هل عاد الاحتلال الفرنسي إلى سورية
عبد الرؤوف حداد
خضعت سورية للاحتلال الفرنسي مدة ربع قرن، ولم يستسلم شعبها لهذا الاحتلال، بل قاومه بكل ألوان المقاومة المتاحة، حتى خرجت جيوش فرنسة تجر أذيال الخيبة.
وفي فترة الاحتلال تلك لم تجرؤ فرنسة على هدم مسجد أو خلع حجاب امرأة، لكنها لم تألُ جهداً في نشر الفساد والتحلل والفجور، حتى إذا خرجت بقي أذنابها الذين تشرَّبوا ثقافتها يمارسون سياستها حيث أمكنهم ذلك.
ولكن فرنسة الحديثة التي بدأت تسنّ التشريعات على أرضها لمنع المحجبات حيناً، ومنع المنقبات حينا، من ممارسة حقهن في الصون والعفاف... هل راحت تشريعاتها تشمل الأراضي السورية، على أنها مستعمرة سابقة لها، أم أن صُنعاءها الذين أسست لهم، يوم أن احتلت سورية، دولةً خاصة بهم، يقابلونها بالوفاء لـ"جميلها" فيفرضون تشريعاتها على أرض سورية تبرعاً منهم؟!
إن سورية التي فتحها أبو عبيدة بن الجراح وصفوة الصحابة قبل أربعة عشر قرناً، لن تتخلى عن إسلامها، ولن تدع ثلة فاسدة ذات خلفيات كريهة، وولاء مدخول.. أن تحارب شريعة الله، فتصدر قرارات متتابعة بنقل آلاف المعلمات المنقبات من سلك التعليم إلى دوائر أخرى، وبمنع النقاب في الجامعات، فضلاً عن الإجراءات التي تمارسها تلك الثلة، من غير إعلان صريح عنها، كوضع العقبات أمام من تظهر عليه أمارات التدين، من دخول الجيش ودوائر المخابرات، بل من تولي الوظائف العامة... وكلما مرّ بعض المتدينين إلى موقع من هذه المواقع، في غفلة أجهزة الأمن و"لجان المقابلات" المنتقاة بخلفيات حاقدة... قامت عمليات "التطهير" لتعيد الخلل إلى ما كان عليه، وتمنع أي خطوة من خطوات التصحيح!.
ومن المفارقات أن مقابلة جرت مع السيد الحبش يعلق فيها على قرار وزير التعليم "العالي" بمنع المنقبات من دخول الحرم الجامعي، قال الحبش: إن منظر الملثمين والملثمات في الأماكن العامة منظر غير حضاري!. وكان أولى به أن يقول: إن منظر الفاجرات والكاشفات عن أجسادهن... منظر ينافي الدين والحياء والمروءة وقيم المجتمع السوري... بل ينافي الفطرة السليمة، وإن خطوةً لمنع النقاب، لو صحّت، ينبغي أن تسبقها عشر خطوات لمنع المناظر المتهتكة والمتفلتة.
ومن اللافت كذلك أن مراسل "الجزيرة" أراد أن يجري مقابلات مع عدد من أبناء الشعب السوري وبناته، ليسألهم عن رأيهم في قرار الوزير بمنع المنقبات... فكان أكثر الذين يقترب منهم ليسألهم، يهربون منه ويمتنعون عن الحديث!! أيرون أن الثمن الذي سيدفعونه في زنزانات المخابرات، لقاء إعرابهم عن آرائهم سيكون باهظاً؟!. وهل يريد "أولو الأمر" أن يؤججوا المشاعر المكبوتة عند الشعب، لقاء إجراءاتهم التعسفية لتنفجر على نحو غير منتظَر، وغير محسوب العواقب؟!.