مأساتنا في البوسنة
قضايا إسلامية
مأساتنا في البوسنة
محمد هيثم عياش
تتعرض الحكومة البوسنوية حاليا لضغوط قوية من الاتحاد الاروبي وحلف شمال الاطلسي / الناتو / ومعهم الولايات المتحدة الامريكية تكمن في ترحيل المجاهدين العرب الذين دافعوا عن البوسنة أثناء حرب التطهير الديني الذي شنها الصرب والكروات على مسلمي البوسنة .
ربما تعرفون بأن الحرب التي وفعت في البلقان بداية التسعينات كانت امتدادا للنظام العالمي الجديد الذي أعلنه الرئيس الامريكي جورج بوش / الأب / وربما تعرفون ايضا أنها كانت حربا دينية قحة فالخلاف بين الكاثوليك المدعومين من اوروبا الغربية والارتودكس من اوروبا الشرقية قديمة منذ نشأة المسيحية بل تعود الى اعوام 350 ميلادية عندما اعتنق القيصر البيزنطي قسطنطين الكبير مذهب الملكانية / الكاثوليك / بعد مؤتمر الطوائف المسيحية الذي كان القيصر المذكور وراء انعقاده ، كما كانت الحرب بين صربيا وكرواتيا من أجل البوسنة فصربيا / الارتودكسية / كانت تطمع بصربيا الكبرى وكرواتيا / الكاثوليكية / بكرواتيا الكبرى . لقد حاولت حكومة البوسنة أثناء الحرب بين صربيا وكرواتيا أن تقف على الحياد الا أن همجية الصرب كانت وراء اندلاع الحرب في تلك الدولة القابعة بين الدولتين اللدودتين ، الأمر الذي دفع بحكومة الرئيس علي عزت بيكوفيتش رحمه الله اتخاذ قرار الدفاع عن النفس واعلان استقالها عن يوغوسلافيا الاتحادية .
رحم الله أستاذنا أبا بكر / بيغوفيتش/ ومن لا يعرف بيغوفيتش يجهل الكثير عن جهود الحركة الاسلامية التي وقفت ثابتة البنان ضد الشيوعية وساهمت بشكل كبير بإعادة البوسنويين الى الاسلام من جديد ، كانت الحرب التي وقعت في البوسنة بمثابة درس للمسلمين بضرورة العودة الى دينهم من جديد ، كان معظم مسلمي البوسنة قد نسوا دينهم وكانت الاباحة الجنسية وشذوذ الاخلاق السائدة بهم الا أنهم وبالرغم من ذلك فانهم فخورون بإسلامهم ، لقد بذل الكروات والصرب جهودهم بإذلال مسلمي البلقان فكانت المناطق الآهلة بالمسلمين أكثر مناطق البلقان فقرا وتخلفا ، واستطاع أستاذنا أبو بكر رحمه الله واعضاء حزب العمال الاسلامي تحسين وضع شعبهم بعض الشيء ، كنتَ اذا ذهبت الى سراييفو تشعر بنفسك وكأنكَ في القاهرة أو دمشق واستانبول ، ولا يوجد بقعة من بقاع البوسنة الا ورويت من دماء المسلمين الذين دافعوا عنها وخاصة من قبل المجاهدين العرب ولولا دفاع هؤلاء عن العاصمة سراييفو / ومعناها باللغة العربية القلعة / أثناء الحرب لأصبحت هذه العاصمة تابعة لصربيا . وأثناء الحرب والحصار كنت ضمن الوفد الصحافي الذي صحب الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران الذي غامر وسافر الى تلك المدينة ، وأكد ميتران وقتها بأن اوروبا لن توافق على قيام دولة اسلامية في قلب اوروبا الا أن على الاورويين وقف هذه المذبحة . وكان ضمن شروط اتفاقيات دايتون التي أقرت تقسيم البوسنة الى منطقتين صربية وكرواتية اسلامية ترحيل المجاهدين العرب ، ورفض بيغوفيتش رحمه الله هذه الشروط وعاد الى سراييفو مغموما ، واستطعنا إقناعه اثناء اجتماعنا معه للخروج من تلك الشروط إعطاء المسلمين العرب وغيرهم الذين دافعوا عن البوسنة الجنسية البوسنوية . صدقوننا بأن الذين دافعوا عن البوسنة وحاربوا الروس في أفغانستان ليس لهم علاقة بتنظيم القاعدة ، فالاستاذ عبد الله عزام رحمه الله لم يكن من ذلك التنظيم ، كما ان بيغوقيتس وحارث سيلايتش وايوب جانيتش وغيرهم من قادة الحركة الاسلامية في البوسنة والبلقان لم يكونوا أعضاء في الفاعدة . الا أن الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية يعانون من هيستيريا الخوف من الاسلام وكلمة الجهاد ، فاذا ما ذكرت هذه الكلمة أحدثوا في ثيابهم .
والسؤال يبقى حول مصير هؤلاء المساكين الذين إن ذهبوا الى بلادهم فإن السجن مصيرهم اذ ان حكومات بلادهم تؤيد الغرب في سياسته ضد الحركات الاسلامية . هل تعلمون بأن الاسلام قديم في البوسنة وهو أقدم من وصول المسلمين العثمانيين اليها ؟ والشاهد على ذلك مدينة تراونيك التي تقع على بُعْد يصل الى حوالي 15 كلم عن مدينة زينيتسه فقد كانت هذه المدينة مدينة رباط منذ زمن الامويين ، وتقول الروايات التاريخية بأن القائد مسلمة بن عبد الملك رحمه الله عندما عجز عن فتح القسطنطينة /استانبول / أبحر شمالا حتى وصل الى تلك البقاع ، ويقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية حول أحداث القرن السابع للهجرة ان ملك البغار دخل دمشق في طريقه الى الحج اذ أكد هذا الملك حاجة اهل البلقان الى من يفقههم في الدين .