ليهلك من هلك عن بينة

ويحيى من حيّ عن بينة

كتبه:مرابط

وصلتني هذه الرسالة من رام الله حول الجاسوس المرتد مصعب من رجل يعرفه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين

صدق الله العظيم القائل(إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون)

طالعت ما كُتب في قضية المرتد(مصعب) وحتى لا يتضارب  ما أكتبه مع ما كتبه مَن قبلي، أجعل الموضوع ذا محاور

المحور الأول:من هو مصعب:

من يقرأ خبر ردّة هذا المذكور يظن لأول وهلة أنه من كبار القيادات ،أو الدعاة أو ذوي الأثر وللحقيقة فإنه إنسان (على الهامش) إن صح التعبير ،فلم يُعرف عنه تسلمه لمناصب دعوية ولا قيادية بل إنه كان لا يُرى في المساجد كمصلٍّ إلا نادرا ...

أما عن شخصيته:فقد عرفتُه  منذ صغره بالميوعة والثرثرة والميل للهزل....

وبعد بلوغه بعجرفته وانتفاخه وكأنه يحاكي (الديك الرومي) والعياذ بالله تعالى،مما  يجعل الرابط بين ما ذُكر وما آل إليه أمره سهلا!!

المحور الثاني:بداية السقوط:

ظهرت عدة أمارات تثير وتسترعي الانتباه إلى أن المذكور له صلة وثيقة بالمخابرات الاسرائيلية ولكنّ هذه الرسائل لا يبدو أنها كانت كافية لمن حوله ،أن يؤكدوا عمالته، فمنها على سبيل المثال :أغرى بعض الشباب المتحمس لشراء صفقة سلاح على أن يأتي هو (مصعب) لهم بالسلاح مقابل المال ،وفعلا زود هؤلاء الشباب بأسلحة فاسدة  لا تعمل ولما ناقشه الشباب في ذلك،توصلوا إلى إرجاع السلاح إلى المصدر واستيفاء ثمنه وهذا ما صار إلا أن المدعو (مصعب )أخذ في المماطلة فأرجع بعض المبلغ ،ومن ثم تمّ إلقاء القبض على مجموعة الشباب  من قبل المخابرات الاسرائيلية  ومن بينهم مصعب  وحُكم عليهم بأحكام بالسجن عالية وخرج مصعب من القضية (كالشعر من العجين)فلماذا؟؟؟

يروي أحد الشباب الثقات أنه اعتقل لدى اليهود وكان هو ومن معه من الشباب على رؤوسهم أكياس  تحجب الرؤيا (وهو أسلوب معتاد عند المخابرات الإسرائيلية وغيرها)فيقول الشاب ومن حسن طالعي أن الكيس الذي كان على رأسي كان فيه خرق أرى فيه بعض الشيء ...

فيقول فنظرت إلى رجال المخابرات وهو يجولون ذهابا وإيابا فنظرت من خلال الخرق فرأيت فإذا أحد الشباب يختلف لباسه عن لباس المخابرات وهو يجول معهم، ويأكل التفاح، فدققت النظر فإذا هو (مصعب) فيقول :فصُدمت لذلك وبعثتُ برسالة إلى الحركة في الخارج وإلى الشيخ حسن يوسف أخبره ما رأيت ،فكان بعد ذلك بعض التحفظ على مصعب ،لكنه لم يكن بمستوى التهمة التي علقت به!!!

ويروي بعض الشباب أن المدعو مصعب كان يحرض بعض الشباب على تعليق( البوسترات) ليتوصل إلى معرفة من يقوم بهذه الاعمال ،ليبلغ بدوره المخابرات الإسرائيلية.

ويروي شباب مدينة الخليل أنّ المذكور اعتقل معهم، فكانت له تصرفات لا أخلاقية مما حدا بهم إلى إرسال رسالة داخلية إلى قسم معتقلي رام الله أن مصعب إنسان ساقط أخلاقيا ،فإما أن تطلبوا نقله إليكم وإما أن نقوم بردعه، وما يمنعنا من ذلك إلا احترام قدر أبيه الشيخ حسن يوسف وفعلا جرى نقله إلى قسم معتقلي رام الله فكان يحافظ على مطالعة القصص بالانجليزية وأدبها بل ويحفظ عددا كبيرا من الكلمات يوميا وعندما سئل عن ذلك قال :هذا ينفعني في دراستي في الجامعة.....

المحور الثالث:لا يلدغ المؤمن  من جحر واحد مرتين :ثم إن المذكور التحق بمؤسسة فرنسية تبشيريّة كان يدّعي أنه يتلقى تعليمه فيها  فكان يحافظ على قراءة الإنجيل علنا.......وهنا نسدل الستار عما جرى معه في هذه المرحلة الغامضة والتي تبيّن فيما بعد أنه سقط في أحضان الرذيلة  الفرنسية  مما زاد تعلقه بهم ولكن......ورغم ذلك في انتخابات المجلس التشريعي لسنة:2006 وكان  الشيخ حسن يوسف إبّانها رهن الاعتقال لدى اليهود كان (مصعب )يدير مكتب والده في رام الله ،بل كان يتدخل في  أحرج المسائل ،إذ يروي بعض الشباب المطلعين أنه كان يؤثّر على والده من داخل السجن في خوض الانتخابات التشريعية  ،بل استطاع بمكره أن يزرع إسفينا بين الحركة ووالده في هذا الشأن....

المحور الرابع:العبر المستفادة للحركة الاسلامية من هذه الحادثة :

إن الحركة الإسلامية في فلسطين كأي حركة من الحركات الثورية والتحررية التي قد تخترق من قبل أعدائها ،وأحيانا تأتي المصيبة والكارثة من أخص الناس فيها ونعني بهذا :

أنَّ إيكال  المهمات الكثيرة لشخص واحد قد يضر بالحركة ،وقد يجعل من الصعوبة بمكان أن يقوم هذا العنصر بكل ما يوكل إليه بشفافية وتجرد....

فمن المعروف لدى الناس ولدى العدو أن الشيخ حسن يوسف من القيادات البارزة،وقد مرت فترة كبيرة على  الشيخ  كان لا  يكاد يستطيع(حكّ رأسه)من المقابلات الصحفية المحلية والإسرائيلية والأوروبية ،بمعنى أنه لم يكن ليفطن لما يجري حوله وفي عقر داره وما يخطط له...

إنّ الحركة الإسلامية قد وقعت في خطأ كبير ،ولا بد من الاعتراف به ،ولا يجوز التغاضي عنه وهو:عدم الحرص إلى (حدّ ما)  على نوعية عناصرها من حيث الخبرة والتجربة والصلاح وكانت الحركة تستشهد بالقول الفقهي الذي مؤداه (أن الاقوى هو المقدم على الاصلح والاورع) وهو قول فيه من الحق الكثير بيد أن الرقابة لا بدّ أن تظل حادي الحركة في جلّ عناصرها وفي مراحل نموها.

ولقد وقعت الحركة  في الخطأ في تقديرها في كثير من الأشخاص الذين  دخلوا في سلكها الدعوي أو العسكري ثم قلبوا لها ظهر المجن فيما بعد ،إذ تبين أن هؤلاء الأشخاص نفعيون أصحاب مصالح ونزوات،لا يستحقون الاحترام ولا ما أوكلوا به ، إنهم لم يُسيئوا للحركة الإسلامية فحسب بل للدين بشكل عام أمثال قاضي قضاة فلسطين (التميمي).

وللحقيقة وفي غياب أكثر القيادات في غياهب السجون ومرورهم بامتحان تلو امتحان من اعتقال وإبعاد واغتيال...  وعذابات، وإكمال هذا المسلسل على يد حكومة السفلة المرتزقة(سلطة دايتون)فإن الحركة فقدت كثيرا من عنفوانها وشدتها وأضحى  ربان السفينة في بعض المراحل من عديمي أو قليلي الخبرة فتجد التجاوزات التي تسيء إلى مجموع الحركة وإن كان هذا الامر فيه تباين بين محافظة وأخرى.

ثم لا نغفل أن خوض المعترك السياسي والتعمق فيه أثمر  الجفاء والبعد عن الانتماء للدين  بشكل أساسي حيث أصبحت الجماعة والحركة وكأنها المعوّل عليه قبل الدين ،ومرجع ذلك إلى هجر التربية والسلوك الذي هو الركن الركين للحركة الاسلامية التي يجب أن تعيد صياغته من جديد وتؤسس لمدارسه التي درست.

وأخيرا وفي مشهد مؤثر حزين (لا على الهالك مصعب )وإنما على والدته وإخوته وأخواته قام وفد من المجلس التشريعي (كتلة الاصلاح والتغيير)

بزيارة مواساة ومؤازرة إلى بيت الشيخ حسن يوسف ،ولمّا تبادلوا الحديث مع والدته (أعانها الله) أجهشت بالبكاء وأبكت الرجال الحاضرين وهي تصدح بكلمات المؤمنة الصابرة :نعم أصررت على الاتصال مع مصعب بعد إعلان ردته عسى أن يهديه الله تعالى ولكن بعد أن أعلن وقاحته وارتباطه بالعدو فإنني أشعر وكأنّ ما كان له في قلبي من عاطفة وحبّ كأنها  قطعة لحم مزّقتها من قلبي وها أنا أرميها ( أعزكم الله) للكلاب... فلا مجال للعطف على إنسان باع دينه وخان أهله ووطنه وحسبنا الله ونعم الوكيل.اه بتصرف عن والدته.

 (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)