لماذا لا يفكر الذين يحاولون معالجة الهجرة السرية عبر المتوسط في الأسباب الحقيقية لها
لماذا لا يفكر الذين يحاولون معالجة
الهجرة السرية عبر المتوسط
في الأسباب الحقيقية لها؟؟؟
محمد شركي
بعد استفحال ظاهرة الهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط خصوصا هجرة رعايا إفريقيا السوداء والرعايا السوريين والعراقيين وغيرهم ، وبعد ابتلاع أمواج بحر الروم الآلاف منهم حتى أصيبت حيتانه بالتخمة بالتهام لحم البشر فكر وزراء خارجية وداخلية القارة العجوز في عقد لقاء باللكسمبورغ من أجل تدارس معضلة الهجرة السرية عبر المتوسط . ولقد تأكد أن معالجة الأنظمة الأوروبية لهذه المعضلة تشبه محاولة علاج الجرح الغائرالنازف بمرهم لا ينفذ إلى عمقه ولا يحد من نزيفه . ولا شك أن المجتمعين في اللكسمبوغ سينكب اهتمامهم على المقاربة الأمنية لحماية بلدانهم من المهاجرين السريين ،كما أنهم سيبحثون سبل مطاردة المهربين الذين يهربون هؤلاء المهاجرين لكنهم لن يفكروا أبدا في الأسباب الحقيقية لهذه الهجرة المستفحلة . ولا شك أنه سيكون ضمن وزراء الخارجية والداخلية الأوروبيين وزراء دول كانت تحتل دول الرعايا المهاجرين لعقود ، وقد استنزفت خيرات بلدانهم ،وتركتهم ضحايا الفقر والظلم حيث أعقبت أنظمة فاسدة المحتلين ووجدت في هؤلاء الدعم والتأييد من أجل مواصلة استنزاف خيرات البلدان المحتلة لأن الأنظمة الفاسدة في الدول الإفريقية تضع ثروات بلدانها رهن إشارة الدول التي كانت تحتلها مقابل الاحتفاظ بكراسي الحكم ، وتفضل الدول الأوروبية هذه الأنظمة الفاسدة والشمولية على أنظمة ديمقراطية على غرار أنظمتها لأنها تمكنها بسهولة مما كانت تحصل عليه عن طريق الاحتلال العسكري . ولا شك أن أول حل يجب أن يفكر فيه المجتمعون في اللكسمبورغ هو دفع الدول الأوروبية التي كانت تحتل الدول الإفريقية تعويضات للشعوب الإفريقية أو بالأحرى ترد مقابل ما نهبت من خيرات تحكم بها محاكم عدل دولية بعد خبرة تقدرها تقديرا . وثاني ما يجب أن يفكر فيه المجتمعون الأوروبيون هو كيفية وضع حد للأنظمة الفاسدة والشمولية في القارة السمراء،والتي روعت وشردت شعوبها وجعلتها تفر صوب المتوسط طلبا للقوت وللكرامة المفقودة . ووضع حد لهذه الأنظمة الفاسدة معناه قطع الدول الأوروبية علاقاتها معها ،وفرض حصار عليها ،ومنع تسليحها لتسهيل رحيلها ، واستبدالها بأنظمة ديمقراطية من شأنها أن تبعث الثقة والأمن والشعور بالكرامة في نفوس الشعوب المهاجرة أو الهاربة من جحيم بلدانها بسبب ظلم وجور الأنظمة الشمولية الفاسدة . وبعد استتباب الديمقراطيات في بلدان القارة السمراء لا بد أن تفكر الدول الأوروبية في تقريب ما يصبو إليه المهاجرون ليكون في متناولهم وهم في بلدانهم ،وذلك عن طريق استثمارات عادلة ومنصفة لا مستنزفة وجائرة تفقر أو تزيد الأوضاع الاقتصادية تأزما . إن الرعايا الأفارقة إذا ما وجدوا الحياة الكريمة في بلدانهم فإنهم لن يفكروا أبدا في الهجرة من قارة فتية غنية بثرواتها الطبيعية إلى قارة عجوز سالبة لخيراتهم ومستنزفة لها .وعلى وزراء خارجية وداخلية أوروبا الذين سيجتمعون في اللكسمبوغ أن يضعوا حدا لمأساة الشعب السوري من خلال مساعدته على التخلص من نظام شمولي فاسد مستبد يمارس الإبادة الجماعية على رعاياه ويقترف جرائم حرب يستخدم فيها الأسلحة المحرمة دوليا ، ويتلقى دعما عسكريا من روسيا وإيران وعصابات حزب اللات اللبناني ، وعصابات الرافضة من العراق ، والأوربيون وحلفاؤهم الأمريكان ساكتون على ذلك ويتفرجون بل يفضلون الحكم المستبد في سوريا على الحكم الديمقراطي من أجل أمن وسلام الكيان الصهيوني العنصري المستنبت في قلب الوطن العربي . إن المواطن السوري لا مندوحة له عن التفكير في الهرب من جحيم حرب الإبادة وقد سعرها الذين يدعمون النظام الدموي والذين جندوا عصابات إجرامية وهي صناعة مخابراتية من أجل تعقيد الوضع في سوريا ومنع تحرر الشعب السوري من الاستبداد والظلم . إن الدول الأوروبية تملك الحلول للهجرة السرية عبر المتوسط ولكنها لا ترغب في ذلك بل تريد أن تلصق تهمة هذه الهجرة إلى ما تسميه بدول العبور، وهي دول الجنوب في حوض البحر المتوسط والتي صارت تعاني من هذه الهجرة ، وصارت جيوش المهاجرين والنازحين عالة عليها تمارس الكدية والاستجداء وتزيد من تعقيدات أوضاعها الاقتصادية الهشة أصلا . ولا يستبعد أن تكون الأنظمة الأوروبية وراء عمليات إغراق المهاجرين في عرض البحر المتوسط ، ووراء قتلهم كما حدث في ليبيا من أجل التخلص منهم ، وربما سيكون لقاء اللكسمبوغ من أجل التفكير في حلول التخلص من المهاجرين وتصفيتهم ليقال للعالم ما شهدنا مهلكهم . فعلى شعوب العالم أن تقف مع المهاجرين الضحايا لإنصافهم من أنظمتهم الشمولية الفاسدة ،ومن الدول التي كانت تحتل بلدانهم ،ومن الدول التي تدعم الأنظمة المستبدة .