كرامة محمد – صلى الله عليه وسلم
كرامة محمد – صلى الله عليه وسلم !
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
غضبوا لكرامة زعماء التمرد الطائفي ، ولم يغضبوا لكرامة نبيهم – صلى الله عليه وسلم
!
لقد
تعرضت كرامة نبينا محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – على امتداد عقد من
الزمان تقريبا للإهانة والأذى المباشرين ، على يد المتمردين الطائفيين الخونة ، فما
غضب أحد من هؤلاء لكرامته ، وما انتفض انتفاضة مضرية ؛ مثل التي انتفضها من أجل
زعماء التمرد الطائفي الذين عدّوا إهانة نبي الإسلام ، وإله الإسلام ، والمسلمين
حرية فكر وحرية تعبير ، يجب أن يرد عليها المسلمون !
أفهم أن هناك حسابات تفرض على هؤلاء وغيرهم أن يصمتوا حين يطلب الكلام ، وأن
يتكلموا عندما يكون الصمت بلاغة وحكمة ، وعبادة ..
لقد
أخذوا موقفا مهادنا منذ بدأ التمرد الطائفي مع وصول رئيس الكنيسة الحالي إلى منصبه
وفقا لمفاهيمه عن لاهوت التحرير التي صنعتها جماعة الأمة القبطية الإرهابية ،
وإعادة مصر بلدا غير مسلم بعد تطهيرها من الإسلام والمسلمين ، وصبغها بالهوية
النصرانية عن طريق زرع الكنائس التي تشبه القلاع في كل مكان ، وإرغام السلطة
البوليسية الفاشية عن طريق الابتزاز والاستقواء بالولايات المتحدة ومجموعات
المأجورين من الأبواق المرتزقة والمتنصرين والحاقدين ، على إلغاء الإسلام في
التعليم والإعلام والثقافة والدستور ..
كان
واضحا للمتابعين للشأن الطائفي أن جريمة التمرد الذي يقوده بعض الكهنة بزعامة رئيس
الكنيسة ، ليس أمرا عارضا ، يمكن أن يتوقف في أية لحظة ، بل هو تخطيط طويل المدى
يستهدي بالتجربة الصليبية الهمجية في الأندلس ، والتجربة اليهودية النازية في
فلسطين ، وكان في مقدمة من انتبهوا إلى ذلك فضيلة الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله -
الذي نشر دعما لوجهة نظره الوثيقة الشهيرة التي طرحت في أحد اللقاءات الكهنوتية
بالإسكندرية عام 1972 ، وأشرت إليها أكثر من مرة . لقد حمل كتاب الغزالي " قذائف
الحق " وثيقة مخطط إجرامي لا يخافت في عدوانيته ، وتحديه للأغلبية المسلمة ،
ودينها وثقافتها ، وتصور بالحلم الشرير أنه يمكنه أن يغالب هذه الأغلبية ، ويكسرها
بتفوقه البيولوجي والاقتصادي والنفوذ السياسي ، ومع أن حلمه تحقق اقتصاديا وسياسيا
بتفوقه على الأغلبية الكاسحة ، فقد خذله التفوق البيولوجي ( السكاني ) وزاد عدد
سكان الأغلبية بطريقة لم تكن متوقعة تحدّت كل ما بذلته السلطة البوليسية الفاشية
لتحديد النسل وتعقيم النساء وتأخير سن الزواج والتضييق على خلق الله في عيشهم
ومعاشهم .
ومع
أن رؤية الشيخ الغزالي رحمه الله لا تخفي على الغاضبين من أجل كرامة زعماء التمرد
الطائفي ، فقد كان التودد إليهم ، والهدهدة ، واللغة الرقيقة التي تأتي أحيانا على
حساب الإسلام ومفاهيمه ، هي معجم الغاضبين وأسلوبهم ..
من
ناحيتي أقدر لكل شخص أن يتخذ ما يراه وفقا لمعتقداته ومصالحه ، ولكن من حقنا أيضا
أن نتخذ ما نراه وفقا لمعتقداتنا ومصالح الأمة الإسلامية الجريحة التي تكالب عليها
الطامعون من الخارج والداخل على السواء ..
في
الوقت الذي تغلق فيه المساجد عقب الصلاة مباشرة ، ولا تفتح إلا قبل الأذان بدقائق ،
فإن الكنائس تظل مفتوحة طوال أربع وعشرين ساعة لا يستطيع مسئول في السلطة أن يفرض
عليها إغلاقا .
وفي
الوقت الذي يجلس فيها المخبرون وكتاب التقارير أمام المنابر لتسجيل ما يقوله خطيب
الجمعة ، أو الواعظ وكلاهما ملتزم بتوجيهات فضيلة الجنرال الوزير بألا يتجاوز
الكلام حدود الصبر وصلاة الجنازة ، وتحريم الختان ، والنقاب ، فإن مسئولا أمنيا
كبيرا أو صغيرا لا يستطيع أن يدخل الكنيسة ، ويعترض ؛ فضلا عن أن يسجل ما يقوله
الكهنة المتمردون عن الدين الكاذب ( يقصدون الإسلام ) ، وعن مصر التي احتلها
المسلمون البدو الغزاة الأجلاف ، وعن واجب النصارى في الاستشهاد من أجل تحرير الوطن
السليب ( يقصدون مصر ) !
إذا
أراد فقير أن يقيم عرسا لابنه في المسجد تستدعيه أجهزة الأمن وتستدعي الإمام
والعمال ، وتجعل نهارهم ليلا ، فالمساجد لا يجوز فيها أن تقام الأفراح للفقراء فضلا
عن الأغنياء ، ولكن الكنيسة تقوم بعقد الإكليل ، وإقامة الحفلات الصاخبة ،
والمحاضرات والندوات حتى مطلع الشمس دون أن يجرؤ ( باشا ) من الباشاوات على
اقتحامها ، أو تعكير صفو من فيها !
ومع
ذلك تسمع من بعض الأبواق الغاضبة من أجل كر امة زعماء التمرد الطائفي من ينفخ في
نار التحريض على الإسلام والمسلمين ويتحدث عن إمبراطوريات المساجد والمنابر تحريضا
للجهات التي لا تريد مزيدا من التحريض لأنها تقوم بنفسها بمتابعة المساجد والمنابر
دون حاجة لهذه الأبواق.
منذ
عشر سنوات خرجت الإهانات والبذاءات من داخل الكنائس إلى شاشات الكمبيوتر والتلفزة ،
فضلا عن العواصم الغربية ، وراح المتمردون الطائفيون في مواقعهم وقنواتهم وعواصم
الغرب ؛ يسبون الإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم - سبا بذيئا ، نستغربه من أشخاص
يدّعون انتماءهم إلى المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام – ونحن نجلهما ونقدرهما ،
ولا يكتمل إيماننا إلا إذا آمنا بالمسيح .. إن من يقرأ أو يطالع ما يكتبه المنتسبون
ظلما وزورا إلى المسيح لا يمكن أن يصدق أن هذه تعاليم المسيح يطبقها هؤلاء ، ووصل
الأمر ببعضهم إلى التخصص في الكتابة إلى علماء الإسلام والرافضين للتمرد الطائفي
والصحفيين ورجال الإعلام عن أحلامهم الشريرة بتحرير مصر من المسلمين وموالاة العدو
الصهيوني ، واستعداء العدو الأميركي ، و إرسال الرسائل البذيئة التي لا تمت بصلة
أبدا إلى تعاليم السيد المسيح الذي بعثه الله تعالي ليبرئ الأكمه والأبرص ويحيي
الموتى بإذن الله ، ويكون بلسما يشفي الصدور والقلوب بالمودة والمحبة .. فأين هؤلاء
من عيسى بن مريم ؟
ثم
ما نسمعه ونراه على مدى ثلاثين عاما أو يزيد ممن يسمونهم نصارى المهجر ، وبعضهم هبط
إلى دركة غير مسبوقة في البذاءة والانحطاط الخلقي والسلوكي والوطني ، وخاصة بعد
إعلانه التحالف مع العدو النازي اليهودي ، هؤلاء يقولون ما لا تستطيع أذرع التمرد
الداخلية أن تجهر به ، من عداء للدولة وقيادتها ، وطرح مطالب غير مشروعة يتركز
معظمها في إلغاء الإسلام ، بل وصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بإلغاء آيات من القرآن
الكريم .
ثم
هذا الهارب الذي كتب (تيس عزازيل ) ليهجو نبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم –
بأسلوب وقح ، لا يليق بمسيحي حقيقي ، فضلا عن كاهن يعظ الناس ويدعو إلى المحبة !
ثم
كان من أسوأ الظواهر التي عرفها الناس ما يسمى بزكريا بطرس ، ذلك المخلوق الذي
يرتدي ثياب الكهنة ، ولا يملك من قيم الدين أية قيمة اللهم إلا التعصب الصليبي الذي
عرفه الصليبيون الأوربيون الهمج على مدى تاريخهم الأسود ! ويبث من خلال قناة فضائية
أبشع أنواع السب والبذاءة وسوء الأدب تجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
والمسلمين عامة ، ولا يبالي بمنطق أو خلق أو قانون !
واللافت في الأمر أن زعامة التمرد حين سئلت عن هذه الظاهرة القبيحة الفجة ، أجابت
بأن هذه حرية فكر ، وعلى من يضايقه ذلك أن يرد !
إن
زعامة التمرد تتحكم عمليا بكل المنتسبين إلى الكنيسة الأرثوذكسية في الداخل والخارج
، وتستطيع عن طريق الحرمان أن توقف من تريد ، بل تجعله يكره نفسه حين تقرر شلحه أو
مقاطعته أو عدم الصلاة عليه عند الموت .. ولكن هذه الزعامة لا تفعل وتكتفي بالقول
: إنها لا تملك السيطرة على الناس ! وهذا كلام غير صحيح لأنها إذا أرادت فعلت ،
بدليل أنها أوقفت المظاهرات في الكنائس والكاتدرائية ، واستجاب النصارى لها ولم
يستجيبوا للقانون الذي أصدرته الدولة المدنية ، وانصاعوا لدولة الكنيسة الدينية .
.
إن
زعامة التمرد متأكدة أن المسلم لا يمكن أن يسب المسيح ، ولا أن يهينه أو يزدريه
بسبب ضرورة أو حتمية إيمانه بالمسيح النبي . ولهذا لم تعر الأصوات التي ناشدتها
وقف البذاءات أي اهتمام ، حتى كانت الاستهانة بالقانون بحبس كاميليا شحاتة وغيرها ،
ثم التصريحات المجرمة التي أفلتت من فم نائب الكنيسة الذي تحدث فيها عن الضيافة
والاستشهاد ، وعن القرآن وتأليفه بوساطة محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة ، فكان
للشعب رأيه بعد أن سكتت السلطة الرخوة ، وتجاهلت الأمر تماما ، وتركت أبواقها
والمتنصرين وصبيان اليهودي الخائن هنري كورييل يناصرون التمرد الطائفي ، ويلقون
باللوم على ما يسمى التطرف الإسلامي ..
لقد
خرج الشعب في وقفات احتجاجية ضد التمرد الطائفي في بعض المساجد ليقول للمتمردين
توقفوا عن استباحة القانون ، وتوقفوا عن سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتوقفوا عن
خططكم الشريرة لعزل الطائفة وتمزيق مصر ، لأن ما هو آت قد يكون غير ملائم لكم ..
الغاضبون على كرامة زعامات التمرد يعزون غضبهم إلى لغة بعض المتظاهرين أو المحتجين
ضد التمرد الطائفي ، ونسوا أن الجموع الهادرة لا يمكن أن نطبق عليها المقاييس
الطبيعية العادية ، كما أنهم نسوا أن يغضبوا من أجل محمد - صلى الله عليه وسلم -
منذ عشر سنوات . ثم أنهم نسوا أن يغضبوا من أجل وحدة مصر منذ أربعين عاما !
إن المتمردين الطائفيين في الخارج ؛ تحالفوا مؤخرا مع المجرم الأميركي تيري جونز
الذي هدد بحرق القرآن الكريم ، ويشاركون معه الآن في حملته ضد الإسلام عبر تخطيط
معلن ، يعرفه الصحفيون والإعلاميون ومن يعنيهم الأمر .
يقول تعالى : " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ، إلا الذين ظلموا منهم
.. " ( العنكبوت : 46) ، ويجب أن نواجه الذين ظلموا بأفعالهم ، ونسميهم ونسمي
أفعالهم بالأسماء الدقيقة والصحيحة ، حتى تعلم الأمة ما يخططه لها هؤلاء المتمردون
المجرمون ، الذين خالفوا تعاليم المسيح عليه السلام ، وخانوا أوطانهم وأمتهم .