العيوب الزوجية

وفن التناصح بين الزوجين

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

ما العيب الزوجي ؟

بعد أن تعرفنا على الخطأ وكيفية احتوائه وفنون التعامل معه ، يأتى دور العيب ، والعيب فى مجمله هو الخطأ المتكرر ، فإذا كان من شروط الخطأ أنه هفوة لا تتكرر ، فالعيب هو الخطأ الذى يتكرر مراراً ، دون إرصاد أو ترصد أو تربص , وإذا كنا قد اتفقنا أن التعامل الناجح مع الخطأ هو في تجاهله , فقد اتفق الخبراء والمتخصصون , أنه لا مجال في التعامل مع العيوب الزوجية وإصلاحها إلا بالتناصح :

 فما النصيحة ؟

 وما فنون التناصح ؟

 وما نتائج التناصح ؟

وما الذي نصل إليه من التناصح فى علاج العيوب الزوجية ؟

معنى النصيحة :

النصيحة خلق ربانى ، يفتت العيوب ، ويزيل آثارها تماماً ، عن تميم بن أوس الدارى , أن النبى صلى الله عليه وسلم , قال : [ الدين النصيحة

( ثلاثاً ) ] ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ ، قال : [ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ] .

وقيل فى معناها : ( نصحت العسل : أى خلّصته من الشمع , ونصحت له المحبة إذا أخلصت له المحبة ( .

فالنصيحة إذن بين الزوجين : ( هى إرادة الخير , بحب وإخلاص , للمنصوح ) ، وإلا كانت نصيحة كاذبة ,  كقول إخوة يوسف لأبيهم , فى قوله تعالى  : { قالوا يا آبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون } يوسف : 11 .

وفى قول الله على لسان إبليس , للزوجين آدم وحواء : { وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور } الأعراف : 21 .

ولذلك فالحكمة فى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكررها ثلاثاً ، لينتبه كل منا على خطورة النصح ، فلا يتهاون أحد الزوجين فى النصح إذا رأى عيباً فى الطرف الآخر ، حتى نسد مؤامرات الشيطان ، ذلك العدو المتربص بكل زوجين .

ـ فهل أنت مستعد ( مستعدة ) للنصح عند رؤية عيب الطرف الآخر ؟

ـ وهل أنت مستعد ( مستعدة ) لتقبل النصح من الطرف الآخر؟

ـ وهل أنت مستعد ( مستعدة ) ألا تظن ظناً سيئاً بحديث الطرف الآخر ؟

فنون التناصح بين الزوجين :

للنصيحة فنون عامة مثل : ( أن تكون سراً ، ومخلصة ، مع حسن الظن والخشية من الله ) :

-   فمن قول الشافعي : ( من نصح أخاه سراً فقد نصحه , ومن نصح أخاه علانية فقد فضحه ) , فهل نريد بيننا النصيحة أم الفضيحة ؟

-   وكان طلحة بن عبد الرحمن بن عوف من أجود الناس , فقالت له يوماً زوجته : ما رأيت قوماً ألام من إخوانك , فقال لها : مه مه ولم ذلك ؟ , قالت : أراهم إذا أيسرت لزموك , وإذا أعسرت تركوك , فقال لها : ( والله من كرم أخلاقهم , يأتوننا في في حال قدرتنا على إكرامهم , ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم ) , فتأمل : كيف تأول طلحة صنع إخوانه معه .

وقد اتفق العلماء من السلف , على قولهم : ( أنصح الناس لك , من خاف الله فيك )  .

 ومع هذه الفنون العامة وسحر العمل بها , فإن النصيحة بين الزوجين , لها مذاق آخر , وآدب آخر , ولون آخر ، لأنها تقوم على المودة والرحمة , اللذين هما من عطايا وهدايا الله الخاصة لكل زوجين , فإن كانت بين الناس لها فنون عامة , فهي بين الزوجين لها فنون عامة وخاصة .

ولذلك فمن فنون التناصح الخاصة بين الزوجين :

1- فن التركيز :

التركيز على سبب الخلاف ، وهو هنا العيب ، الذى ظهر على الطرف الآخر ، ولا داعى لذكر عيوب سابقة قد انتهت ، أو التكهن بمستقبل أسود ينتظره نتيجة تكرار هذا الخطأ ، مما يجعله عيباً قد التصق به ، لايمكن التعامل معه أو إزالته , مما يجبر أحد الزوجين إلى قوله : ( هذا عيبي , ولن أتخلص منه ) .

والتركيز يساعد على الوصول إلى نتيجة فى التعامل مع العيب , مما يفتت العيب أو يقلل منه , أو يحتويه , وبالتالى يعمل على إغلاق الملفات المفتوحة بين الزوجين , والتى هى السبب فى تفاقم الخلاف , إلى حد يصعب علاجه ؟ , وهذا سر قول بعض الأزواج : ( وصلنا إلى طريق مسدود ) , مع رحابة واتساع طرق كثيرة , وليس طريقاً واحداً ! .

2- فن المساعدة :

وأعنى بفن المساعدة ، هو تهيئة المناخ المناسب لاحتواء أو اختفاء أو التخفيف من عيب الطرف الآخر ، فلا لايعقل بحال من الأحوال أن يعمل أحد الزوجين على ازدياد هوة الخلاف , وتعميق العيب , بل يساعد ويعاون ويؤازر وشعاره : ( لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم ) , فما بالكم بحبيب العمر وشريك الزمان ! .

بهذه التهيئة يستطيع الزوجان أن يصلا إلى نتيجة حميدة فى التعامل مع العيب ، فقد يكون العيب هفوة , وتكرارها يحتاج إلى مساعدة صغيرة ، وهذه أمثلة لمشكلات صنعها الزوجان من عيوب صغيرة , كان يمكن تلافيها :

ـ طريقة وضع الدجاج على الطبق

ـ غلق معجون الأسنان بعد استخدامه

ـ نسيان تغيير الصابونة بعد ذوبانها

ـ بسط الفراش وطريقة طيه

ـ حول حياة الأبناء وأسلوب مذاكرتهم

- حول أحلام ومستقبل الحياة الزوجية

ـ حول كيفية تحقيق طموحات الزوجين

ولذلك فالمساعدة بتهيئة مناخ مناسب ومساعد يعنى :

أولاً : التأنى قبل إصدار أحكام لا تزول , مثل : ( مهمل – ثرثارة – غير مرتب – غير نظيفة – فوضوي – لا تتجاوب – وغير ذلك ) .

ثانياً : الحوار الهادئ , خير علاج , للجرح أن يلتئم , والابتعاد عن هذه الفاجعات : ( الانفعال – والغضب – والصراخ – والصياح – والتهديد – والاتهام – وغير ذلك ) .

ثالثاً : الكلام الطيب الدافع المحفز والمشجع , مثل : ( في الإمكان تجاوز هذا العيب – كم تعلمنا منكم – لكم قدرات هائلة – وغير ذلك ) .

رابعاً : التعامل مع العيب وليس الشخص , حيث لا لوم أو عتاب أو إهانة أو تقليل من الشأن أو إضفاء صفات سلبية على شخص الآخر ...

خامساً : عدم المغالاة فى الخوض المستقبلى للعيب وآثاره الغيبية , مثل : إن كان يحدث الآن منكم ذلك , فماذا تصنعون في المستقبل ؟ .

3- فنون التنفيذ :

السؤال الدائر دائماً :

 هل تستطيع الزوجة أن تصلح من عيوب زوجها ؟! .

كما تبين لنا أن الخطوة الأولى , في احتواء المشكلات فى خلافاتنا ، هي فن التعامل مع الخطأ ، كذلك يكون من السهل إصلاح عيوب الزوجين ، إذا اتبعنا طريق النصح ، بفنونه السابقة ، ولكن حين التنفيذ تكون هناك فنون عملية , وممارسات واقعية , يستطيع الزوجان بها تجاوز العيب إلى غير رجعة !! , وهو مجال حديثنا القادم إن شاء الله تعالى .