وجهة نظر في مواجهة الإساءة
خيار من متعدد
رضوان سلمان حمدان
اشتدت في المرحلة الحالية الحملة على الإسلام وعلى رسول الله خاصة من غير ما جريمة اقترفها الإسلام بحق هؤلاء الجهلة وأنا أنعتهم بالجهلة لأنهم يسبون ويسيئون إلى من لا يعرفون؛ فالأصل أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره والجهل هنا غير مبرر؛ لأننا نعيش عصر المعلومة السريعة والدقيقة، وهم يزعمون أنهم أهل العلم والمعرفة والتحري والموضوعية، ولأنهم يعلمون أن محمداً النبي يتبعه أكثر من ربع عدد المعمورة.. فالتحلي بالجهل مصيبة.. من هنا نجزم بشي آخر ألا وهو تعمد الإساءة المنبعثة عن حقد دفين وعداء مستحكم في النفوس الجاهلة يظهر الآن بأبشع صوره.. فلا أغرب في القول حين أحكم أن وراء الحملة يدٌ يهودية حاقدة تشعل النار وتصب عليها الوَقود إثارة للشحناء والبغضاء بين شعوب الأرض، فاليهود لا يعيشون إلا في تلكم الأجواء العالمية، وصدق الله تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} المائدة64
أما غير اليهود من المنقادين لتعاليم اليهود على عمىً فهم الجهلة جهلا غير مغفور، وقد ميز الله تعالى بين الطائفتين في سورة الفاتحة؛ فاليهود هم المغضوب عليهم والجاهلون من النصارى هم الضالون من هنا نبهنا الله من كلتيهما: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)}،
يقول صاحب الظلال: ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم: .. فهو طريق الذين قسم لهم نعمته. لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه . أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه. إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين.
مع كل ما تقدم من إجرام وسفاهة بحق الإسلام ونبي الرحمة والإنسانية ومشاعر أكثر من مليون ونصف المليون فإننا - نحن المسلمين - ندعوا أولئك القوم إلى – الإسلام – ليفوزوا بخيري الدنيا والآخرة، وندعوا الله تعالى لهم أن يهديهم إلى الحق فإنهم – والله - لا يعلمون..
ونخاطبهم بأدب الإسلام العالي الرفيع المعجز كما أمرنا ربنا عز وجل:
(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) البقرة83.
يقول ابن كثير رحمه الله: "أَيْ كَلِّمُوهُمْ طَيِّبًا وَلَيِّنُوا لَهُمْ جَانِبًا .. كَمَا قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ: فَالْحَسَن مِنْ الْقَوْل يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَر وَيَحْلُم وَيَعْفُو وَيَصْفَح وَيَقُول لِلنَّاسِ حُسْنًا .. وَهُوَ كُلّ خُلُق حَسَن رَضِيَهُ اللَّه . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : .. عَنْ أَبِي ذَرّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ "لَا تَحْقِرَن مِنْ الْمَعْرُوف شَيْئًا وَإِنْ لَمْ تَجِد فَالْقَ أَخَاك بِوَجْهٍ مُنْطَلِق" وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم
(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى44) طه
يقول ابن كثير رحمة الله عليه:"هَذِهِ الْآيَة فِيهَا عِبْرَة عَظِيمَة وَهُوَ أَنَّ فِرْعَوْن فِي غَايَة الْعُتُوّ وَالِاسْتِكْبَار وَمُوسَى صَفْوَة اللَّه مِنْ خَلْقه إِذْ ذَاكَ وَمَعَ هَذَا أُمِرَ أَنْ لَا يُخَاطِب فِرْعَوْن إِلَّا بِالْمُلَاطَفَةِ وَاللِّين... وَالْحَاصِل مِنْ أَقْوَالهمْ أَنَّ دَعْوَتهمَا لَهُ تَكُون بِكَلَامٍ رَقِيق لَيِّن سَهْل رَفِيق لِيَكُونَ أَوْقَع فِي النُّفُوس وَأَبْلَغ وَأَنْجَع كَمَا قَالَ تَعَالَى " اُدْعُ إِلَى سَبِيل رَبّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن " وَهَاهُنَا نَذْكُر شِعْر زَيْد بْن عَمْرو بْن نُفَيْل وَيُرْوَى لِأُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت فِيمَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق :
وَأَنْـتَ الَّذِي مِنْ فَضْل مَنّ وَرَحْمَة فَـقُـلْت لَهُ فَاذْهَبْ وَهَارُون فَادْعُوَا فَـقُـولَا لَـهُ هَلْ أَنْتَ سَوَّيْت هَذِهِ وَقُـولَا لَـهُ آأَنْـت رَفَعْت هذِهِ بِلَا وَقُـولا لَـهُ آأَنْـت سَوَّيْت وَسْطهَا قُـولَا لَـهُ مَنْ يُخْرِج الشَّمْس بُكْرَة وَقُولَا لَهُ مَنْ يُنْبِت الْحَبّ فِي الثَّرَى وَيَـخْـرُج مِـنْهُ حَبّه فِي رُءُوسه | بَـعَـثْت إِلَى مُوسَى رَسُولًا إِلَـى الـلَّه فِرْعَوْن الَّذِي كَانَ بَاغِيَا بِـلَا وَتِـد حَـتَّى اِسْتَقَلَّتْ كَما هِيا عَـمـد أَرْفِـقْ إِذَنْ بِـك بَـانـيا مُـنِـيـرًا إِذَا مَـا جَنّهُ اللَّيْل هَادِيَا فَيُصْبِح مَا مَسَّتْ مِنْ الْأَرْض ضَاحِيَا فَـيُـصْـبِح مِنْهُ الْبَقْل يَهْتَزّ رَابِيَا فَـفِـي ذَاكَ آيَات لِمَنْ كَانَ وَاعِيَا." | مُنَادِيَا
(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل 125
* (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت34
* (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الممتحنة7
* (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ)
إن كل ذي دين، بل كل ذي مبدأ يؤمن بأنه على الحق، وأن من عداه على الباطل، أي كما قال القرآن:
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ البقرة:256
فهو يؤمن بدينه ومبدئه، ويكفر بما سواه، وإلا كان إيمانه مدخولا.
فمن آمن بالمادية كفر بالألوهية، ومن آمن بالألوهية كفر بالمادية، ومن آمن بالرأسمالية، كفر بالشيوعية، ومن آمن بالشيوعية كفر بالرأسمالية. ومن آمن بالديمقراطية كفر بالدكتاتورية، والعكس بالعكس.
وهنا تنجلي حكمة الإسلام وعظمته في معاملة غير المسلم برغم اعتقاد المسلم بكفره.
ولب هذه الحكمة تتمثل في أن الإسلام زود المسلم بفلسفة معينة أو بمفاهيم فكرية تزيح من صدره النفور والغضب والضيق بغير المسلمين، وتفتح له باب حسن العشرة معهم، والبر بهم، والإقساط إليهم، فإن الله يحب المقسطين.
أهم هذه المفاهيم:
1- اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان، أيا كان دينه أو جنسه أو لونه. قال تعالى:
2-
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) الإسراء70} الإسراء:70
وهذه الكرامة المقررة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية.
ومن الأمثلة العملية ما رواه البخاري عن جابر بن عبد الله:
أن جنازة مرت على النبي صلى الله عليه وسلم فقام لها واقفًا، فقيل له: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي! فقال: "أليست نفسًا؟!"
بلى، ولكل نفس في الإسلام حرمة ومكان. فما أروع الموقف وما أروع التفسير والتعليل!
3- اعتقاد المسلم أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى، الذي منح هذا النوع من خلقه الحرية والاختيار فيما يفعل ويدع:
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} الكهف:29
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} هود.
قال المفسرون:أي وللاختلاف خلقهم؛ لأنه منحهم العقل والإرادة، فاقتضت مشيئته أن يختلفوا.
والمسلم يوقن أن مشيئة الله لا راد لها ولا معقب. كما أنه لا يشاء إلا ما فيه الخير والحكمة، علم الناس ذلك أو جهلوه؛ ولهذا لا يفكر المسلم يومًا أن يجبر الناس ليصيروا كلهم مسلمين، كيف وقد قال الله تعالى لرسوله الكريم:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} يونس:99
4- ليس المسلم مكلفًا أن يحاسب الكافرين على كفرهم، أو يعاقب الضالين على ضلالهم، فهذا ليس إليه، وليس موعده هذه الدنيا، إنما حسابهم إلى الله في يوم الحساب، وجزاؤهم متروك إليه في يوم الدين. قال تعالى:
{وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}الحج.
وقال يخاطب رسوله في شأن أهل الكتاب:
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} الشورى15.
وقد قال عيسى عليه السلام لربه يوم القيامة:
{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}المائدة:118
وبهذا يستريح ضمير المسلم، ولا يجد في نفسه أي أثر للصراع بين اعتقاده بكفر الكافر، ومطالبته ببره والإقساط إليه، وإقراره على ما يراه من دين واعتقاد.
4- إيمان المسلم بأن الله يأمر بالعدل، ويحب القسط، ويدعو إلى مكارم الأخلاق، ولو مع المشركين، ويكره الظلم ويعاقب الظالمين، ولو كان الظلم من مسلم لكافر. قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المائدة:8.
وقال صلى الله عليه وسلم: "دعوة المظلوم –وإن كان كافرًا- ليس دونها حجاب".
وقال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة:8
* وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله.
* ودخل وفد نجران على النبي صلى الله عليه وسلم مسجده بعد العصر، فكانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال: (دعوهم) ! فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
* وقد أوصي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو على فراش الموت الخليفة من بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يفي بعهدهم، ولا يكلفهم فوق طاقتهم. والذمة معناها العهد، الذي يشمل عنصري التأمين والحماية، وهذا سبق وريادة يُعرف في عصرنا بالحقوق المدنية والجنسية.
* وقد جعل الإسلام من بين أركان عقيدته الإيمان بكتب الله قاطبة، ورسله جميعًا، ومن ينكر ذلك يدخل في دائرة الكفر، قال تعالى:
{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} البقرة: 136.
* وأباح الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب وتناول ذبائحهم ومصاهرتهم، والتزوج من نسائهم في الحدود الشرعية المسموحة، قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} المائدة: 5.
* كذلك حث الإسلام على توفير الحياة الآمنة، كما حث على الصدق في التعامل والعدل والسلام مع غير المسلمين، وقال صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذميًّا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة) [الخطيب]، وقال: (من ظلم معاهدًا، أو انتقص حقًّا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة) [أبو داود].
* وأجاز الإسلام للمسلم أن يهْدي الهدايا إلى غير المسلمين، وأن يقبل منهم الهدية ويجازيه عليها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إليه الملوك، فقبل منهم، وكانوا غير مسلمين، فعن أم سلمة -أم المؤمنين- رضي الله عنها-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك) [أحمد].
إنه ديننا نباهي به الكون.. إنه منهج الله القويم.. تركه الناس فضلوا، وتركناه فضعفنا وتنازعنا فهُزمنا وتأخرنا وألقى الله في قلوبنا الوهن فنزع من قلوبهم المهابة منا.. حتى نعود إلى رشدنا ثانية..
أعرف أن البعض لا يروق لهم الطريقة السالفة من التعامل، وأنا أقدر تلكم المشاعر، فالأمر كبير، ولكنها طريقة بيان، والمسؤولية أكبر وأشمل، وأقل وأعلى، والموضوع لم ينته بعد فلا بد من بيان أكثر ومستمر؛ فقد اعتدنا الفزعات وفيضانات المشاعر ثم الانحسار، وهو جزء من مصيبتنا في أنفسنا، والله المستعان.