الواقع الإسلامي خلافات تتسع وتمزق يزداد
الواقع الإسلامي خلافات تتسع وتمزق يزداد
د.عدنان علي رضا النحوي
يدرك كل مسلم اليوم أنَّ حقيقة الخطر على العالم الإسلامي شاملة ممتدة ، تُنْذر بالمزيد من الأخطار مع كلِّ ساعة وكل يوم وكل شهر !
ما هي حقيقة الأخطار ؟! لا تقتصر الأخطار على سقوط بعض أراضي المسلمين تحت احتلال قاسٍ قوي ، كما هو الحال في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها .
إن ما أصاب المسلمين في القرنين الأخيرين مآسٍ مذهلة وفواجع وهوان وإذلال . وهم حملة rرسالة ربانيّة ، رسالة الإسلام ، ليبلّغوها إِلى الناس كافّة كما أُنزلت على محمد .
ألا يستحقّ هذا الدين العظيم ، وهذه الفواجع والمآسي ، وقفة إيمانيّة ، وقفة مصارحة تُطوى فيها المجاملات وتُكشَف الحقائق ، وتُحدَّد فيها الأخطاء والعلل والأمراض ، ويتعاون الجميع على معالجة الأمراض ؟!
الخلل ممتد في واقع المسلمين . وهو السبب الرئيس في هزائمنا . إن ما أصابنا هو بقدر الله وقضائه وحكمته ، وقضاؤه حق وقدره غالب وحكمته بالغة ، والله لا يظلم أحداً ولا يظلم شيئاً . لقد ظلمنا أنفسنا !
( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [ يونس : 44]
وربما يقول بعضهم إن الأخطاء بسيطة ، والخلافات سنة الله ، ثم يطوون ذلك بالمجاملات والمسكنات لتخفيف الآلام والأوجاع ، والخلل يبقى والأمراض تبقى ، ولا يجدي التخدير في العلاج .
إِن الخطر المحدق بنا عظيم ، والهجمة على المسلمين واسعة ممتدة ، وإن بقاء الخلل والعلل يعرّضنا لأخطار أشد وهزائم أبعد وهوان أقسى .
إِن مـن أول واجباتنا في الوقفة الإِيمانيّة تحديد أخطائنا في دراسات منهجيّة . وحين تقوم مثل هذه الدراسات سنجد أن الخلل واسع والأخطاء كبيرة . ولا ينفع فيها أن يهاجم فريقٌ فريقاً آخر ، وينقده ويتهمه . ثمّ ينبري الفريق الآخر ليكيل الصاع صاعين ، فيمضي الزمن والخلافات تتسع والتمزّق يزداد .
ولا يمكن أن يتمّ التغيير في أنفسنا إلا إذا تولّدت القناعة الذاتيّة بضرورة التغيير ، حين تنكشف الأخطاء ، ونتبيّن هول الأخطار ، ونستشعر صدق الخشية من الله وعقابه وعذابه .
ومن لم يشعر بذلك ، ولم يدرك أخطاءه ، ولم يتبيّن حقيقة الخطر ، ولم تهزّه الخشية من الله ، فلن يشعر بضرورة التغيير . والأمر كله بيد الله ، يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء .
لا بد أن نقتنع بأن ما أصابنـا من هزائم وفواجع وهوان هو بما كسبت أيدينا . وأن الواقع لا يتغير إلا إذا غيّرنا ما بأنفسنا ، فذلك أمر الله وحكمته :
( .. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.. ) [ الرعد : 11]
إنّ هذا التغيير يقتضي ، مع القناعة بضرورته ، مجاهدة النفس . فهي أول الجهاد ، والنفس أول الميادين ، فمن انتصر في هذا الميدان يمكنه أن يخوض ميداناً آخر :
فعن فضالة بن عبيد رضي الله قال :rعنه عن الرسول
" المجاهد من جاهد نفسه في الله " [ رواه الترمذي وابن حبان ](1)
إِذا لم نجاهد كُلّنا أنفسنا ، ولم نغيّر ما بها ، ولم نغسل قلوبنا ، فكيف يمكن أن يُغيَّرَ واقعنا ، وأن يُبَدَّل حالنا ، والأمراض هي الأمراض والعلل هي العلل !
وإذا غيّرنا ما بأنفسنا ، فإن أول ما يتغيّر تبعاً لذلك نهج التفكير . وإن بعض المسلمين اليوم ، تحت شعار الإسلام ، يفكرون تفكيراً علمانيّاً مادِّياً معزولاً عن إشراقة الإيمان والخشية من الله والإقبال على الدار الآخرة . للإيمان والتوحيد نهجه المتميز للتفكير ، وللعلمانيّة والماديّة نهج آخر للتفكير مختلف عن النهج الإيماني :(2)
نهجُ الضلال ونهجُ الحقِّ والرشـد نهجان قد ميَّز الرحمن بينهمـا
نهج الفسـاد ولا صدقاً على فنـد لا يجمع الله نهج المؤمنين على
والنهج الإِيماني للتفكير يحتاج إِلى تربية وبناء ، وتدريب وإعداد ، يحافَظُ فيه أولاً على سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ثم يُغذَّى ذلك بالغذاء المنهجي الحق . فالمحافظة على سلامة الفطرة هي الحق الأول للإنسان ، الحق الذي أغفلته لجان حقوق الإنسان ، ومحافلها وساحاتها .
حَسْبُناً من الأمراض هذا التمزّق الذي نعيشه . تمزّقنا أقطاراً ودياراً ، وشيعاً وأحزاباً ، ومصالح وأهواء . حسبنا هذا الخلل ـ خلل التمزّق والفرقة ـ ، فإنه يضعفنا ويوهن من قوانا ، ويفتح منافذ وأبواباً للأعداء والمنافقين ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أُخرى ، فإِنه يُسبِّب غضَبَ الله علينا ، خاصة بعد أن لم تُفلح النذر والمواعظ في إيقاظنا .
كيف لا نكون قد أغضبنا الله في تفرُّقنا وصراعنا ونحن نرتكب بذلك مخالفة كبيرة لأمر الله ، إننا نعصيه في تفرّقنا وصراعنا وعدم التقائنا على صراطه المستقيم ، والله سبحانه وتعالى يقول :
( ولا تكونوا كالذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) [ آل عمران : 150 ]
كيف لا نكون قد أغضبنا الله سبحانه وتعالى وهو القائل في كتابه العزيز :
( وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) [ الأنعام : 153 ]
وكذلك ، فإنَّ الجهل بالإسلام ، بالكتاب والسنَّة ، كان طاغياً يَسْحق الملايين من المسلمين الذين لم يبق لديهم من الإسلام إلا العاطفة الجارفة ، دون أن يجدوا اليد الحانية التي تبني القلوب والعقول بالعمل الحقِّ ، والدراسة الواعية ، والتدريب والرعاية ، حتى أقامت كل فرقة لها ولاءات يُنابذ بعضها بعضاً على صور شتَّى من التنابذ العلني أو السرّي ، وتوالى التمزّق مع أحداث الواقع بولادة جماعة بعد جماعة ، وانشقاق بعد انشقاق ، وفتنة بعد فتنة ، وهزيمة بعد هزيمة ، وتنازل بعد تنازل ، تنازل لم يستطع ضجيج الشعارات أن يُخْفيَه .
كلُّ ذلك كان بقدر الله وقضائه وعلمه ، ولكنَّه كان أيضاً بما كسبت أيدينا ، وبالخلل الذي امتدَّ فينا ، فالله حقَّ يقضي بالحق ، لا يظلم أبداً ، فقد حرّم الله الظلم على نفسه وجعله محرّماً بين الناس ، ولكنَّ الناس هم الذين يظلمون أنفسهم :
( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [ يونس : 44]
أنه قال :rوعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن الرسول
( يا عبادي إنّي حرَّمْتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّماً فلا تظلموا . يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ...) (1)
عدد المسلمين في الأرض يزيد عن المليارين ، يُقيمون في أرض ممتدّة واسعة لها خطرها السياسي والعسكري ، ولها أهميتها الاقتصادية بما وفّر الله سبحانه وتعالى من رزق وخيرات في بطن الأرض وظاهرها ، وما يُنْزل الله من السماء من ماء ، ومنَّ الله على المسلمين بالدين الحقّ الذي هو مصدر كلّ قوة وعدّة ، وكل نماء وخير . ملياران من المسلمين اليوم ، وقد أعطاهم الله كلَّ أسباب القوّة والعزّة ، تراهم في تخلّفٍ وضعفٍ ، وذلَّةٍ وهوانٍ ، وفي أعاصير من الفتن.
هؤلاء الملياران من يرعاهم ؟! من يرفع الجهل عن معظمهم ؟! ينتسبون إلى الإسلام انتساباً شكلياً ، فمن يبلّغهم رسالة الإسلام ومن يدعوهم إليه ويتعهّدهم عليه؟! ومن يُبلِّغ سائر الخَلْق رسالة الله كما أُنْزِلتْ ، حتى لا يُغادروا الحياة الدنيا وهم على فتنة أو ضلال أو كفر ، أو علىrعلى محمد غير دين الإسلام ، فيدخلون النار ؟! من المسؤول عن ذلك ، وبعُنُقِ مَنْ وضع الله هذه الأمانة العظيمة لإخراج الناس من الظلمات إلى النُّور ؟!
لو رجـع كثير من المسلمين إلى أنفسهم ، وإلى ما شَغَلوا به أنفسهم وأوقاتهم ، لوجدوا أنَّ بعضاً ممَّا عملوه كان خيراً لو لم يفعلوه ، لأنه شغلهم عن تبليغ رسالة الله إلى الناس كافّة وتعهّدهم عليها ، لأنه شغلهم عن الأمانة العظيمة التي خُلِقوا للوفاء بها والتي عهد الله إليهم بها .
كم من الأموال أنفقوها في غير موضعها ، كم من الجهود بُذِلت في غير ما يريد الله منهم ؟! كم من الأموال والجهود والأوقات صُرِفت هنا وهناك ، والملايين من البشر تائهون في ضلالة عمياء وفتن هوجاء ، لم يجدوا القلب الحاني واليد الراعية ؟!
بين أيديهم وأمامهم وحولهم ، النور المشرق ، والحقّ الأكيد ، تركوه وأدبروا عنه ، وانصرفوا إلى ما حسبوه وهماً أنه يفيدهم ، أو يُنْقذهم ، أو يُصلح حالهم ! أمامهـم الصراط المستقيم ، صراطاً مستقيماً وواحداً ، لا يضلُّ عنه مؤمن ، ولا يُخْتلف عليه ، تركوه واتبعوا سبلاً شتى !
لو وقف المسلمون وقفة إيمانية ودرسوا كم أنفقوا من المال والجهد والوقت على الانتخابات ومناوراتها ، حين كان الفقراء من المسلمين أحوج إلى هذه الأموال والجهود ، الفقراء الممتدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وحين كانت ميادين أخرى أحوج للجهد والوقت والمال من تلك ، لو وقفوا تلك الوقفة لاختلفت الموازنة !
لو وقف المسلمون وقفة إيمانية يُراجعون مسيرتهم وهم يتعرَّضون للذل والهوان والتمزق ، لو وجدوا أنهم أخطؤوا حين أسرعوا فتتداعوا إلى الاشتراكية ، وإلى الديمقراطية وإلى الحداثة وإلى العلمانية ، ونسبوا هذه المذاهب إلى الإسلام ، في تقليد يَكْشف عن إفلاسٍ وهوانٍ !
لم يستطيعوا أن ينطلقوا إلى العالم بإسلامهم الحق ، بالكتاب والسنَّة واللغة العربية ، كما انطلق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يستطيعوا أن يعرضوا الإسلام في ميدان التطبيق ليقدموا الحلول العملية الإيمانية من الكتاب والسنَّة لمشكلات البشرية وأزماتها اليوم . فبدلاً من ذلك قدَّموا أشكالاً متصارعة من فهم مضطرب للإسلام ، وخلافات واسعة ، ونظريات متضاربة ، ثمَّ بدأوا يأخذون مناهج العلمانية والديمقراطية ويُلْصقون بها كلمة الإسلام أو الإسلامية ، كما ألصقوا الإسلام من قبل بالاشتراكية والحداثة . أو يقولون إن الاشتراكية من الإسلام ، والديمقراطية من الإسلام ، والحداثة من الإسـلام ، والعلمانية من الإسلام ، ومع هذه المحاولات كلها فلا الإسلام طُبِّق ولا الاشتراكية ولا الديمقراطية ولا العلمانية ! ولا كسب المسلمون رضا هؤلاء ولا هؤلاء !
أصبح همّنا الأكبر أن نُبيّن للعالم أننا متطورون ، ذلك بأخذ شعاراتهم وبعض مظاهر حضارتهم من لباس وعُري ورقص وغناء ، وما يتبع ذلك من فواحش وفساد ، دون أن نأخذ ما نحن بحاجة إليه حقيقة وما يُمدُّنا بالقوّة .
أصبح همّنا أن نثبت أننا عصريون حضاريّون تقدّميّون بتقليد الغرب فيما لا حاجة لنا به ، وفيما لا يُغْني عنا شيئاً ، لم نستطع أن نقدّم للعالمِ الإسلامَ في ميدان النظرية والتطبيق . ولكننا قدّمنا خلافاتنا وصراعناrكما أُنْزل على محمد ومذاهب متصارعة وآراء متضاربة .
كيف نظهر عظمة الإسلام للعالم إذا كنَّا نحن لا نتمثّل حقيقة الإسلام ولم نلتقِ نحن عليه ، وإذا كنَّا شُغلنا بزخارف الحضارة الغربية ولم نستطع أن نبني صناعة قوية ، وإعداداً قوياً وصفاً واحداً كالبنيان المرصوص ؟!
. فمن خلالrإنَّ العالم كله بحاجة إلى الإسلام كما أُنْزل على محمد تمزّقنا وضعفنا وهواننا نكون قد ارتكبنا إثماً فوق إثم ، ومعصية فوق معصية ، حين أغضبنا الله بمخالفة الكتاب والسنَّة بتفرّقنا وتمزّقنا ، وحين فقدنا مهابتنا في صدور أعدائنا ، وحين خسرنا حقيقة البلاغ والتعهّد ، وفشلنا في أن نخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وحين أخذنا عن الغرب ضلالتهم ولم نأخذ صناعتهم وسلاحهم .
فقدنا هويّتنا وشخصيّتنا ، فلا نحن هنا ولا نحن هناك ، فاضطربت الخُطا وتشعّبت المسالك ، وعلا ضجيج الشعارات لنُخْفيَ بهذا الضجيج عجزنا وهزائمنا.
زعم بعضهم أننا بتقليد الغرب فيما قلّدوه ننمو ونتطوّر ونملك القوّة والعزّة. فإذا الحقيقة كانت هواناً وذلّة ، كلّ ما قلّدنا به الغرب لم يُعْطنا قوّة ولا عزّة ، ولا حريّة ولا مساواة ، حتى الأخوة التي أمر الله بها ضاعت من بيننا وتحوّلت إلى نماذج من العصبيات الجاهليَّة !
يريد بعضهم الديمقراطية زاعمين أنَّ ذلك رغبة بالحرية والعدالة والمساواة والإخاء وكل تلك الشعارات ! أَوَليسَ في الإسلام حريّة صادقة وعدالة صادقة وإخاء ومساواة ؟! فإذا كان الإسلام يملك ذلك كله ، فَلِمَ نُعْطي شرف هذه الشعارات للديمقراطية التي فشلت في جميع أنحاء الأرض ولم تحقّق صدق هذه الشعارات ، وهي قائمة على انقسام المجتمع إلى طبقة مستغلّة ظالمة ، وطبقة مخدّرة بقشور الحريّة التي أنستهم الله والدار الآخرة ، وجعلت الدنيا ومصالحها المادية هي الوثن الذي يُعبد من دون الله في تصوّرات ونشاط معزولين عن الدار الآخرة والسبيل الحقّ إليها ، وجعلت الدين محصوراً في المعابد لا علاقة له بسياسة الأمة وبنائها وتربيتها ومناهجها ، أو يُخْرج من المعابد حين يحتاجونه ليجعلوا منه سلعة تجارية يمهّدون بها للجرائم الممتدّة في الأرض ، وللمآسي والفواجع التي يطلقونها في كلِّ زاوية من زوايا الأرض ، وليخدِّروا الناس كما خدّروه بالجنس والخمر والفواحش .
من أين يأتي النصر والتمزّق قائم ، والخطوات مضطربة ، والشعارات ضجيج دون نهج ولا خطَّة ؟!
إن الوقفة الإيمانية واجب كل مسلم وكل حركة إِسلامية ، أن تراجع المسيرة في وقفة إِيمانية . والمراجعة والتقويم يجب أن يكون دورياً على صورة منهجيّة تخضع لخطوات محدّدة .
ولكننا اليوم نحتاج إلى مراجعة شاملة ووقفة إِيمانيّة واعية ، فمن ظنّ أنه ليس بحاجة إلى هذه الوقفة الإيمانية فقد وقع في الخطأ الأول . فالأخطاء كثيرة كما ذكرنا في أول الكلمة ، وما يمنع هذه الوقفة إلا الغرور والكبر ، والإعجاب بالذات ، والعصبيات الجاهلية .
لقد جعل الله برحمته صراطه مستقيماً حتى لا يَضلَّ عنه أحد ، وجعله واحداً حتى لا يُخْتَلَفَ عليه ، ثمّ بيّنه وفصّله تفصيلاً حتى لا يبقى لأحد عذر في عدم اتباعه .
هذا خلل كبير في واقع المسلمين لا يمكن علاجه بالمسكنات والمجاملات . ولا بدَّ من علاجه ، لأن بقاءه يعني بقاء الهزائم والفواجع ، والمذلة والهوان ، وبقاء الخطر علينا جميعاً .
ولا يمكن علاجه بلقاءات إِداريّة تحمل ضعفنا وخللنا وأمراضنا . يجب أن نلتقي صفّاً واحداً كما يحبّه الله ويرضاه ، وعسى أن يُرْفَع البلاء عنا . ولكن كيف يكون ذلك .
لا يمكن أن يتم علاج إلا إذا تمّ تغيير حقيقي في أمرين أساسيين هما :
أولاً : تغيير ما بأنفسنا كما أمر الله .
ثانياً : تغيير طريقة تفكيـرنا وعملنـا إلى النهج الإيماني للتفكير
والعمل .
وإِذا تم هذا التغيير ، فإن أموراً أخرى ستتغيّر بصورة تلقائية . ستتغيَّر وسائلنا ، وأساليبنا ، ومناهجنا ، وعلاقاتنا فيما بيننا ومع الآخرين . سيكون هناك تغيير واسع يوجهه الإِيمان والتوحيد ، والكتاب والسنّة ، بعد أن تكون الأهواء قد أُلجمت !