الانتحار

رضوان سلمان حمدان

من المسؤول؟؟

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

( توفي شاب في الثامنة عشرة من عمره أمس في ... بعد أن أقدم على شنق نفسه بكابل هاتف داخل منزل ذويه لرسوبه في الثانوية العامة. كما حاولت فتاه 18 عاما الانتحار في ... بعد ظهور نتائج الثانوية العامة وإخفاقها في بعض المواد الدراسية حيث تناولت 80 حبة دواء مختلفة ما استدعى نقلها إلى مستشفى.... )

{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}

نأسف أشد الأسف ونحزن كل الحزن حين نسمع أن مسلما ذكرا أو أنثى يقدم على قتل نفسه بما يسمى (الانتحار) ..

ومهما كان السبب فليس من مبرر البتة لهذا العمل.. من فقر أو رسوب في الامتحان.. أو صدمة عاطفية وغير ذلك ...

السبب الحقيقي ليس كل ما سبق.. وإلا لماذا نسمع أن أعلى نسبة انتحار هي في الدول ذات الدخل المرتفع جدا للفرد ، وقد تهيأت له كل أسباب رغد العيش والترف :

السيارة، ضمان الشيخوخة، التأمين الصحي والتعليمي...

إذن لا بد من سبب آخر...

إنه بالنسبة للمسلم ضعف الإيمان لدرجة رفعِه كاملاً من القلب:  "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم ، حين ينتهبها وهو مؤمن" .

الراوي: أبو هريرة - صحيح البخاري

  وحين يصل إلى نقطة اليأس والقنوط  {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} (56)،  فيقدم على هذه الجريمة المنكرة التي فيها اعتداء على حق الله تعالى في الإحياء والإماتة { وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ }.

والمسؤول عن الوصول إلى هذه الدرجة: التربية البيتية والنظام الإعلامي والتثقيفي والاجتماعي .

هذه كلها تهمل الجانب الإيماني والروحي في تكوين الفرد المسلم .

أما غير المسلمين وبخاصة في البلاد غير الإسلامية فإن الفراغ الروحي أو انعدام الجانب الإيماني يجعل الإنسان يعيش في ضياع.. يطرح أسئلة في داخله ولا يجد إجابة صحيحة أو شافية.. وأهمها : من أين جاء .. ولماذا جاء .. وإلى أين ؟

هذا الجهل يخلق فيه تمزقا داخليا ثم يسهل عليه أن يقدم على هذه الجريمة (الانتحار) لأي عارض سيئ في حياته ولو كان تافها في نظرنا نحن...

نعلم أن من يقتل نفساً يحاسبه القانون ... أما المنتحر فأنا أدعو إلى محاسبة الجهة التي أوصلته إلى الانتحار..

وهو النظام العام وأوله الأسرة (الأبوان)..

"ما من وال يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلا حرم الله عليه الجنة"

الراوي:  معقل بن يسار المزني - صحيح البخاري

 

"كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته . قال : وحسبت أن قد قال : والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" .

الراوي: عبد الله بن عمر  -  خلاصة الدرجة- صحيح البخاري  

هل يمكن أن يصل العالم إلى هذا المستوى من المساءلة والمحاسبة القانونية؟؟

هل يصل العالم اليوم إلى مستوى عمر بن الخطاب في تحمل المسؤولية حين قال:

"لو عثرت بغلة في بلاد العراق لحاسبني الله لمَ لمْ أمهد لها الطريق"

أجزم أنه لن يصل بأنظمته الوضعية الفاشلة.