لا يريدوننا في بلادهم..وهذا حقهم
ولا يريدوننا في بلادنا وهذا....ا!!!
زهير سالم*
تظن بعض القوى الدولية أنها مالكة العالم. وتتصرف من موقع القدرة والسلطة على هذا الأساس. تعتقد أن من حقها أن تتولى قسمة الشمس الهواء والتراب. وإذ تَقسم، تُقسم أننا لا نصيب لنا في كل ذاك.
تتكاثر شكوى الغربيين في هذا الزمان من وجود المسلمين بين ظهرانيهم. وترتفع أصوات سياسيين ودارسين ومثقفين تجأر بالشكوى من الغول الإسلامي الذي يمكن أن يغتال وجودهم الذي ذهبت سياساتهم بلونه وطعمه وريحه. فمن ساركوزي الذي بات يخاف على جمهوريته، من برقع امرأة، إلى ميركل التي راحت تعيد عد أصابع يدها كلما صافحت مسلما، إلى رجال اليمين المتعصب في كل العالم الذي يسمونه حرا، والذين باتوا يعلنون عن رعبهم من المسلمين صباح مساء.
لسنا في سياق مناقشة مسوغات هذا الرعب وأسبابه ودواعيه. ولسنا نرى المسلمين بحاجة إلى عمليات مكياج أو تجميل لكي يكونوا أقل إثارة للخوف؛ لأننا على يقين أن القوم سيظلون أكثر خوفا حتى من ضحاياهم المعلقين بالكلاليب في كل بلاد الإسلام.
لسنا معنيين بإجراء عملية تجميل لا للإسلام كما يطالب البعض ولا للمسلمين. ولسنا ممن يحاول أن يفرض نفسه على الآخرين. فمن حق الغربيين أن يكون لهم الأمر في بلادهم. من حقهم أن يستقبلوا فيها من يريدون، وأن يبعدوا عنها من يخافون، وأن يسوسوها بالسياسات التي يفضلون. هذا حقهم ولن ينازعهم في حقهم إلا مفتر أو ظالم..
ولكن ليس من حقهم في المقابل، ومن موقع ما يملكون من قدرة وسلطة، أن يمدوا أيديهم إلى بلادنا. وأن يتسلطوا أو يُسلّطوا علينا من يحكمنا بالقهر، ويسومنا الخسف والذل، ويسرق من أفواهنا لقمة العيش، ومن أفواه أطفالنا زجاجة الحليب. من حقهم أن يسوسوا بلادهم ولكن ليس بلادنا، ومن حقهم أن يقرروا قيمهم ولكن ليس قيمنا.
على السياسي الغربي أن يتوقف عن سرقة أرزاقنا، ونهب ثرواتنا، وإكراهنا على سياسات الضلال التي يمارسها علينا متسلط إن أطعناه ضيعنا، وإن عصيناه قتلنا أو اعتقلنا أو شردنا.
من حقنا أن نقول للسياسي الغربي: إننا نعتقد أن كل البلاء الذي ُصب علينا منذ قرن من الزمان كان من فعله وتدبيره وبعض ما صنعته فينا يداه. نقول للسياسي الغربي إنه إذا كان راغبا حقا ألا يرى على رصيف في لندن أو في باريس امرأة مبرقعة، وأخرى تحمل في بطنها جنينا وعلى كتفها رضيعا، وتجر خلفها ثلاثة أبناء.. فإن عليه أن يتوقف عن التدخل في شئون هؤلاء الناس، وأن يكف عن إزعاجهم في بلادهم ، وتسليط حكام بأمره عليهم. المطلوب من السياسي الغربي ليُكف عنه الأذى غير المقصود أن يكف عن عالمنا أذاه المخطط المقصود..
على السياسي الغربي إذا كان لا يريد أن يرى في بلاده مئذنة أو منقبة أو أم عيال أن يكف عن دعم المستبدين والفاسدين . عليه أن يعيد تقدير انعكاس سياسات الاستئصال والإقصاء وتكميم الأفواه وسرقة الأرزاق، وتحويل الأوطان إلى مزارع شخصية أو إلى غوانتنامو كبير..
لوقف مدد الهجرة التي يشتكي منها الغربيون عليهم أن يرفعوا أيديهم عن أوطاننا، وأن يعترفوا بنا على أرضنا، وأن يكفوا عن مطاردة أبنائها عليها، والتضييق عليهم في عقولهم وقلوبهم وأرزاقهم..وعندها ربما يتغير اتجاه رياح الهجرة لتكون غرب – شرق، وعندها سيجد المهاجر إلينا كما عودناه عبر التاريخ الأهل والسهل والرحب والسعة وقبل كل ذلك الأمن، الذي التقمه غول الرعب الذي صنعه الوسواس القهري الذي جُبل عليه بعض الناس....
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية