شرق الأبيض المتوسط يلتهب

هل يبادر الذين يتم الظلم والتهديد باسمهم

إلى اختصار الطريق؟!

زهير سالم*

[email protected]

تصلني رسائل كثيرة إلى مركز الشرق العربي تحذر: لا تحلموا..، لا تحاولوا...، لا تجربوا..، تذكروا..، ( لن...حتى.. ). ويدور حديث في ثنايا هذه التهديدات والتحذيرات عن ( دماء.. وركب )، وعن ( أرض محروقة..)، وعن تدمير مدن على رؤوس سكانها، وعن مجازر تجعل ما حصل في حماة سنة 1980 مزاحا..

وللموضوعية والإنصاف لا أستطيع أن أحسب هذه الرسائل على طرف رسمي أو شعبي، فهي تصل ممهورة بأسماء وعناوين ما أسهل تركيبها!! كما أنه ليس من السهل في الوقت نفسه تجاهلها. وإدارة الظهر لها.

لن يكون من المقبول من أي طرف أن يسمح لهذه الرايات، ولا لمثيلاتها من رايات الثأر والانتقام أن تخيم على مشهدنا السوري. نحن نعيش في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ودعوتنا للتغيير لا نطلقها باسم حي أو مدينة أو مذهب أو طائفة، ولا ضد أحد من هؤلاء، دعوتنا إلى التغيير نطلقها باسم شعبنا كل شعبنا، وعلى مساحة وطننا كل وطننا، دعوة ترفض الظلم وتنشد العدل، تؤمن بالسماحة والعفو ولا ترفع راية للانتقام.

لقد كررنا كثيرا قولنا سيتم التغيير: ( بكم أو بغيركم ). وهذا يعني رفضا للسياسات والأخطاء، ونتمنى دائما أن يسبق القائمون على الأمر في وطننا حركةَ الأحداث، ونتمنى أيضا أن يكونوا قادرين على تقديم حلول إبداعية تجسّر علاقاتهم بهذا الشعب الحر الأبي، بعيدا عن نصائح ( عواجيز ) الأجهزة الأمنية الذين استغاث البعض بآرائهم فيما يشعرون من موقف عصيب. هذا الوضع المتردي من المحيط إلى الخليج هو من مخرجات الحلول الأمنية، والسياسات الأمنية، التي تنظر إلى المواطن على أنه مدان حتى تثبت براءته. وهذا مستوى أول من مستويات تفسير قولنا ( بكم أو بغيركم )

إن تفكيك الأزمة ليس بملك المظلومين. وخيار الصراع ليس خيارهم. ولا عاقل يقول للجائع اصبر على جوعك، ولا للبطال ارض ببطالتك، ولا للسجين تعايش مع قيدك، ولا للمشرد مت في غربتك. ولا للمحروم من حقه في الجنسية في وطنه اقنع بنصف مواطنتك ..

والتقدم نحو مشروع الخلاص هو مبادرة مباشرة للذين يصنعون الأزمة بمعالمها من ظلم وقسوة وإقصاء وتمييز ومصادرة حقوق الناس في الاعتقاد أو في الرأي أو في التعبير أو في الحركة والنشاط. الحل ،كما نراه، بسيط وهو في أيديكم : انفوا الدواعي, كفوا عن الظلم، بادروا إلى البر، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وثقوا بصدر الشعب المفتوح..

تفكيك الأزمة، ونفي أسبابها، يكون في الارتقاء إلى مستجدات الزمان والمكان في مرحلة ما بعد الفتى ( البوعزيزي )، وما بعد درس ابن علي. هذا عالم جديد، وواقع جديد، له قوانينه الجديدة، في عصر وسائل الاتصال الجديدة. هذا الارتقاء يحتاج إلى عقول رياضية، ونفوس متعالية غنية، تنتصر على وعد الشيطان وأمره (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء..)) وتثق بوعد الرحمن (( وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.)) .

هذه شواطئ المتوسط الشرقية تلتهب. هي ترفض أن تلبس سوار باريس أو خاتم واشنطن. وهي لن تقبل كفالة أوباما كما عرضها فجر اليوم لنظام مبارك. أصبح الحديث على المكشوف. وهذه الثورة العربية عابرة لحدود سايكس – بيكو ورافضة لها. نعلم أنكم تبدون القلق، أو تحاولون مسابقة الحدث،. العادل عمر ابن عبد العزيز ينصح: حصنها بالعدل والسلام..

 تسهيلا على مشروع العدل الوطني، والسواء الوطني، والحب الوطني أيضا، ولقطع الطريق على كل ( سبابة ) تشير إلى الأحياء والنواحي والشمال والجنوب؛ تتوجه البوصلة الوطنية إلى العقلاء، من الذين يتم الظلم والتهديد باسمهم، مع علمنا أنه يقع على الكثير منهم، أن يختصروا الطريق والتضحيات، وأن يرفعوا الراية، وأن يسحبوا فتيل الجهة وعنوان الشبهة، وإرادات الأجزاء المبعثرة..

ومرة ثانية نعيد التكرار ( بكم أو بغيركم ) وهذا مستوى ثان من مستويات التفسير. التغيير قادم تعالوا نختصر التضحيات، ونسهل الطريق ونلتقي على حب هذا الوطن الجميل.

                

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية