صحافة مسخرة
جميل السلحوت
لا يختلف اثنان على وجوب ضمان حرية الصحافة، وحرية الرأي، والانفتاح الثقافي، وسماع الرأي والرأي الآخر، والمهنية الصحفية، فهذه من بدهيات العمل الصحفي الناجح، وبهيات حقوق الانسان، ومع أنه من الصعب الحديث عن حيادية الصحافة، الا أن ما تقوم به طاحونة الاعلام العالمية، ومن يقفون وراءها لم يعد خافيا على أحد، فالاعلام المعادي استطاع أن يروج لسياسات ضالة ومضللة، من خلال ما أطلقوا عليه "شيطنة" العدو تمهيدا لمحاربته والقضاء عليه، وقد استطاع الاعلام المعدي أن يقلب الحقائق، من خلال جعل الضحية جلادا، وجعل الجلاد ضحية، واذا كان الاعلام المعادي ظاهرا في سياساته، وفيمن يقفون وراءه ويمولونه ويروجون له، فانه من اللافت وجود صحافة عربية، أو بالأحرى ناطقة بالعربية، ويحررها ويعمل فيها عرب، وممولة بأموال عربية، غير انها في رسالتها ومن خلال ما تنشره، مكرسة لخدمة أهداف لا تمت للعروبة في شيء، بل هي معادية للعروبة وللعرب وللاسلام والمسلمين، ويكتب فيها "نخبة" مهنية ومحترفة وبارزة، وهذه الصحافة منها المطبوع الورقي، ومنها المرئي والمسموع ، ومنها الألكتروني، وباسم "التحرر" و"المهنية" و"الانفتاح الثقافي" و"العولمة" و"الحيادية الاعلامية" فانها مكرسة لمهاجمة الحقوق العربية والاسلامية، بل ومهاجمة الاسلام والفكر الاسلامي، والمفكرين العروبيين والاسلاميين، والترويج بأن سبب التخلف العربي والاسلامي في كافة المجالات سببه الفكر القومي والفكر الديني الاسلامي، ومن هذه المنطلقات فانهم يبرزون أخبار وتصرفات وأعمال بعض القوى الظلامية الجاهلة التي تتدثر بعباءة الدين والقومية، علما أن الدين والقومية منهم براء، وهم يروجون لتلك الأخبار من باب انها مادة دسمة لمهاجمة الدين والانتماء القومي، وهؤلاء الذين يدعون ويزعمون أنهم متقدمون وسباقون في معرفة الحقائق، وأنهم حريصون على دينهم وعلى أمتهم، يرفضون نشر أي مقالة أو رأي يخالف الخط المرسوم للوسيلة الاعلامية وللقائمين عليها، وامعانا في دعمهم والترويج لأهدافهم غير النبيلة، فان بعض الأنظمة العربية التي تمولهم من وراء حجاب تقدم لهم جوائز قيمة، على اعتبار انهم "يخدمون قضايا الأمة"، وبعض هذه الصحف تنشر صور الكاسيات العاريات على صفحاتها الأولى وبشكل مستمر، وتنشر ما يقوله الناطقون الاعلاميون المعادون بشكل تجميلي، لترويج سياساتهم في الشارع العربي، في حين ترفض نشر قضايا الأمة وآراء مفكريها والحريصين عليها، والقائمون على هذه الصحف معروفون بولائهم للأجنبي مقابل بيع ذممهم، لكن اللافت أيضا وجود فضائيات ومواقع الكترونية تزعم أنها دينية، ويظهر فيها أصحاب عمائم ولحى ومحجبات ومنقبات يروجون للخرافة باسم الدين، ويخصصون ساعات طويلة للنصب والاحتيال بالاتفاق مع شركات اتصالات محلية ودولية، في برامج " التبصير" و"الفتاحة" ومعرفة الغيب، مستغلين بساطة المتصلين، كما يخصصون جوائز وهمية للاجابة على فوازير غاية في التفاهة، والمشاهد البسيط الجاهل بالدين سينفر من الدين من خلال برامج هذه الفضائيات، علما ان الدين منها براء، لكنها تبث من دول عربية واسلامية.
والمراقب لوسائل الاعلام هذه سيجد أن الاعلام المعادي دخل بيوتنا من خلال الفضائيات والانترنيت، لكن هذه المرة بلسان عربي مبين، وبتمويل عربي ضمن حملة اعادة التثقيف للمواطن العربي، كي يكفر بدينه وبأمته، ويدخل بيت الطاعة المعادي مضللا ومختارا.