العيب ... قانون غاب من عُرف الناس
العيب ... قانون غاب من عُرف الناس
د. عصام مرتجى- غزة
في نهاية القرن الرابع عشر الهجري، ومع بداية مطلع القرن الخامس عشر الهجري (15 مايو سنة 1980) ، أصدر الرئيس الراحل السادات مرسوما بإقرار قانون "العيب" لحماية قيم الشعب المصري من العيب.
كان القانون رقم 95 لسنة1980 من القانون المصري يختص بشأن حماية القيم من العيب، كانت مواد هذا القانون تنص على أن حماية القيم الأساسية للمجتمع واجب كل مواطن، والخروج عليها عيب يرتب المسئولية السياسية وفقا لأحكام هذا القانون. وعلى جميع مؤسسات الدولة والتنظيمات السياسية والنقابية والاجتماعية وغيرها من التنظيمات العمل على صيانة هذه القيم ودعمها.
وكانت إحدى المواد التوضيحية في القانون تفسر ماذا يقصد بالقيم الأساسية للمجتمع، على أنها المبادئ المقررة في الدستور والقانون التي تستهدف الحفاظ على حقوق الشعب وقيمه الدينية والمقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، والحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد، وحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
كثيرون تهكموا وعابوا على هذا القانون، وكثيرون رأوا فيه مساحة فضفاضة لِزَج من يريدون في السجن بأي تهمة توصم بالعيب.
ولكن لو نظرنا في حالنا البائس البئيس اليوم ، لوجدنا العيب كالسوس ينخر في قيم المجتمع ومقوماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
هذا التفكك الذي وصلنا إليه في مجتمعنا الفلسطيني، ماذا نفعته القوانين والتشريعات الأخرى ؟ وكيف وصلنا لهذا الحال المتردي من الفرقة والتشرذم وكيف لم تحمينا القوانين والتشريعات السابقة من الوقوع في هذا الحال المزري ؟؟!!
لو نظرنا لواقع الأسرة المتفكك و المتشظي بين الأحزاب والتيارات ، لوجدنا أنفسنا نصرخ وبلا شعور .... والله عيب كده !!
ولو نظرنا لواقع المؤسسات الرسمية و السياسية والاجتماعية والدينية ... لوجدنا الواقع يصرخ .... والله عيب كده !!!
لو تابعنا التصريحات المتضاربة للمسئولين والمستخفة بمشاعر الناس وحاجاتهم ، تصريحات مرة مبشرة ومرات ... ومرات منفرة وتبعث بالإحباط و بالشؤم ، ونظرنا في وجوه الناس لوجدناها تصرخ والله عيب يا ناس...والله عيب كده !!!!!!!
لو كان هؤلاء يشعرون بمشاعر الناس وأوجاعهم ... لو كانوا يشعرون بمرارة طعم الانتظار في قلوب الناس ... لعرفوا أن بقاء الواقع هكذا أكبر عيب في القيم وفي الدين وفي الوطن !!
ما أحوجنا لقانون العيب في هذه الأيام النحسات النكدات من تاريخ شعبنا الذي يبكي حال الفرقة على كل المستويات ، هذا القانون الذي سنه ذلك الرئيس "المؤمن" كما كان يحب أن يُكنَّى ،....... الذي لم يقدره كثير من الناس قصيري النظر.
فعندما يغيب العيب من عُرف الناس ومن عُرف كثير من القادة والسياسيين والإعلاميين، كان لزاما أن يؤمر الناس بهذا العُرف قانونا، ويلتزم الجميع بقانون العُرف وقانون العيب الذي غاب. وهذا القانون قانون إلهي نص عليه الشرع الحكيم، ليحافظ على وحدة المجتمع ومكوناته : {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199
لعلنا بهذا القانون نصلح ما أصاب بيتنا الفلسطيني من العيب ...... ونجمع جميعنا على أن بقاء الواقع المزري المأزوم هو عيب يجب أن يصلح ويمنع بقانون العيب طالما أن العيب غاب من عرُف القوم.