سلوكيات رمضانية .. خاطئة
إيلاف العباسي
ما إن يأتي رمضان هذا الشهر العظيم المبارك حتى تنقلب معظم جداول معظم الناس.
فنرى تغيراً في العادات وتغيراً في التصرفات وتغيراً في السلوكيات وتغيرا في العبادات.
البعض منا يجعلها تغيراً إيجابياً محموداً والبعض الآخر مع الأسف يجعلها تغيراً سلبيا ً مذموماً.
ووقفتنا اليوم مع النوع الثاني , حيث نكون بحاجة لتجنب هذه السلوكيات السلبية في رمضان , كون رمضان الكريم شهرٌ كباقي الشهور ولا يتغير عن قبله او ما بعده بشيء , غير الصوم الذي فرضه الله علينا جميعاً.
فنرى البعض يبدأ بالتقصير مع عائلته والسبب أنه صائم
والآخر يبدأ بتعكير مزاجه وتغير تصرفاته مع الناس والسبب أنه صائم.
والكثير منا يبدأ بتغير جدول حياته فينقلب الليل نهار والنهار ليل والسبب أنه صائم.
وفي رمضان نرى إبداعات الشباب فيما يُسمى بالخيمة الرمضانية وما تحويه من انشغال عن ذكر الله تعالى في هذا الشهر الفضيل , وغير ذلك مما نسمع ونرى جميعنا من خلال الواقع المحيط بنا.
ولكي نصحح بعض هذه السلوكيات التي أرى أنها خاطئة لي بعض الإشارات لها وأبدأ بالنصح بها نفسي ومن يهمهم أمري.
فبعضنا يجعل من شهر رمضان موسما لزيادة السمنة , حيث يبدأ بتكريس الطعام والشراب من قبل رمضان استعدادا لتناولها في رمضان , ولا بأس بالتوسع فيما حلله الله وأباحه ولكن مع ذلك يجب أن نراعي حق الفقراء والمساكين ولا ننسهم من واجبنا نحوهم وتذكرهم بشيء بسيط مما رزقنا الله تعالى .
وبعضنا يجعل من رمضان موسماً لتقوية نفسه بالألعاب , ونقول أيضاً لا باس بذلك فلا أحد يستطيع أن يحرم ما أحل الله كونها بعيدة عن المحرمات والمنهيات ولكن مع ذلك لا نجعل من رمضان موسماً لهذه الألعاب التي كثيراً ما تشغل عن ذكر الله تعالى , فرمضان هو فرصة السنة كي نزداد تقربا ً له سبحانه لا أن يكون موسماً لزيادة قوتنا في هذه الألعاب , خصوصاً رمضان هو الوقت الذي يبارك الله تعالى في الأعمال ويضاعف الحسنات وتكون عند جميع الناس همة كبيرة في فعل الخير كون الشياطين قد صُفِدت وأبواب النار قد أغلقت فلماذا لا نستغل هذا الشهر الكريم المبارك بعمل صالح يقربنا لله تعالى ويزيد من حسناتنا وطاعاتنا؟؟!!
وبعضنا يجعل من رمضان وقتا ً مناسباً لإظهار قوته الجسمانية , فيكون بعضنا قليل الصبر لا يتحمل أي خطأ من الطرف المقابل وإذا ما أغضبه شخص أو أزعجه سارع إلى التهجم عليه والنطق بالكلمات النابية وتوجيه السباب والشتائم , والسبب أنه صائم ولم يستطع الصبر على حالة الجوع والعطش.
وأكثر ما نعاني منه جميعنا زحمة السير قبل وقت الإفطار , فنرى السيارات تتلاصق بعضها ببعض , وكأن الجميع قد فقد عقله مع قرب وقت الإفطار ولا يستطيع الصبر على الدقائق الأخيرة كي يصل بيته أو مكان إقامته ويأكل.
الإسلام ديننا العظيم علمنا الانضباط في كل وقت وفي كل مكان , وكون أني صائم لا يعني هذا الحق لي ولا لغيري بأن أتجاوز هذا الانضباط الذي تعاني منه جميع دولنا العربية مع الأسف , حتى تعودنا أن نرى الحوادث تكثر في شهر رمضان وبالتحديد وقت الفطور أكثر من باقي الاشهر من السنة.
ولو كان عندك معاملة في رمضان فنحن دوماً ننصح بأن يؤخرها إذا أمكن ما بعد رمضان , كون الموظف المحترم ليس له النفس الطيبة في رمضان بالتعامل مع مراجعيه وأصحاب المعاملات , هذه من أكبر المشاكل التي أراها سادت في مجتمعاتنا العربية , فلا يعرف هذا الموظف أن رمضان هو حق الله على عبده ولكن هذه الوظيفة هي حق ٌ من حقوق العبد على العبد ومن حقه أن يعتني بها ويكملها , وحقوق الله قد يغفرها لعبده ولكن حق العبد من يضمن لهذا الموظف أن قد يتجاوز عنه ويسامحه؟؟ .
وكونه موظف ويأخذ راتبا شهريا مقابل هذه الوظيفة فمن واجبه والفرض عليه أن يعتني بجميع المراجعين ويعمل على حل مشاكلهم وإكمال معاملاتهم.
أيضا , هناك بعض الطلبة ممن تبدأ درجاتهم بالتدني , ونرى البعض مستواهم الدراسي ينخفض في شهر رمضان , وكأن رمضان جاء ليكون لنا شهراً للكسل والخمول الذي مع الأسف نراه عند الكثير من الطلبة .
وقد يجهل هؤلاء الطلبة او ينسون أن الصحابة والصالحين من أمتنا كان رمضان موسماً لهم كي يجعلوه للجهاد في سبيل الله تعالى .
فكثيرٌ من الغزوات والفتوحات كانت في شهر رمضان , ولم يمنعهم هذا الشهر عن القيان بحقهم تجاه الله وتجاه دينهم. رضي الله عنهم.
كثيرةٌ هي السلوكيات الخاطئة مع الأسف التي نراها في مجتمعاتنا في شهر رمضان , ولو جلسنا وعددنا هذه السلوكيات لما أحصتها كتاباتنا , والخير في القضاء عليها هو أن نعوّد أنفسنا أولا على تركها والنصح لمن هو قريب منا بتجاوزها , وبهذا نستطيع أن نقضي على الكثير منها وتعود مجتمعاتنا منضبطة يسودها الاحترام والخُلُق الحسن .
اسأل الله العظيم سبحانه أن يعيننا على إتباع الخير والقول به وتطبيقه واقعاً , دائما وابداً.