الدول العربية. موقف يظهر مرة أخرى خوف النظام من زوال الأنظمة المشابهة له في القمع والإرهاب والسرقة والفساد، وبقائه في النهاية وحيداً في الساحة العربية، كما يظهر تفضيله إفناء الشعب الليبي على رحيل النظام الحليف. شاركه في هذا الموقف الدول العربية الثلاث المهددة بالسقوط بنفس الطريقة التي سقطت بها تونس ومصر، وهي السودان والجزائر واليمن، وهي نفس الدول التي تدعي المقاومة ودعم المقاومة وتمد أيديها من تحت الطاولة لإسرائيل وتحظى بأكبر دعم من إسرائيل لضمان عدم سقوطها. هنا لا بد لنا أن نُذكّر بأن إسرائيل هي من وقفت ضد أمريكا بعد مقتل الحريري لمنع إسقاط النظام السوري وطالبت بإصلاحه فقط!
حظر الطيران ليس تدخلاً عسكرياً ولن يؤدي إلى تدخل عسكري، وهو أهون الشرين في الموقف الحالي. كلنا نتمنى أن ينتصر الشعب الليبي دون حظر للطيران ولكن كيف؟ وكل يوم يُقتل المئات من المدنيين ويُجلب الآلاف من المرتزقة بالطائرات وتُقصف آبار النفط ومصافيه ومخازنه، وتُدك بيوت الناس من الجو، والثوار لا يملكون شيئا من السلاح يردون به عن أنفسهم هذا الجبروت وهذا العنف الثوري. كلنا نعلم أن الدول العربية وخاصة الخليجية التي طالبت وأيدت هذا الحظر، ليست أقل عمالة للغرب من الدول التي مانعت ولكن هكذا السياسة تضعك دوماً بين خيارين أحلاهما مر، ولا يمكن أن يكون شكنا بنوايا المطالبين بالحظر الجوي سبباً في وقوفنا مع المعارضين لهذا الحظر وتبرئتهم من سوء النية وخبث الطوية.
أخيراً نقول للنظام السوري إن إوراقك تحترق الواحدة تلو الأخرى وآخرها بإذن الله تعالى، هي جبهة الصمود والتصدي الذي هو في الحقيقة تصد للشعوب وصمود في وجه الإصلاح وهرولة نحو إسرائيل ولكن بقناع من الأكاذيب استطعت أن تخدع به المغفلين الذين لا يعرفون تاريخك المغرق في العمالة. إن سقوط ليبيا اليوم، وبعدها اليمن التي انتفض شعبها الحر الأبي في وجه الطالح، ثم الجزائر بلد المليون شهيد الذين لم يستشهدوا ليسلموا الحكم للخونة أعداء الشعب وسارقيه، وأخيراً السودان الذي لن يرضى أهله بتقسيمه وإضعافه بهذا الشكل تحقيقاً لمصالح أعدائه، كل هؤلاء الساقطين سيمهدون لسقوطك القريب، ولن تنفعك إسرائيل ولا إيران ولا كل أعداء الأمة الذين يقفون معك وإن غداً لناظره لقريب.