هل تعتقد أن عادات القبيلة هي قوانين طبيعية
هل تعتقد أن عادات القبيلة هي قوانين طبيعية؟!
سحر أبو ليل
*لم يخطئ برناردو شو، حين قال:"سامحه، فهو يعتقد أن عادات القبيلة هي قوانين طبيعية"، فماذا يفعل العربي حين يجد نفسه في عالم موحش ظالم تكثر فيه مستنقعات الكذب والزور والبهتان؟ ماذا يفعل العربي حين يجد نفسه غارقاً بحفر المظاهر والامتثالية تحت سماء أقنعته نجومها بالبراغماتية والشوفينية المزيفة؟
هل تسامح العربي لأنه يعتقد أن عادات قبيلته النفعية المتعصبة الدوغماتية هي قوانين طبيعية، وإن سامحته حتى متى ستبقى تغفر له جهله بحقوقه وحريته؟ وماذا لو فتحنا كتاب الحقيقة الحياتية، ألن نفجع حين نكتشف أن العربي لا يملك شيئاً، أجل لا يملك شيئا سوى حفنة قروش تكاد تكفيه لشراء قوت يومه وأحيانا لا تكفيه، ولكنه قد يبيع ثيابه حتى يرصد تحركات حلمات هيفاء وهبي صباحا مساءاً، وقد تعطي بعض النساء أساورهن وقلائدهن وكل ما تملكن لطويل لحية يمنحها قطعة قماش تعيد لها زوجها أو ترزقها بطفلٍ من حيث لا تعلم!
فأي ثقافة نملك نحن؟ ومتى يمل العرب من كونهم نعاجاً تُساق خلف السيقان والمتاحف الجسدية والنهود؟ وهل هذا كل ما نملك؟ سِحرٌ وشعوذة وخزعبلات تسكننا؟ كيف نحرر بلادنا ومقدساتنا إن كنا أنفسنا سجناء العادات والتقاليد وأسياد القبيلة؟
كيف تمضي القافلة بنا ونحن نعلق كل كرامة الأمة على أجفان مكحلةٍ ونرمي كل قمامة أفكارنا بين نهدي امرأة ونرشقها بحجارتنا العمياء على كل منطقة في جسد حياتها إذا ما أحبت؟لماذا لا ننهض؟ لماذا يقع العربي ولا يملك الشجاعة الكافية لكسر كل هذه التناقضات؟ أنحن أغبياء لدرجة أن نحمل أوامر موتانا وهم تحت التراب على أكتافنا جيلاً بعد جيل بادعاء الحفاظ على العادات والتقاليد دون التفكر أو التمحيص؟ لماذا يحمل العربي أسفار التقاليد على ظهره وتصوره باقي الشعوب على انه دابة فقيرة ساذجة تفرح بهذا التابو المقدس الذي يفرض كبت الآخر وسلبه رأيه وقلبه وعقله وجسده معا؟
لأننا ببساطة شعب لا يملك سوى أنظمة اوليغاركية غبية وموروثات فكرية تتيح لطيف الولي أن يكسر شبابيك بيوتنا واقتحام حياتنا بكل وقاحة ولأننا من الصعب أن نزيح أسمال أجدادنا الذين واريناهم الثرى بيدينا عن ميدان حاضرنا ومستقبلنا بادعاء " أن من لا ماض له لا حاضر له" حتى لو كان ماضي جدي وجدتي " منيل بستين نيلة" وحتى لو كان الماضي يرفض النقاش ويسمح للآخرين بالتدخل حتى بلون حذائي!
لماذا ترفض قول سقراط" ليس على الأرض إنسان له الحق في أن يملي على الآخر ما يجب أن يؤمن به ويحرمه من حق التفكير كما يهوى ما دام الإنسان على وفاق مع ضميره، وعليه أن يترك الآخرين أحراراً، إذن كيف سنتحرر ومعظم مجتمعنا وليس نصفه كما يدعون..مخنوقٌ صوته، مكسورٌ جناحه، مسجون قلبه في قفص يدعى الخوف من العار، كيف ننهض بأنفسنا ونحن حتى الآن نحمل المرأة مسئولية الأخلاق والشرف وحدها؟؟
نحن وللأسف شعب سادي، يخيفه نجاح الآخر ويفرح بمضغ علكة تحوي تفاصيل حياة الآخر حتى وان بقيت هذه العلكة في أفواهنا أياما، وقد تفسد وتفوح رائحتها في حلقات النميمة كل صباح، وغير مهم هذه الرائحة فهي تثري ثغاء الجارة، وإن أردت أن تريح نفسك فلتذهب لكل الجيران ولتعطهم كل برنامجك اليومي وأطلعهم حتى على لون "غيارك الداخلي" أو ما تخبئ في حمالة صدرك، لكن يا ترى هل تعتقد أن الجارة ستغلق التحقيق وتقيده ضد مجهول؟؟
نحن شعب يترنح من ثمالة الجهل بين الضلوع ونعلق أسباب النجاح والفشل على أثر بخور أم حمدان وأم علي، ونخنق الوعي وحرية التعبير وإن زوجنا الفتاة فإننا نزوجها بادعاء أن هذه سنة الحياة غير أننا نعلم أننا في قرارة أنفسنا أن هدفنا التخلص من مسئولية بناتنا ورغيف خبزهن أو خوفا من ذاك الجسد الذي قد "يخطئ"، ثم لماذا نفرض على أنفسنا مقولة " كل لنفسك والبس للناس"؟
لماذا لا نتغير؟ لماذا لا نتوقف عن تكرار أخطاء من سبقنا؟ ونخرج من قوقعة القيل والقال وعقدة نجاح الآخر؟ لم لا نعطي الثقة لأبنائنا.. ولماذا ندين من يحب؟ فإن كبتنا الحب..ذاك الشعور السامي فبماذا سنختلف عن القردة والحمير والدواب؟
متى نرقى بأفكارنا ومشاعرنا ولو درجة واحدة في سلم الإنسانية؟
عندما نجد ولو أنصاف إجابات ونطلق أنانيتنا وتخلفنا بالثلاثة، وعندما يؤمن الواحد منا بحريته وحقوقه وقناعاته الشخصية ربما نغير ذاك الهواء الفاسد في خابية عروبتنا.. تلك التي عافها النفاق منذ مئات السنين!!