تحالف الفرس والروم
تحالف الفرس والروم
د.خالد الأحمد *
قبل ألف وأربعمائة عام كان الفرس والروم يحكمون العالم ، وكان بعض العرب خاضعاً للروم ، وبعضهم خاضعاً للفرس ، ماعدا قلب الجزيرة العربية التي زهد فيها الفرس والروم ، ولم يغامروا في دخولها . فبعث الله الإسلام ، وانتشرت دعوته ، ودك خالد بين الوليد في آخر عهد الخليفة الصديق وبداية عهد عمر ، رضي الله عنهم أجمعين ؛ دك الروم في اليرموك وطردهم من بلاد الشام ، ولحقهم المسلمون فطر دوهم من شمال إفريقيا كلها ... كما دك سعد بن أبي وقاص في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مملكة الفرس ، وفتح المدائن ، وحملت خزائن كسرى إلى بيت مال المسلمين ...
ولابد من الإشارة إلى أن مصطلح الفرس لايشمل كل مولود من أب وأم فارسيين ، وكذلك الروم ، الفارسي المقصود هو من يعتبر الفرس ( شعب الله المختار ) ويجب أن تكون لهم ( إمبراطورية ساسانية عالمية ) ، تسخر ماجاورها من الشعوب لمصلحتها الدنيوية ، وكذلك الرومي المقصود ، وبذلك لا أعتبر البخاري فارسياً بل هو مسلم غلب إسلامه على ذهنه وسلوكه ، وكذلك غيره من العلماء والدعاة من أصل فارسي أو رومي ...
ومازال الفرس والروم يتربصون بالمسلمين الدوائر ، ومابرحوا يحيكون المؤامرات ، ويجمعون الأحلاف للكيد من المسلمين ....سوى أنهم بعد القادسية قرروا أن لاتكون المواجهة علنية .... بعد أن قدموا كل مايملكون في المواجهة العلنية ( القادسية ) ...وبعد ثلاثة أيام من المعركة الضروس ، استخدموا الفيلـة ، واستشهد مئات من المسلمين ، وفي اليوم الأخير استمرت المعركة الضروس طوال النهار والليل ، وحتى الظهيرة ( قتل رستم ) وهرب من بقي من الفرس حياً .... وهرب كسرى من المدائن ، وبعد قليل أذن فيها المسلمون للصلاة ، وأمهم قائدهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، فصلوا في ساحة إيوان كسرى بالمدائن ...
بعدها قرروا أن لايواجهوا المسلمين مواجهة علنية ...وبدأت دسائسهم ومؤامراتهم ، وبعد بضع سنين قتل أبو لؤلؤة المجوسي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبنى له الفرس ضريحاً في طهران ، تشبه قبته قبة المسجد الأقصى ، وللتعرف على دسائهم اقرأوا ماكتبه ( إحسان إلهي ظهير ) يرحمه الله ..
وقرأنا عن الشعوبية ، وأحقادها ضد الإسلام ، وضد العرب مادة الإسلام ، ومازالت الشعوبية تظهر بأسماء جديدة ، أخطرها تلك التي تلبيس لباس الإسلام ، كما يفعل الفرس ... واليوم يمثل (بوش) وزمرته المحافظون الجدد ؛ يمثلون (الـروم ) ، ويمثل النظام الإيراني الحالي ( الفرس ) ويتحالفون ضد المسلمين ....
ولنقرأ مايلي :
كتب الدكتور فيصل القاسم في كلنا شركاء (19/11/2006) يقول تحت عنوان :
التحالف الإيراني – الأمريكي'
يقول فيصل القاسم ماخلاصته [ حذفت ما أظن أنه لن يؤثر على المضمـون ]: (( هل يمكن الحديث فعلاً عن عداء مستحكم بين الولايات المتحدة وإيران قد يؤدي إلى مواجهة رهيبة في المنطقة في ضوء الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني؟ أم أن المعطيات السياسية والاستراتيجية التي تتجاهلها وسائل الإعلام العربية والغربية لا يمكن أن تسمح بنشوب صراع بين الطرفين، لأن المصالح المشتركة كثيرة بين أمريكا وإيران !!!!.
ولا أدري لماذا يتم التركيز الإعلامي على نقاط الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا، بينما يتم التعتيم كلياً على نقاط التلاقي والاستراتيجية الخطيرة.
يتساءل الكاتب الأمريكي جورج فرديمان: 'هل تعرفون ما هو أهم حدث عالمي في بداية القرن الحادي والعشرين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ إنه التحالف الأمريكي الإيراني'.
لقد قال نائب الرئيس الإيراني السيد محمد علي أبطحي 'بعظمة لسانه': 'إن أمريكا لم تكن لتحلم بغزو العراق أو أفغانستان لولا الدعم الإيراني'. وهذا يؤكد مقولة فريدمان تماماً.
لقد غزت أمريكا العراق بتعاون وتنسيق لا يخفى على أحد مع الأحزاب العراقية المرتبطة بإيران عضوياً، كالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، وحزب الدعوة وحتى حزب الجلبي .
وكلنا نتذكر كيف أعطت الحكومة الإيرانية الضوء الأخضر لحلفائها العراقيين كي يشاركوا في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية السابقة الذي مهد لاحتلال العراق.
وبعد أن أسقطت النظام العراقي السابق راحت واشنطن تشد على أيدي الأحزاب الشيعية تحديداً، فأبرزت فجأة آية الله العراقي المعروف بالسيستاني الذي لم يكن يسمع به أحد قبل الغزو الأمريكي للعراق.
وغدا السيستاني بين ليلة وضحاها واحداً من أهم مائة شخصية تحكم العالم حسب تصنيف مجلة تايم الأمريكية، (علماً أن الإعلام الأمريكي كان دائماً يشيطن آيات الله)، لا بل أمسى السيستاني الآمر الناهي في العراق وسط ترحيب وغبطة إيرانية منقطعة النظير.
لقد حقق الإيرانيون عن طريق الأمريكان ما فشلوا في تحقيقه على مدى ثمانية أعوام من الحرب ضد صدام حسين، بحيث غدوا يسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها على هواهم بعد أن أصبحت البوابة العربية الشرقية مشرعة تماماً أمامهم .
وعندما جرت الانتخابات العراقية عملت أمريكا كل ما بوسعها كي تفوز بها الجماعات الموالية لإيران. وهذا ما حصل. وقد أصبح آل الحكيم وميليشياتهم، وأبرزها (فيلق بدر) الحاكمين بأمرهم بمباركة أمريكية طبعاً.
ونشأ تحالف واضح للعيان بين أصحاب العمائم السوداء وقوات الاحتلال الأمريكي في مواجهة المقاومة العراقية. فقد تمت تسوية الفلوجة وتل أعفر والقائم ومناطق عراقية كثيرة بالأرض بالتعاون بين حلفاء إيران العراقيين والقوات الأمريكية.
أرجوكم لا تقولوا لنا إن إيران وأمريكا في حالة عداء مستحكم، وأن صواريخ 'شهاب' ستدك الحاملات الأمريكية في عرض البحر. واحد زائد واحد يساوي اثنين.
ومن مظاهر هذا التحالف أن الأحزاب الممسكة بالسلطة العراقية ترفض رفضاً قاطعاً السماح بإطلاق رصاصة واحدة على القوات الأمريكية، من منطلق أنها قوات حليفة وصديقة. ولو أن المحسوبين على إيران قاوموا الأمريكيين عند دخولهم العراق لتغيرت الموازين بين ليلة وضحاها، ولما استتب الأمر للقوات الأمريكية حتى هذا الوقت.
وقد اعترف الاستراتيجي والسياسي الأمريكي الشهير هنري كسنجر في مقال له في صحيفة عربية 'بأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق لن يستمر لأسبوعين فيما لو أطلقت المرجعيات المرتبطة بإيران فتاوى بمجرد التظاهر ضد الأمريكيين'، فما بالك بمقاتلتهم.
[ انتهى كلام الدكتور فيصل القاسم ] .
واتحفظ على مقاله فيما يخص معركة الفـالوجة ، حيث روى لي أخ سـوري ( شاهد عيان ) لمعركة الفالوجة أن الشيعة العرب ( مقتدى الصدر ) قدموا أو حاولوا أن يقدموا دعماً للمسلمين في الفالوجة ، وكأن هذا الخبر وصلني من عدة مصادر ... ولهذا الخبر أهميته !!!
وأرجو الانتباه إلى طـرح الحزب الإسلامي العراقي ( الآن ) وفهم مراميه ، وفهمه للواقع ....
وأقول : يبدو من الأحداث الأخيرة في العراق اليوم أن أمريكا متحالفة مع الفرس ، وليس مع الشيعة ، فهاهي أمريكا تضرب الشيعة العرب في العراق ، وإيران أيضاً تضرب الشيعة العرب في الأهواز ، وهاهم في لبنان : شيعة (نصرلاه) الفارسية تضرب العرب في لبنان ، والشيعة العرب في البنان ضد (نصرلاه)...
أما أن (نصرلاه) يعلن دوماً أنه ضد أمريكا ، فهذا هو نفسه مايعلنه بشار الأسد ، كبير النظام الأسدي اليوم ، من أنه بطل المقاومة والتصدي ( ويضحك على بعض الإسلاميين فيصدقونه لطيب قلوبهم ، وليت سمعوا كلام عمر رضي الله عنه : لست بالخب ولاالخب يخدعني ) ...يدعي أنه بطل المقاومة ، ورسل المفاوضات لاتنقطع مع العدو الصهيوني ، وقد اعترف بها الطرفان أخيراً ....
وحاولت أن أجد في التاريخ معـركة واحدة بين ( الصفويين ) واليهود فلم أجد ، وجدت معاركهم مع العثمانيين ؛ حتى أعاقوا فتح العثمانيين لأوربا ، ووجدت معاركهم مع المسلمين السنة في إيران ، حتى أجبروا ثلاثة أرباع السكان على اعتناق المذهب الشيعي ، ووجدت معاركهم الحالية مع الشيعة العرب في الأهواز ...وكلما حاولت تجاهل الموضوع تبرز أمامي ( إيران جيت ) بالخط الأحمر تغمز لتذكرني بدعم الصهاينة للخميني ضد العراق ...
ولابد من الاعتراف بأن الموضوع شائك جداً ، وأن متابعتي للأحداث أقل من أن تخوض في هذا الشأن الشائك ، لكن علمتني دراسة الفلسفة أن طرح الأسئلة قد يفوق تقديم الأجوبة ...وهذا ( التحالف الفارسي الرومي ) أعتبره سؤالاً أطرحه للمناقشة ...مجرد سؤال ....
*كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية