ارحمونا
(من يوميات امرأة محاصرة)
سما حسن-فلسطين
مرت علينا أربع وعشرون ساعة بلا كهرباء، كان الموت يرقص في بيتي الصغير، لا هو يأخذنا إلى العالم الأبدي ولا هو يتوقف عن الرقص ويغادر، البرد ينتشر في كل مكان، كل الحياة معطلة
لا ماء ساخن
لا أجهزة تدفئة
لا طريقة لاعداد الطعام وسط الظلام الذي يحل مبكرا في ليالي وأيام الشتاء.
مطبخي الصغير يظلم في النهار لأن نافذته صغيرة، وفي حال فكرت بفتحها فهي ستطل على بيت الجيران، وسوف يصبح هناك بث مشترك بيننا.
الماء البارد أصابني بحالة من الشلل في يديي، لم أعد أحتمل غسل الأطباق والأواني فتراكمت في حوض المطبخ.
تعرضت لموجة من البرد جعلتني اشعر بآلام المغص الكلوي تتجدد وبضراوة، وجعلتني أصرخ بلا توقف وكأنني أمر بحالة من الهستيريا،
ابني الصغي يتكور في فراشه بلا حراك ولم يرد سوى عبارة: بدي أموووووووووووووووووووت
أي حياة تلك التي نحيا في غزة؟
اخبروني إلى متى؟
لعنت كل العالم الصامت المتفرج على حالنا
ألسنا بشرا مثلكم؟؟
العرب الذين يتفرجون علينا
اسرائيل التي تحاصرنا
حماس التي سادت وسيطرت على حسابنا
وفي النهاية تقول لنا: هذا ابتلاء
أي ابتلاء هذا ونحن من جنينا على أنفسنا؟؟
أخبروني يا قادة
يا حكام
يا كبار
يا مسئولين
يا خائفين على الكراسي
كيف ستقفون في مشهد يوم عظيم حين تسألون عن جاري الذي فارق الحياة لأنه مات بردا، نعم العجوز كان مصابا بشلل نصفي، ولم يحتمل البرد فظل يرتعد لساعات بلا توقف ثم فارق الحياة.
عليكم اللعنة.
اصب عليكم لعناتي.
ولعنات كل المقهورين في غزة
على صمتكم
وعلى جبنكم
وعلى تلذذكم بمشهدنا
ألسنا بشرا ؟
اخبروني؟
لعل امهاتنا حملت بنا خمسة أشهر وحملت بكم أمهاتكم بتسع
أخبروني
لو كان الامر كذلك فنحن نستحق ما يحدث لنا
الموت يرقص في كل مكان
اراه حولي
ولا أرى غيره
من يرحمنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انه نداء لمن يسمع؟؟؟؟؟؟؟