يحدثونك عن التربية

أحمد توفيق

[email protected]

تجمع كل الأدبيات لدى شتى الأمم حول أهمية التربية والعمل التربوي نظرا لتأثيره الايجابي في النشء من تهذيب للنفس وتكريس للمواطنة الصالحة وتعزيز للانتماء والقيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية للشعوب ومن هنا وجب على كل العاملين بهذا المجال إبداء الأداء الراقي والسلوك السامي كقدوة على اختلاف مستوياتهم وتدرج مواقعهم في هذا المجال.

لا تتواني امة تحترم ذاتها في هذا العالم بايلاء المجال التربوي الأهمية التي يستحقها بدءا من تأليف الوزارات وتسخير الإمكانيات للوصول إلى الأهداف المرجوة وهي غرس منظومة القيم في النشء والجيل الصاعد الذي سيصبح لاحقا قائدا وفي بقعة الضوء كمواطنين ممكن أن يسهموا بشكل تراكمي في رقي تلك الأمة واعتلائها رأس الهرم بين الشعوب المتحضرة.

بيد أن عكس هذا يراد تماما من امة مخترقة حيث تعمل  جهات لها مصلحة بضرب هذا الجهاز التربوي في أسسه من تشويه وشذوذ في كادره البشري ابتداء من المعلمين ومرورا بمدراء المدارس ومن هم أعلى منهم أداء وظيفيا كالمفتشين مثلا إلى أن يصل الأمر إلى الصف الأول المسئول عن الواقع التربوي فالهجمة تكون من اتجاهين مختلفين من الأعلى والأسفل اى من القاعدة والنخبة "مجازا" كي يمسي النشء ألعوبة وقنبلة موقوتة في صميم المجتمع وليسهل تفكيكه ثم توجيهه وتطويعه وفقا لإرادة تلك الجهات  حتى أن في  دول عدة يتم التعامل مع القضية التربوية بمعيار امني بحت حيث يصبح تدريس الفاعل والمفعول يضاهي تخصيب اليوارنيوم  ويغدو تدريس بضع آيات عن حكمة لقمان جريمة شنعاء وتهمة بالإلحاد  لا تتوافق والعهر الدولي.

المعلم دائما هو الرسول الداعي إلى الأخلاق والمواطنة الصالحة والانتماء وكل ما هو رائع ومن شأنه العمل على إفادة المجتمع  وهو صاحب الشرف الأكبر كونه يحمل مشعل النور ويضيء دهاليز الظلام بيد أن الحقيقة المرة  تنبؤنا بان ليس هذا حال جميع المعلمين  وهم ليسوا سواسية في صدق العطاء و مستوى المهنية مع عظيم التقدير للصادقين منهم.

لذا لا عجب أن تجد معلمة في النهار تعمل مومسا في الليل وتعرض خدماتها بسخاء على ذوي القرار في تلك المؤسسة التربوية ليسقط هؤلاء الآخرين في مستنقع الانحطاط الأخلاقي ويعلنوا الإفلاس التربوي ولا يملكون من قدسية التربية وطهارتها سوى الكلام الأجوف والمنمق والسطحي وكل آرائهم تصبح قائمة على الهوى بعيدا عن صدق العطاء والتضحية ليضرب النشء , وماذا ملك مجتمع ضرب جيله الصاعد في أساسيات أخلاقهم؟.

في واقع كهذا يصبح صدق العطاء إدانة ويغدو الانحلال الأخلاقي اقصر الطرق إلى الترقي في المناصب والتدرج في سلم الوظائف وليسلم فاجر فاجرة أخرى زمام الأمر والنشء في ضياع مستمر.

إذا كان كل هذا يتم وفقا لمنهج معين ومخطط مدروس فما دورنا وموقفنا نحن الآباء من واقع مزري كهذا ,لا مستثنى من الاتهام إن لم نقف بكل ما نملك رافضين لهذه المهزلة والظلم الواقع على أطفالنا.

لذا وجب على الأهالي والآباء وذوي الطلاب التنبه للأمر ورفض هذا التعميم الفاسد في مدارسنا وإلا كنا شركاء بهذه الفوضى والانحلال الأخلاقي وأصبح أولادنا نقمة على مستقبلنا لا نعمة نعتز بها في الرخاء ونحتمي بهم عند الأزمات وأوقات الشدة.

لا بد من كلمة حق في كل ما يجري حاليا وانتشار الظاهرة لا يعني تسليما بها كواقع بل أرى عكس ذلك حيث يحتم علينا رفضها  وحماية أولادنا من هكذا ضياع وصونا للمجتمع من الوقوع بمستنقع سيجلب لنا الويلات والندم في وقت قد لا ينفع فيه الندم.

دمتم بخير