كلمات هزتني حتى أبكتني
عبد الله خليل شبيب
هذه كلمات لشهيدة الإسلام بنان الطنطاوي ابنة العالم السوري علي الطنطاوي وزوجة المفكر عصام العطار، والتي اغتالتها مخابرات الطاغوت في بلاد الغربة ألمانيا سنة 1981 وهي في السابعة والثلاثين من عمرها..
هي كلمات تنبض صدقاً وحباً وتسامحاً حتى مع من أساء إليها..لا تسمع في حديثها ثأراً وانتقاماً إلا قيلاً سلاماًً سلاماً..
لا يسع المرء حين يتدبر هذه الكلمات إلا أن يخشع قلبه أمام هذه المرأة العظيمة التي تعالت عن الدنايا واستعذبت المحن والشدائد في سبيل الله ولم تتأخر عن تقديم روحها رخيصةً من أجل الدين..
لقد أقامت أم أيمن الحجة على نساء هذا العصر بأن المرأة يمكنها أن تزاحم الرجال وأن تسبقهم في ميدان البذل والعطاء..
هي كلمات صغيرة في عدد حروفها ولكنها تعانق السماء في معانيها وتهز القلوب في عمقها..
وكأن هذه المرأة الطاهرة حين صفت روحها قد كشف لها حجاب من الغيب فإذا هي تستشرف القدر المرسوم لها كما سيأتي، فهي تحن إلى وطنها سوريا وتود لو أنها دفنت في ثراه ولكنها تتوقع بأن تموت وتدفن في الغربة، كما أن كيانها يهتز وهي تتحدث عن اغتيال الإمام حسن البنا وتعاودها هذه القصة كثيراً وتعبر عن إحساسها بأن قدراً مشابهاً ينتظرها وتقول ما أفجعها وما أجلها وأروعها من نهاية في سبيل الله.ويكون لها ما أرادت فتأتي خاتمة حياتها مشابهةً لخاتمة حياة الإمام حسن البنا..
في يوم الخميس17-3-1981 جاء موعد السماء مع الأم المجاهدة ، والداعية الراشدة : ( بَنَان الطنطاوي ).
فقد جاءت الأخبار المشئومة إلى المجرمين الذين كانوا يتعقبون زوجها بأن عصام العطار ربما كان مختبأً في بيت زوجته ( بنان الطنطاوي) .
فأسرع هؤلاء السفَّاكون للدماء إلى ذلك البيت المتواضع الواقع في شارع « هِرِسْتالَر » الذي تقيم فيه بنان وحيدة بلا أهل ولا زوج !
وقاموا باقتحام منزل جارتها المسكينة، وأجبروها على الاتصال هاتفيًا بالمجاهدة بنان ، تخبرها أنها آتية إليها لتجالسها بعض الوقت، وتُؤانسها وحْدتها !
وسَرَعَان ما سمعَتْ بنانُ دقَّاتِ الباب تضرب في سمعها، فقامت كي تفتح الباب وتستقبل جارتها ، ولم تكن تعلم أن الموت ينتظرها خلف هذا الباب ، وأن الوعد الحق إذا نزل فُتِّحَتْ له الأبواب !
وقامت المجاهدة بنان بكشف ما بينها وبين راحة قلبها من الحجاب ، وفتحت بيدها مغاليق الباب
فهجم عليها أولئك الأنْذال وقلبوا البيت رأسًا على عقِبَ في الحال ؛ بحثًا عن زوجها عصام ليقتلوه أمام عين امرأته التي لا تجد لها من دون الله موئلا ولا ناصرًا !
ولـمَّا لم يجد هؤلاء القَتَلة عِصَام أحاطوا بالمرأة الضعيفة وقد أسدلوا عليها أستار الأحقاد !
ثم تقدم إليها أشقى القوم ، وشَهَر مسدسه في وجه المرأة الوحيدة وأطلق هذا المجرم الأثيم خمسَ طلقات متتابعات على جسد تلك المرأة المجاهدة .
وبعد أن فرغ هذا القاتل الأجير من إنفاذ طلقات مسدسه في جسد ضحيته المغْتَرِبة الوحيدة ، وشاهدها وهي تسقط أمامه والدماء تفور منها كما يفور ماء القِدْرِ إذا أوْقَدتَّ عليه النار !
لم يكْفِه ما اقترفتْه يداه مما لا تغسله مياه الأنهار ! فقام يطَأُ ويدوس على قتيلة الإسلام بقدميه شديدًا ! كأنه يظن نفسه يطأُ كلَّ جسد باع نفسه لله ! وبذل مُهْجته ابتغاء مرضات الإله .
وما زال هذا القاتل الأثيم يطأ جسد القتيلة المظلومة حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها تشتكي له ظلم الظالمين!
أترككم مع كلمات شهيدة الإسلام بنان الطنطاوي في كتيبها (كلمات صغيرة) على هذا الرابط وهو كتيب صغير لن تستغرق قراءته أكثر من خمس دقائق:
http://www.4shared.com/document/PlsqV2iR/___-__.htm