نجومية على أنقاض مصحف

مصطفى محمد أبو السعود

كاتب من فلسطين

التعامل بالأخلاق أثناء حالة الاتفاق ، مقصد إسلامي مطلوب، ويضفي على الفكرة رونقاً جميلاً ، أما في حالة الاختلاف ، فهو أسلوب في قمة الروعة، لمن يفهم أصول التنافس ، وغيابه عن الحالتين، يوحي بأن قانون الغاب قد لقي إعجاب الكثير من البشر، في عالم تغيرت فيه معالم الاختلاف ومعانيه، ليأخذ حزب المشاهير الضوء الأخضر، ويُخرج من بين ثناياه مَن يعشق إهانة الآخرين ، لعل السب يشفي غليل القلوب الحاقدة ، ويولد امتيازات جديدة ، فكانت أخر الاهانات التهديد بحرق القرآن، في يوم انهيار برجي التجارة العالمية في أمريكا، وهذا دليل على أن الركض تجاه التسامح ،هو بوابة لإسكان مشاعر المسلمين في مقابر الموتى ، وإنعاش طموح  الراغبين بالشهرة  بأي ثمن .

هذا حال الحرية الغربية،التي أصبحت دليلا على نهاية الأخلاق، والعودة لمرحلة العفن الإنساني، الذي انتشر في ربوع أوروبا، وعاشته لقرون طويلة، إلى أن جاءها الإسلام بعطوره ، فغير طبيعة فهمها للأشياء، وكنس الجهل المتكدس في عقول أبنائها ، ووهب نفسه لعلاجهم من مرارة الحياة المادية،لأنه مزيج من روعة الاهتمام، وعبقرية المعاملة، ووصفة سحرية لكل من جهل سبب داءه، وسبيل للراحة النفسية،إنه عطر رائع الرائحة ، ومكوناته القرآن والسنة. 

إن تهديد كنيسة أمريكية بحرق القرآن، ليس عملا جديداً ضد الإسلام ، بل هو حلقة في سلسلة طويلة ، فما أكثر الذين يفتعلون الروايات الكاذبة عن الإسلام لتشويهه، وما أكثر من يدعون حرصهم على النفس من الثلوت بإشعاعه، فالتطاول على الإسلام يعبر عن ضيق صدر الحياة الغربية، وعجزها عن إيجاد حلولا لأزماتها، ليشكل ذلك التطاول الرافعة لمن أراد الولوج لعالم المشاهير، واحتلال صفحات الجرائد ، ونشرات الأخبار .

لكن ليعلم الجميع أن قوى الحقد، مهما كان حجمها، لن تقف ضد النور الذي يسطع مع شروق الشمس ، لأن قواعد الإسلام  راسخة ، ولن تهزها سهام الكراهية المنطلقة من كنانة الغرب، وأن نسبة الإقبال على الإسلام تزداد كلما ارتفعت أسهم الكراهية في بنك الثقافة الغربية، ليصبح محل اهتمام لمن أراد الخروج من مرحلة الضياع إلى وضوح الرؤية بكل تفاصيلها.

نقول لمن يظن أن الإسلام لقمة سائغة ، أن عليه إعادة حساباته ،ويتأكد أن المستقبل ينتظره ، ليضعه في قاعة العار ، لأنه الثمن الحتمي الذي يجب أن يدفعه.

ونقول للحكام العرب ، ودعاة تقارب الأديان،إن كان الصمت مفيد فإن إدمانه كارثة، وإن لم يتناسب الغضب مع المأساة، فتلك مأساة أخرى، ولا تنسوا أن الحقد على الإسلام ،هواية غربية قديمة، رغم تكدس قصائد المديح على بوابات حرية الاعتقاد ، والكارثة الأعظم، حين تكون ردة الفعل على هذه الجريمة، تشبه مناخ موسكو، و يكون موت  حيوان صغير أكثر إثارة من حرق القرآن الكريم في بلد "التسامح" الزائف.