ظاهرة الانشقاق عن الجيش اللبناني

أليس هذا الذي أراده المستنكرون له !؟

زهير سالم*

[email protected]

لا يؤشر خبر الإعلان عن الانشقاق الثالث عن الجيش اللبناني إلى الانشقاق الثالث من حيث عدد الانشقاقات بل ربما يكون عمليا هو الانشقاق الثالث بعد المائة من الانشقاقات المتتابعة التي لم يفضل أصحابها الإعلان عنها بعدُ ، وآثر المغطون على هذه الانشقاقات مداراتها ..

ومع خبر الانشقاق الثالث بدأت الاستنكارات الجاهزة والمعلبة تتساقط علينا تترى ، يتبارى أصحابها بالادعاء والنفاق والتكاذب لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء هذه الانشقاقات . ...

كما بدأ حديث ( الدهان السياسي ) بالتقليل من شأن هذه الانشقاقات وخطورتها ودلالتها وخطورة تداعياتها ...

واستمر بطريقة أخرى رش السكر على حنظل الواقع الطائفي البشع الذي تمارسه قيادة الجيش اللبناني الذي أصبح فصيلا من ميليشيات حزب الله أو تابعا من توابع ( التيار الوطني الحر ) التابع لميشيل عون ( بشار الأسد ) والمؤتمر بأمره في كل صغيرة وكبيرة ..

 إن هذا النوع من السلوك السياسي هو ما نرفض أن ننغمس فيه ، ونحن نعيش الثورة العربية والربيع العربي ، الثورة العربية التي قامت لرفض كل المواضعات التي توارثها المنافقون والمتكاذبون والمداهنون والمنافقون ..

ومع إيماننا بخطورة التناذرات التي تنذر بها عمليات الانشقاق ، ( ومعظم النار من مستصغر الشرر ) كما تقول العرب . نعتقد أن التداعيات الفظيعة التي قد تتبع هذه الانشقاقات خطيرة وهي تثير قلقنا وخوفنا وتدفعنا لنؤكد أنه لا ينفع معها الاستنكار والتنديد ...بل إن التعامل معها بالاستنكار والتنديد هو نوع من الهروب عن تحمل المسئوليات الكاملة لمعالجة الظاهرة وليس لمواجهتها ، ونؤكد أن الفرق بين المعالجة الموضوعية وبين المواجهة الأمنية كبير .

ونؤكد أيضا ، ومع ما نتابعه من إصرار بعض القوى اللبنانية بمن فيها قيادة الجيش اللبناني على سياستها الطائفية المنحازة ، أن حركة الانشقاق عما يسميه اللبنانيون ( جيش أبو الزلف ) قد تأخرت كثيرا ، مع كل المدخلات التي تجعلها اضطرارية ومتنافية مع أبسط مشاعر الانتماء الوطني السليم ، كما مع حق كل المنخرطين في هذا المؤسسة الوطنية بالإحساس بالصحة النفسية و بالكرامة الشخصية . وبأن المشارك فيها يحمي أهله ولا يتحول إلى أداة لقتلهم واستباحتهم والعدوان عليهم . كما حصل مع منتسبي الجيش السوري من قبل.

لا يحتمل مقامنا هذا فتح ذاتية الجيش اللبناني ، وسبر مواقفه منذ خمسينات القرن الماضي وفي كل مراحل الصراع قبل الحرب اللبنانية – اللبنانية وبعدها .

 إن أي متابعة لسياسة قيادة الجيش منذ اندلاع الثورة السورية تؤكد أن هذا الجيش كان الغطاء الرسمي و الشرعي لكل الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات حزب الله على الأرض السورية وعلى الأرض اللبنانية على السواء ..

لم تحاول قيادة الجيش اللبناني ولو مجرد محاولة أن تحمي سيادة لبنان وحدوده فتمنع ( ميليشيات ) لبنانية من اقتحام الحدود ، وتهديد الأمن الوطني اللبناني وليس السوري فقط ..

قيادة الجيش اللبناني التي تتنمر أو تستأسد أو تستذئب هذه الأيام على أطفال ونساء المخيمات من السوريين ومن قبل من الفلسطينيين تبسط أجنحتها ( الملائكية ) على كل من يريد أن يقتل أو يقاتل في سوريا أو أن يعتدي على السوريين مواطنين في ديارهم أو لاجئين عند إخوانهم اللبنانيين ..

لم يسجل لقيادة الجيش اللبناني حادثة واحدة تصرفت فيها عبر تاريخها الطويل ضد غير مسلمي لبنان وحين نقول مسلمي لبنان فإنما نقصد مسلمي طرابلس وعرسال وصيدا وبيروت ..

ودائما كان الجيش اللبناني الذي يداهن بمدحه المداهنون حصان طروادة يختبئ في صفوفه المختبئون ، وينفذ تحت لوائه أجنداتهم الطائفيون والحاقدون والمتعصبون ...

إن الكلم المعسول الذي يتفوه به ساسة ( المواويل والشراويل ) لا يمكن أن يغير من الحقيقة شيئا ، ولا ينفع أن نتعامل مع ظاهرة بهذه الخطورة بطريقة بشار الأسد نفسها ( دعوا الحريق يستطير ويستعر ) ...

ونحن السوريين السوريين واللبنانيين اللبنانيين أولى من يخاف على لبنان وجيشه ومؤسساته وتوازنه واستقراره ...

نحن لا نرى في شرر الانشقاقات عن الجيش اللبناني ، مع تفهمنا لأسبابها ودواعيها ، أمرا هينا ، ولا ظاهرة تعالج بالمزيد من اللامبالاة وبالانغماس أكثر في سياسة الادهان والكذب والنفاق .

( لذي الحلم منذ اليوم تقرع العصا ) كما قالت العرب. وهذه الانشقاقات المنذرة الخطيرة في تداعياتها تقرع العصا بقوة فوق رؤوس السادرين والمسترسلين ...

أنقذوا لبنان ...

بل أنقذوا ما تركت لكم إيران وحسن نصر الله وقيادة الجيش من لبنان حتى لا تضيع البقية وأنتم تضحكون...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية