الخطاب الوطني وسحق الطائفية
محسن المطراوي
متى يدرك رجال السياسة خطورة الخطاب، ومتى يتسامى خطابهم على الجراح والخلافات باتجاه بناء العراق، ومتى نخرج من قوالب العائلة والعشيرة والطائفية إلى فضاء الوطن؟. نحن لا نحمل السياسيين وحدهم مسؤولية التردي والتراجع في الخطاب الوطني، فقد يتحرك السياسيون بخطوات موفقة نحو نبذ الطائفية وإيجاد الحلول، ولكن قد يسعى بعض الكتاب إلى إعادة مرض الطائفية إلى الواجهة كلما خبت نارها وانحسر سعيرها .
يؤسفني وأنا أطالع مقالات احمد حسن الصائغ أن أجد فيها نفساً طائفياً ودعهُ الشعب، بل فرض على السياسيين ترك الحديث فيه .
أرى أن الكاتب يحاول إيجاد تفسير طائفي لكل ما قام به السيد طارق الهاشمي، مع أن هذا السياسي قدم للعراق من مختلف أطيافه الشئ الكثير. أنا أقول إن على إخواني الكتاب والصحفيين أن يكونوا سلطة رابعة حقيقية يناقشون المنجزات التي يطرحها السياسيون بتجرد دون ربطها الطائفي. ربما نكون بحاجة إلى الترويج لشعار طرحه طارق الهاشمي، قائم على الانتقال بالعراق من دول المكونات إلى دولة المواطنة، يعكس رقي الفكر السياسي وتجرده، ويعكس التشخيص الدقيق للمرض الذي أصاب البلاد، وطبيعة العلاج أو المصل الواقي لهذا المرض .
وأصبح الشعار متداولاً بشكل ملفت للنظر بين النخب الثقافية والسياسية في العراق، بل حتى ممن شاء القدر إن يكونوا أوصياء على هذه البلاد من المتطفلين (فيلتمان ، اد ميكلرت ، بايدن) مع أننا نعرف مدى السوء الذي يحملون لبلادنا، لكن طبيعة الصراع مع إيران تفرض عليهم البحث في السبل الكفيلة بإخراج العراق من أزمته، ليتصدى لجميع أشكال التدخل الخارجي .
أقول :
للصايغ ولأمثاله: تعالوا نكتب ما يعين الشعب على سحق الطائفية، ويعين السياسي على الاقتداء بالطروحات الايجابية . تعالوا نجعل الخطاب السياسي لجميع السياسيين يتطابق مع خطاب الهاشمي، ولعل النجاح الكبير لخطاب السيد عمار الحكيم سيكون له الأثر في ردم الفجوة بين الشيعة والسنة، ونعول على المجلس الأعلى القيام بمبادرات في هذا الطريق، مثل زيارة المعتقلين السنة أو تكريم عوائلهم .
ذلك أن اجتذاب الهاشمي للساحة الشيعية، وتحقيق القبول فيها، واختراق الحكيم للساحة السنية، وتحقيق القبول فيها، سيسهم في قبر الطائفية دون أن يؤثر ذلك على الاستقلالية في العبادة أو الحرية في ممارسة الطقوس والشعائر الدينية، وهذا ما يخشاه السنة من الحكيم، وما يخشاه الشيعة من الهاشمي. إن هذا يحقق التكامل وصولاً إلى اتفاق الكتل السياسية على برنامج واحد يعالج أزمات العراقيين .
كما أن موقف السيد الحكيم من الضغوطات الإيرانية لتحديد بوصلة تشكيل الحكومة، واعترافه بحق العراقية في تشكيل الحكومة، هي رسالة وطنية لجميع العراقيين بتوديع الخلاف والمباشرة بإعادة أعمار وبناء العراق، وتحصين أمنه واستقراره، ورفض جميع أشكال التدخل والعدوان .
ثمة عامل آخر. إن على الهاشمي والحكيم تشجيع الطروحات الوطنية للأكراد، من خلال احتضان نوشيروان مصطفى، وتنمية هذا التوجه، وتعزيز تمثيله للأكراد، بما يحمل مشروعه من طروحات وطنية تحافظ على وحدة واستقلال وتماسك العراق .