التنوير والتراث
محمد فتحي محمد فوزي
ضعف صوت الكنيسة واعتبرت أوروبا سقوط سلطان الكنيسة واختفاء الدين " تنويرا" وقد نسب شىء من هذا الباطل إلى بلادنا فأ ُطلقت كلمة" التنوير والتحديث" على كل ما يعارض الدين ويقلل من شأنه.
ويرى الإنجليز أن الُإنسان كالزرع يبدأ وينضج ثم يموت وأن الإلاه( سبحانه) صناعة شرقية لا يريدها الغرب وتبعا لذلك أنكروا الرسل وأشاعوا الإلحاد.
ومن ثم اتجه المجتمع الأوروبى إلى الماديه واعتمد عليها فى شئون حياته وأنكر الدين ومن يضمن أن الإنسان الذى لا دين له ولا خلق ولا إيمان بوجود الله المطلع على كل شىء والذى سيحاسب الناس على أعمالهم يوم المعاد أن هذا الإنسان لن يهمل فى عمله ولن يقبل الرشوة أو يخون أمانته وقد وضحت عقدة الإهمال فى أوروبا بتفسخ الأسرة.... وستمتد من مجال إلى مجال ، فلا شىء يعدل الأولاد والأسرة وإذا أ ُهمل الإنسان أو الأسرة فما أسهل أن يهمل أى شىء.
ويخبرنا التاريخ بأحداث أقوام أنكروا الله سبحانه وتعالى بتقدمهم المادى وزيادة ثرائهم منهم قوم " هود" الذين قال عنهم القرآن الكريم:" أمدكم بما تعلمون ، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون" الشعراء128-134 وقال:" وأترفناهم فى الحياة الدنيا" المؤمنون23.
ولكنهم تمادوا فى طغيانهم فأرسل عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات ليذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا" فصلت86
ثم جاءت " ثمود " بعد " عاد" وأنعم الله عليهم بنعم وفيرة بقوله تبارك ونعالى:" وبوأكم فى الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا " الأعراف74؛ فلما عصوا وأنكروا رسالات السماء دمرتهم الصاعقة وهى البرق الشديد.
بينما يقول أحد المفكرين الإنجليز": وإذا كان المسلمون قد تخلفوا فى التكنولوجيا فإنهم يستطيعون تدارك ذلك ولكن فى مقابل هذا سيكون من الصعب علينا إستعادة أو إحياء التعاليم الروحية تلك التى فقدتها المسيحية ولكن الإسلام حافظ عليها".
وقد دعت السيدة هيلارى كلنتون زوجةالرئيس الأمريكى الأسبق فى إجتماع عقد فى لوس انجلوس إلى ضرورة إحترام الإسلام قائلة": إن العقيدة الإسلامية تعرضت لنوع من التحامل طويل المدى فى بلادنا رويتر- أخبار اليوم1/6/1996 ويذكر ول ديورانت:" أن الرجال العظام الذين حملوا عبء النهضة الأوروبية استطاعوا ذلك لأنهم وقفوا على أكتاف العمالقة المسلمين".
، ويضيف جون ديوى:" إن الحضارة التى تسمح للعلم بتحطيم القيم الروحية لهى حضارة تدمر نفسها".
ويستطرد إمرتون إن الثقافة التى حصل عليها الغرب فى الحروب الصليبية بالعصور الوسطى من المسلمين إنتزعتهم من الحياة البربرية ومن الجهل والوحشية ودفعتهم قدما إلى عالم الحضارة، وكان الاوربيون يسمعون من بعضهم كلاما خاطئا عن المسلمين ، ولكن المسلمين ظهروا أمام الصليبيين على حقيقتهم ؛ فوجدوا فيهم إنسانية عالمية وشرفا وشجاعة ووفاء بالعهد وغير ذلك من الصفات التى لم يكونوا يسمعون بها من قبل وقد ساعد ذلك على تكوين الناحية الإنسانية فى الأوروبيين ولم تكن هذه الناحية من قبل ذات بال عندهم.
فابالتراث المحتوى على العادات العربية والأخلاق الإسلامية الأصيله ووحدانية الله والقيم الروحية التى كادت أن تندثر نستطيع مواجهة " التنوير والتحديث" الأوروبى ونصمد أمامه ونسير بخطى ثابتة وواثقة نحو إستمرارية الحضارة الإسلامية والعمل بها." ألا إن نصر الله قريب".