استطلاع عشوائي يرجح الاستعمار القديم
استطلاع عشوائي يرجح الاستعمار القديم
على الأنظمة العربية أسبابه ومدلولاته
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
قد يقول البعض أو الكثير من العرب أن النسبة التي ظهرت على الجزيرة في برنامج الإتجاه المعاكس في أن 68% من الشعب العربي يفضلو ن الإستعمار القديم على الأنظمة العربية الحالية مقارنة ب 32% لايفضلون ذلك .
هنا لابد من طرح بعض الأسئلة المنطقية حول الموضوع :
هل أن الإستعمار القديم حمل إلينا العدل ؟
وهل كان القضاء مستقلا عن السلطة التشريعية والتنفيذية ؟
والأنظمة العربية وعلى الأخص التي سمت نفسها بالأنظمة الثورية نسألها نفس السؤالين :
هل الأنظمة تلك عدلت أكثر من الإستعمار ,والقضاء مستقلا عن السلطات؟
المهم في الموضوع لنبحث عن الذات أولا وبعدها نقول للذين تحاورا ماذا نريد .
فالإستعمار والذي يطلق عليه البعض استحمار ظهر عند مقارنته بواقع الحكام العرب رجل رحيم رقيق يملك من الإنسانية والشعور الوجداني أكثر بكثير مقارنة مع حكامنا وأنظمتنا .
فعندما ظهرت فضائح سجن أبو غريب في العراق أول من دافع عن الأمريكان رئيس العراق عندما علق على تلك الأمور بقوله :إن ماحصل بسجن أبو غريب لايقارن بما حصل ويحصل عند الأنظمة العربية .
وكما قال الليبي في دفاعه عن الإستعمار إن رفعت أسد في ليلة واحدة قتل من السوريين أكثر مما قتل الفرنسيون .
ولو تابعنا تلك المقارنات لوصل بنا الحال إلى أرقام مخيفة من القتل المنفذ بأيدي الأنظمة يفوق بالأضعاف مارتكبه الإستعمار ومنهم إسرائيل .
فالذين قتلوا في لبنان وفي الأردن وبأيدي جيوش عربية وأسلحة عربية من الفلسطينيين يفوق ماقتله الصهاينة من الفلسطينيين .
في العراق القتل وسفك الدماء من الإستعمار ومن النظام ومن جميع الأطراف .
في سورية القتل وتشريد عشرات الآلاف وقتل عشرات الآلاف بأيدي النظام مع أن الذين قتلوا في حرب ال67 وسقوط الجولان هو165 شهيد .
المحاور الجزائري يلعن الإستعمار ولا يريده ويقول الأنظمة مستبدة فما الحل .
الحل عند المعارض الفرنسي بالدبابات الإستعمارية .
تجول احد البريطانيين على شاطيء النيل بالقاهرة ووجد رجلا يعزف على الربابة ويغني أغنية حزينة يلخصها من يأتي له بحبيبته , فقال للمترجم الذي معه ماذا يقول ذلك الرجل فقال له يقول أنه متلهف على لقاء الحبيبة ويطلب المساعدة من الناس لكي يحضروها له .
فعلق الإنكليزي على ذلك وقال هذا الشعب من السهل احتلاله ,لأنه يطلب من الناس وليس هو من يقوم بالفعل .
عندما أراد العرب التخلص من السيطرة العثمانية , استعانوا بالفرنسيين والبريطانيين وتحرروا من العثمانيين , وسلموا البلاد للإستعمار القديم . مع أن الصهيونية حاولت بشتى الوسائل الحصول على فلسطين من العثمانيين وباءت كل محاولاتهم بالفشل .
ولكن الإستعمار الفرنسي والبريطاني جاء بوعد بلفور وسايكس بيكو وتقسيم العرب لدويلات متناهية في الصغر تحتاج مجهرا ألكترونيا حتى ترى.
فقد ملّ العرب من العثمانيين والذي يسمى بأدبياتهم الإستعمار أو الإحتلال العثماني فأحبوا التغيير لفرنسا ببريطانيا وعندما ملوا منهم قالوا نحكم انفسنا بنفسنا , حكم الشعب بالشعب في انتخاب ابن الشعب .فكانت الثورة المباركة في مصر وهديتها كانت فصل إقليم السودان عن إقليم مصر لأن الإقليمين مساحتهم كبيرة ولا تفيد في هذا العصر والذي يتبع قانون الإصلاح الزراعي (المبني على تفكيك الملكية )
وتمت الوحدة بين بر الشام وبر ومصر وفاجأنا بعثيو سورية بالإنفصال فمصر دولة مستعمرة وعبد الناصر أرسل جيوشه لليمن وترك االجبهة المصرية عارية ليقول للصهاينة سوف أرميكم في البحر من وراء تحرير اليمن .
وفي خمسة أيام 25000 ألف جندي مصري سقطوا في سيناء والقائد الفز في مكتبه يتصل مع قادة السوفييت للحصول على السلاح ولا يعلم أن الطريق مفتوح للصهاينة إلى مكتبه المعتزل فيه .
وفي سورية, الجولان يسقط بدون حرب والبيان صدر بالتسليم فهو تغيير لابد منه لكي لايتهمون بالرجعية .
في الحرب مع إيران والعراق وقفت الدول العربية مع العراق , وانتهت المعركة .
وكان عربون النصر هذا احتلال الكويت وتدمير العراق والحصار وأخيرا الإحتلال (فهو تغيير وتطور وتقدم ولتسقط الرجعية أينما وجدت ) .
علماء السياسة ومفكروها وصلوا لنتيجة مفادها :
أن الأنظمة الإستبدادية لايمكن إسقاطها إلا بطريقة واحدة من ثلاث :
(عدو خارجي يسقط النظام كما حصل في ألمانيا والعراق حاليا, أو انتفاضة شعبية عارمة تطيح بالنظام , أو يترك النظام الحكم وهذا لايقع إلا إذا انقلب النظام على نفسه ليحل مكانه نظام أسوأ من الذي قبله ) .
خلاصة القول هو :
الإستعمار والأنظمة الحاكمة سلسلة مستمرة في الطغيان الفارق الوحيد بينهما هو الطغيان والظلم والإستعباد ذاك قد يكون لونه أبيض وذك قد يكون لونه أسمر أو أشقر حتى... لكنه يقول أنا عربي ولا أخجل بيدي أحمل قبضة المنجل .
لماذا دائما نريد ولا نفعل مانريد , نعتمد على الغير في التجديد وهو العدو اللدود لنا من قريب أو بعيد .
إذا كنا غير قادرين على الإصلاح والتخلص من الفساد والمفسدين فلا ضير في بقائهم بغض النظر من هم . لأننا شعب لايستحق الحياة إلا كالعبيد .
ولكن عندما نجد في نفوسنا العزة والكرامة وأننا أحرارا ولسنا بعبيد, لن نحتاج وقتها للعون من عدو لنا على عدو لنا فما الفارق بين الإثنين إلا اللهم هذا:
تغيير الوجوه وتغيير في الأسلوب .